نمط مقاومة فلسطيني جديد
شن المقاومون الفلسطينيون عملية عسكرية ضد الاحتلال الصهيوني بتاريخ 23 آب (أغسطس) فقتلوا مجندة صهيونية وأصابوا جنديين أو مستوطنين اثنين بجراح خطيرة. كانت العملية ناجحة، وتمكن الذين نفذوا العملية من الاختفاء، وشرع جيش الصهاينة في البحث عنهم.
عملية مختلفة عن سابقاتها
حسب وصف المعلقين الصهاينة من عسكر وإعلاميين؛ العملية كانت مختلفة في أدائها عن العملية السابقة، وهي تنذر بعمليات أخرى يمكن أن تكون مكلفة للجيش الصهيوني والمستوطنين على حد سواء.
اعتاد الفلسطينيون في السنوات الأخيرة استعمال السلاح الأبيض من سكاكين وعمليات دهس بالسيارات، واستعمال أسلحة نارية رشاشة ضد أعدائهم، ولم تكن أغلب العمليات ناجحة، وكان يتمكن الاحتلال في أغلب الحالات من القضاء على المهاجم الفلسطيني أو اعتقاله.
هذه العملية مختلفة لأنها تمت بعبوة متفجرة ليس من المعروف حتى الآن كيف تم زرعها وتفجيرها. التحقيقات الصهيونية ما زالت جارية حتى الآن، وتقول المعلومات الأولية إنه تم إلقاء العبوة المتفجرة من سيارة مسرعة مرت بالقرب من مستوطنة دوليف الواقعة غرب مدينة رام الله.
تجهيز عبوة متفجرة يتطلب معرفة تقنية في كيفية تصنيعها، وكيفية تفجيرها عند زرعها أو إلقائها. أي أن الذي ألقاها توفرت لديه معرفة حصل عليها بالمشاهدة والتجربة العملية، وهو يستطيع تصنيع نسخ منها، وتدريب آخرين على صناعتها. وإذا حصل هذا بالفعل فإن نموذج العبوات المزروعة على جانب الطريق أو تحت الأرض أو في ثمار البطيخ والشمام والموز وغير ذلك سيتكرر في فلسطين. وبهذا يمكن أن يتحول بقاء الاحتلال في الضفة الغربية إلى عبء ثقيل لا يستطيع جيش الصهاينة تحمله أو الاستمرار في مواجهته.
من الوارد أن تصبح تكلفة احتلال الضفة الغربية أكبر بكثير من الفوائد التي يجنيها. الاحتلال مرتاح الآن لأنه أقل احتلال تكلفة في التاريخ بسبب قيام السلطة الفلسطينية بالعديد من الأعباء نيابة عن الاحتلال. لكن الأمور ستنقلب إذا نشطت المقاومة بطريقة تتغلب فيها على إجراءات السلطة الفلسطينية الأمنية المناهضة للمقاومة.
وبما أن العبوة تطلبت علما ومعرفة فإنه من المتوقع أن الهجوم كان بفعل تنظيم وليس مجرد مبادرة فردية. لا نستطيع القطع بأنها لم تكن فردية، لكن الاحتمال وارد أن تنظيما ما مثل حماس والجهاد الإسلامي قد قرر تفعيل المقاومة ضد الاحتلال، وبدأ فعلا بتطوير كوادر تنظيمية تتمتع بقدرة على إلحاق الأذى بالاحتلال.
وإذا كانت تنظيمية، أي من فعل تنظيم فإننا نتوقع استمرارية العمليات العسكرية بطريقة منهجية وفعالة. الأعمال الفردية لم تكن تتم وفق خطة مدروسة، وإنما كانت تتم وفق تدبير كل فرد على حدة وبينه وبين نفسه. أما الأعمال التنظيمية فتتميز بوجود قيادة وإمكانات مادية وتقنية وطاقم استطلاع وفحص وتدقيق، الخ.
مخاطر الاختراق الأمني
لكن هناك مشكلة في العمل التنظيمي في فلسطين؛ وهي الخروقات الأمنية التي تمكنت المخابرات الإسرائيلية من تحقيقها في صفوف التنظيمات.
عبر السنين ومنذ عام 1967، تمكنت “إسرائيل” من مواجهة المقاومة الفلسطينية بكفاءة عالية بسبب تسلل الجواسيس والعملاء بصورة واضحة إلى الفصائل الفلسطينية وتزويد الصهاينة بكم هائل من المعلومات حول القيادات والأفراد والمقارّ والأساليب التنظيمية والتدريبات العسكرية وأنواع الأسلحة والمتفجرات، العديد من نوايا القيام بعمليات عسكرية ضد الاحتلال كانت لا تخرج عن حيز النوايا لأن المخابرات الصهيونية كانت ترصد وتقضي على النوايا وأصحابها في مهدها.
ولهذا كانت العمليات العسكرية الناجحة التي نفذتها فصائل المقاومة خلال أعوام 1967 حتى عام 1982 محدودة جدا ولا تليق بمن كانوا يحملون شعار الثورة. شكلت الخروقات الأمنية خطرا كبيرا على الشعب الفلسطيني ومكنت الاحتلال من إحكام سيطرته على الأرض والناس في آن واحد.
العمل الفردي أكثر تحصينا من الناحية الأمنية لكنه أقل كفاءة واستمرارية. ولهذا لم تكن الأجهزة الأمنية الصهيونية والفلسطينية قادرة على اكتشاف منفذي العمليات التي كانت تتم بالسلاح الأبيض قبل حصولها. أما في حالة التنظيم، فإنه بإمكان الأجهزة الأمنية المعادية اكتشاف أسرار التنظيم والنوايا قبل أن تتم القيام بالعمليات. الخروقات الأمنية تعني وجود عناصر تزود المخابرات الصهيونية بالمعلومات، وقد تكون هذه العناصر قيادات في التنظيم أو مدربين ومخططين أو مجرد عناصر عاديين لا مهام إدارية وتنظيمية تشغلهم.
وعليه فإنه إذا كانت عملية دوليف تنظيمية فإن المهمة الأولى أمام التنظيم تنظيف صفوفه من العملاء والجواسيس، وأخذ كافة الاحتياطات التقنية لمواجهة التجسس الإليكتروني الصهيوني على الشعب الفلسطيني. التقنية الحديثة تتمكن من جمع المعلومات، لكن الجواسيس بين الصفوف هم الأكثر خطرا. هناك معايير أمنية مشددة يمكن الإفادة منها، ومن الممكن الإفادة من تجارب الآخرين الذين أثبتوا كفاءة في التحصين الأمني.
المصدر: عربي21
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات
انتفاضة الجامعات الأمريكية.. انكشاف زيف الديمقراطية وتهاوي سردية الاحتلال
نيويورك - المركز الفلسطيني للإعلام يبدو أن الحراك في الجامعات الأمريكية الداعي لوقف الإبادة الجماعية بغزة أصاب السياسة الأمريكية بمقتل، وكشف زيف...
هنية يختتم زيارته إلى تركيا بعد سلسلة لقاءات رسمية وحزبية ووطنية
الدوحة - المركز الفلسطيني للإعلام اختتم إسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي لحركة حماس زيارته إلى الجمهورية التركية، وعاد إلى العاصمة القطرية الدوحة...
في اليوم العالمي لحرية الصحافة .. تنديد بواسع باستهداف الاحتلال لصحفيي فلسطين
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام وجدت جهات حكومية وحزبية وإعلامية في اليوم العالمي لحرية الصحافة الذي يصادف 3 مايو كا عام، مناسبة للتنديد بعدوان...
آلاف المصلين يؤدون الفجر في الأقصى رغم قيود الاحتلال
القدس المحتلة - المركز الفلسطيني للإعلام توافد آلاف المصلين، فجر اليوم الجمعة، لأداء صلاة الفجر في المسجد الأقصى المبارك، رغم قيود الاحتلال التي...
وسط مواجهات .. الاحتلال يشن حملة دهم واعتقالات في الضفة
الضفة الغربية- المركز الفلسطيني للإعلاماندلعت الليلة الماضية وصباح اليوم الجمعة، مواجهات مع قوات الاحتلال والمستوطنين في عدة مناطق بالضفة الغربية،...
المقاومة تصدى لتوغل الاحتلال في جنين
جنين- المركز الفلسطيني للإعلامتصدّت المقاومة لقوات الاحتلال الإسرائيلي صباح اليوم الجمعة، بعد اقتحامها جنين وحصارها منزلا في بلدة جبع جنوبًا، شمال...
حماس تشيد بانضمام تركيا لدعوى الإبادة الجماعية وقطعها العلاقات التجارية مع الكيان
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام ثمنت حركة المقاومة الإسلامية حماس القرارات التي اتخذتها الجمهورية التركية مؤخراً انتصاراً لشعبنا الفلسطيني الذي يتعرض...