الخميس 30/مايو/2024

تحليل أولي لقرار وقف الاتفاقات مع إسرائيل

د. وليد عبد الحي

قد أتفهم رضا حماس وغيرها من المنظمات الفلسطينية عن قرار سلطة التنسيق الأمني وقف العمل بالاتفاقيات مع “إسرائيل”، لكني سأكون أقل تفهما إذا كانت حماس ” تصدق” ذلك فعلا.

يمكن تحديد إطار العمل بين السلطة و”إسرائيل” من خلال عشر (اتفاقات أو بروتوكولات أو إعلانات مبادئ) تعد هي الأساس لكل ما يجري بين الطرفين، وتشمل هذه الاتفاقات : مدريد 1991- أوسلو 1993- غزة أريحا 1994- باريس الجمركي 1994 – طابا 1995- واشنطن 1995- الخليل 1997-واي ريفير الأولى 1998- واي ريفير الثاني 1999- التنسيق الأمني 2005.

ولتحليل قرار سلطة التنسيق الأمني الجديد لا بد من إثارة النقاط التالية:

1- الإعلان هو عن ” وقف” (وترجمها الإسرائيليون halt) وتعني تعليق الاتفاقات وليس الإلغاء، وهو ما يعني أن استراتيجية التفاوض ستبقى قائمة بمجرد أن تبدي “إسرائيل” أي إشارة ” ايجابية” ، وهي المسألة التي تتقنها “إسرائيل” كثيرا، وستوفر “إسرائيل” للسلطة في وقت مناسب هذه الإشارة لتعود حليمة لعادتها القديمة.

2- إن الخبرة التاريخية مع سلطة التنسيق تؤكد أنها اتخذت قرارات عديدة بالوقف لبعض الاتفاقات ، وهددت باللجوء للمحاكم الجنائية الدولية وبوقف التنسيق الأمني لكنها لم تنفذ أيا من هذه التهديدات، وسبق وأن أشرت إلى أن سلطة التنسيق الأمني أعلنت 58 مرة (آخرها قرار من المجلس المركزي) بوقف التنسيق لكن ذلك لم يحدث بل ازداد نطاقه.

3- والسؤال الأكثر أهمية هو : ما هو بديل السلطة في ظل قرارها الأخير؟ فهي ترفض المقاومة المسلحة أو الانتفاضة من ناحية ولا تريد الاستمرار-كما تقول- في الاتفاقيات مع “إسرائيل” من ناحية ثانية، وهو ما يعني ترك الواقع على حاله وهو ما يعني استمرار هدم البيوت والاستيطان وتهجير الريف الفلسطيني نحو مدن الديسكو وغض الطرف عن اتساع نطاق التطبيع العربي الإسرائيلي ..فهل هذا هو المخرج، فالسلطة تعلن أنها ضد المقاومة (لأنها عبثية كما تدعي) وضد الاستسلام (لأن إسرائيل لا تلتزم) ، وعليه ما هو البديل الثالث لسلطة التنسيق ..إنه ترك “إسرائيل” تفعل ما تريد .

4- سلطة التنسيق الأمني تحاول بهذه القرارات التي ليس لها أدنى أثر على الواقع القائم أن تستعيد بعضا من شعبيتها المتآكلة وتبرير استمرارها في موقعها، وهو موقع فاقد للشرعية منذ عقد كامل، فقراراتها التي تظهر في لحظات أزماتها المتلاحقة هي محاولة لترميم بناء تشققت جدرانه من كل ناحية، فمن يحاصر غزة ويرفض المقاومة بكل أشكالها ويقطع رواتب الأسرى والشهداء لا قيمة ” لِحَرَدِه” من “إسرائيل”.

5- إن الإجراء الصحيح هو انتخاب قيادة جديدة ( رئيس ومجلس وطني فلسطيني) ، وهذه القيادة الجديدة هي التي تتخذ القرار سلما أو حربا.

مرة أخرى ، أتفهم أن تؤيد التنظيمات الفلسطينية خطوة “الحرد” لسلطة التنسيق الأمني، ولكني لا أتفهم هذه التنظيمات “إذا صدقت” دبلوماسية الحرد، فالمؤمن لا يلدغ من جحر واحد مرتين، فماذا لو فاق عدد مرات اللدغ 58 مرة؟…

 

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات