الثلاثاء 30/أبريل/2024

السلطة تطلق رصاصة الرحمة على الجهاز القضائي بالضفة

السلطة تطلق رصاصة الرحمة على الجهاز القضائي بالضفة

أثار قرار بقانون لرئيس السلطة محمود عباس صدر في (15/7/2019) حول تعديل قانون السلطة القضائية رقم 1/2002 ضجة كبيرة في المجتمع الفلسطيني لأنه أحكم سيطرة السلطة التنفيذية على القضائية، وأنهى أي وجود فعلي لسلطة قضائية مستقلة.

وكان رئيس السلطة قد حلَّ بعد هذا القرار مجلس القضاء الأعلى السابق وأنشأ مجلس قضاء أعلى جديد برئاسة القاضي عيسى أبو شرار، في إطار عملية لا تخلو من تصفية حسابات شخصية تعد جزءا من حلقة تصفية السلطات ودمجها في هياكل السلطة التنفيذية، سيما بعد حل المجلس التشريعي.

يقول الخبير الحقوقي، رئيس المناصرة المحلية والإقليمية في مؤسسة الحق، عصام عابدين، إن: “القرارين بقانون يشكلان اعتداءً على القانون الأساسي المعدل، وقانون السلطة القضائية، والمبادئ والقيم الدستورية، وأحكام القضاء، وتغولاً من السلطة التنفيذية على السلطة القضائية”.

وأضاف: “أدى صدورهما إلى إحالة ربع عدد القضاة إلى التقاعد على نحو مُباغت، وبخاصة قضاة المحكمة العليا (35 قاضياً) لم يتبقَ منهم أحد، وإحالة قضاة في محاكم الاستئناف ومحاكم البداية للتقاعد، وحل مجلس القضاء الأعلى القائم، وحل هيئات المحكمة العليا الفلسطينية ومحاكم الاستئناف كافة”.

وأشار لمراسلنا إلى أن الرئيس منح مجلس القضاء الأعلى الانتقالي صلاحيات واسعة جدًّا، دون ضوابط أو معايير، خلافاً للقانون الأساسي وقانون السلطة القضائية، من شأنها أن تفتح المجال لإمكانية الاستغناء عن المزيد من القضاة داخل السلطة القضائية.

ونبه إلى أنّ هذه القرارات بقانون جاءت بعد مرور سبعة أشهر من قيام المحكمة الدستورية العليا بحل المجلس التشريعي.

وقال: “في حال أقدمت السلطة التنفيذية، على استهداف المجتمع المدني، بقرار بقانون، فلن يتبقى من النظام السياسي الفلسطيني سوى السلطة التنفيذية، وبذلك قد تجتمع السلطات العامة، والرقابة المجتمعية، بيد السلطة التنفيذية وحدها، ويتحول الإصلاح من حق للمجتمع الفلسطيني إلى سلطة بيد السلطة التنفيذية ممثلة بالرئيس”.

احتجاجات شديدة
بدوره، أصدر مجلس حقوق الإنسان في فلسطين بيانا شديد اللهجة ضد هذه القرارات قال فيه: إن “التدهور المستمر في أوضاع السلطة القضائية، كما السلطة التنفيذية وحل السلطة التشريعية، يكمن في استمرار الانقسام السياسي الفلسطيني وتداعياته، وعدم الالتزام بأحكام قانون السلطة القضائية، وليس في قانون السلطة القضائية ذاته، بل في سعي السلطة التنفيذية للهيمنة على القضاء وشؤون العدالة، ومخالفات السلطة التنفيذية المتكررة للقانون الأساسي والمبادئ الدستورية”.

وأكد أن القرارين يشكلان “انزلاقا خطيرا يمس بالشرعية الدستورية؛ ولاسيما مبدأ سيادة القانون والفصل بين السلطات واستقلال السلطة القضائية، ومرتكزات الحكم الصالح، الأمر الذي يُفقد الحقوق والحريات العامة أوجه الحماية القضائية، التي تتطلب سلطة قضائية مستقلة تحتكم في تشكيلها ووظائفها إلى القانون ومبدأ المشروعية دون سواه”.

وفي خطة للاحتجاج على قرارات الرئيس رفع 16 قاضيا الأحد “28-7” طعنا للمحكمة الدستورية ضد الرئيس، ورئيس الوزراء، والنائب العام، ورئيس مجلس القضاء من أجل إلغاء القرارين بقانون.

وقال القاضي عزت الراميني على صفحته على “فيس بوك”: “تقدمنا اليوم بالطعن الدستوري الذي يحمل الرقم 17 لسنة 2019 وموضوعه الطعن في دستورية القرارات بقانون رقم 16و 17لسنة 2019 بشأن تعديل قانون السلطة القضائية رقم 1 لسنة 2002، وتشكيل مجلس قضاء أعلى انتقالي ضد المطعون ضدهم: سيادة رئيس دولة فلسطين رئيس اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية بالإضافة للوظيفة، مجلس الوزراء الفلسطيني، رئيس وأعضاء مجلس الوزراء الفلسطيني بالإضافة للوظيفة، عطوفة النائب العام بالإضافة للوظيفة، رئيس وأعضاء مجلس القضاء الأعلى الانتقالي بالإضافة للوظيفة”.

تكميم أفواه القضاة
وعقب الجدل الذي صاحب هذه القرارات في أوساط القضاة، وإعمالا لسياسة كتم الأفواه، أصدر رئيس مجلس القضاء الأعلى الجديد قرارا بمنع القضاة من التعبير عن آرائهم أو الإدلاء بأية تصريحات للإعلام أو في المجالس العامة، وهو ما أثار حفيظة المجتمع من عدِّ ذلك أداة قهر.

ووجه الحقوقي عابدين رسالة حول ذلك نشرها لرئيس مجلس القضاء الأعلى أبو شرار قال فيها، “اعلم أنك والمجلس الانتقالي ومَن يدور في فلكه تحت مجهرنا، من منظور سيادة القانون والمبادئ والقيم الدستورية، وأنك قد اقتحمت تخوم القضاء خلافاً للقانون، وعلى دماء قامات قضائية نذروا حياتهم دفاعاً عن الحق والعدل، وصكوك غفران لقضاة فاسدين بإحالتهم للتقاعد بدل إيداعهم السجن، إن تقدمت خطوة واحدة للنيل من أيّ قاض على خلفية حقه الطبيعي الأصيل في التعبير عن رأيه بحرية، أو ظلماً على أيّ نحو كان، أياً كان شكل هذا التنكيل وطريقته، فسنذهب، إلى ما بعد، ما بعد، ما يتخيل المجلس الانتقالي وأعوانه”.

كما أنه ورغم أنه لم يمض عليه سوى أسبوعين على توليه منصبه الجديد، وعدا عن القرار السابق، فقد هاجم المحامين وعدَّ أن سلوكهم بحاجة إلى ضبط وإصلاح، وفيه خروج عن بعض الآداب، ما أثار غضبا شديدا بين المحامين، حيث هاجمته نقابة المحامين ببيان شديد اللهجة، وأعلنت في (28-7) في قرار غير مسبوق عن شطب إجازة المحاماة من رئيس مجلس القضاء وإحالته لمجلس تأديبي.

مبررات واهية
بدوره، انتقد المحامي الحقوقي صلاح موسى القرارات، وعدّ مبرراتها غير مقبولة، مشيرا إلى أن التذرع بإصلاح القضاء لا يتم بهذه الطريقة.

وأشار لمراسلنا أن السلطة التنفيذية لم تحترم بقراراتها؛ لا رأي من دعوا لإصلاح القضاء، ولا غيرهم، إذ لم يتم الاستجابة لمطالب إصلاح بسيطة قدموها في السابق.

وانتقد موسى موقف الجهاز القضائي ومجلس القضاء المعزول من القرارات الجديدة، مشيرا إلى أن موقفهم ضعيف، لذا كان من السهل الانقضاض عليه”.

بدوره، قال القاضي أسامة الكيلاني تعقيبا على القرارات على موقعه على الفيس بوك، إن: “الهجمة الظالمة التي تعرض لها القضاء الذي كان يعمل في أقسى الظروف، والدجل والتضليل وتزييف الواقع، والادعاء زورا وكذبا بأن محكمة النقض لم تفصل في شهر حزيران الماضي سوى قضية واحدة؛ بينما الواقع أنها فصلت ٢٧٥ قضية؛ هو تجنًّ غير مسبوق، وافتراء لم نشهد له مثيلا من السابق، أراد مروجوها الوصول إلى هدفهم بالاستيلاء على القضاء، وتنفيذ مآربهم الشخصية التي لم تعد خافية على أحد، ولو بالتضليل والكذب وتحريف الحقيقة وإخراجها بصورة مجافية للواقع”.

وأضاف أن “الجهة التي روجت هذه الكذبة أَولى لها أن تسوي أوضاعها القانونية؛ فهي فاقدة لشرعية وجودها لعدم استنادها لقانون ينظم وجودها، وإن قيادتها لما يسمى بالإصلاح كان للفت النظر عن ذلك، والتخلص ممن كانوا يحملون هذه الفكرة، والذين أعلنوا عن موقفهم هذا في أكثر من مناسبة سواء للإعلام أو غيره؛ بأنهم سيطعنون بشرعية وجودها، فعمدت إلى تنفيذ أجندتها بتصفية حساباتها مع حاملي هذه الفكرة من القضاة أصحاب الرأي الحر الذين استبسلوا في الدفاع عن استقلال القضاء حتى يصفو لها الجو كما يعتقدون”.

وشدد على أن “الإصلاح الذي يبنى على تضليل الرأي العام، وتزييف الحقيقة، وتقديمها لصاحب القرار مشوهة، ليس إصلاحا، إنما هو دفع بالمشهد القضائي للمجهول؛ لأن تفريغ القضاء من ٥٢ قاضيًا أغلبهم من قضاة المحكمة العليا مرة واحدة، وإفراغ هذه المحكمة من كل قضاتها، وسيتبعهم العشرات خلال السنة القادمة، كان خطوة متعجلة ومتسرعة وغير مدروسة، ولن تفضي إلى الإصلاح، وسيدفع ثمنها في النهاية المتقاضون الذين هم جزء من الشعب الفلسطيني”.

وقال: “إن من دفع نحو شيطنة القضاء لا بد وكانت له أسبابه الشخصية والانتقامية من القضاء، وهذا أمر لم يعد سرا، وهو أمر معروف ومكشوف حتى لغير المهتمين بالأمر”.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات

هنية يستقبل وفودًا جزائرية وتركية

هنية يستقبل وفودًا جزائرية وتركية

إسطنبول - المركز الفلسطيني للإعلام استقبل إسماعيل هنية، رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، عدة وفود وشخصيات وبحث معهم تطورات الحرب الصهيونية على غزة،...