الأربعاء 15/مايو/2024

هدم المنازل.. آلة إسرائيل لضرب صمود الفلسطينيين

هدم المنازل.. آلة إسرائيل لضرب صمود الفلسطينيين

لم يكن هدم نحو (160) شقة في وادي الحمص في القدس المحتلة سوى حلقة من حلقات ممتدة لسياسة هدم المنازل الفلسطينية ورثها الاحتلال الصهيوني عن الانتداب البريطاني وشرد من خلالها مئات آلاف الفلسطينيين عقب حقب زمنية مختلفة.

وكان الانتداب البريطاني أول من أقر هذه السياسة في فلسطين إبان ثورة عام 1936؛ حيث أقدم الجيش البريطاني على هدم نحو ألفي منزل من قيادات ونشطاء الثورة وصولا لهدم قرى بأكملها.

وفي عام 1945 أصدرت السلطات البريطانية لوائح الدفاع (الطوارئ)، وفيها بالمادة 119 تم جعل هذه الممارسات متاحة للقائد العسكري المحلي دون الحد أو الاستئناف، وهو القرار الذي اعتمدت عليه التشريعات الصهيونية اللاحقة في سياسة هدم المنازل.

وتشير الإحصاءات، حسب دائرة العلاقات القومية والدولية في منظمة التحرير الفلسطينية، إلى أن سلطات الاحتلال هدمت ودمرت نحو (24000) منزل فلسطيني في الأراضي المحتلة منذ العام 1967 (الضفة الغربية وقطاع غزة وشرقي القدس).

وبحسب بيانات منظمة بيتسيليم الحقوقية “الإسرائيلية”، فإن سلطات الاحتلال هدمت منذ عام 2006 وحتى 30-6-2019 (1440) منزلا ومنشأة في الضفة الغربية، وشردت (6333) مواطنا منهم ثلاثة آلاف طفل، في حين هدمت في مدينة القدس (862) منزلا ومنشأة من 2004 وحتى 30-6-2019، وشردت نحو ثلاثة آلاف مقدسي.


null

وتشير إحصاءات الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني -حسب كتاب القدس الإحصائي السنوي-  إلى أن عدد المساكن المهدومة وعدد الأفراد المتضررين في القدس من 1967-2019 بلغ (2074) منشأة شردت نحو عشرة آلاف مواطن.

التهجير والإحلال:
ويرى خبير الخرائط والباحث في الاستيطان الدكتور خليل التفكجي في حديثه لـ”المركز الفلسطيني للإعلام” أن ما يجرى اليوم من عمليات هدم هي امتداد طبيعي لسياسة صهيونية منذ عام 1973 خلال حقبة غولدا مائير تقضي بالتحكم الديمغرافي في القدس، مشيرا إلى وجود برنامج متسارع منذ عام 1994 لعمليات الهدم والمصادرة وسحب الهويات ضمن برنامج التحكم الديمغرافي والذي اتخذ اتجاهين؛ السيطرة على الحيز، ويعد الإسرائيليون أنهم انتصروا به، وبالتالي فهم يسيطرون ديمغرافيًّا بهدف التخلص من أكبر قدر من المقدسيين.


null

ويقول الخبير في القانون الدولي الدكتور حنا عيسى: “إن سلطات الاحتلال انتهجت سياسة هدم المنازل بدعاوى مختلفة، منها: الذرائع الامنية، أو بدعوى دون ترخيص، أو لمخالفتها سياسة سلطات الاحتلال للإسكان، أو قرب هذه المنازل من المستوطنات أو لوقوعها بمحاذاة الطرق الالتفافية”.

وأضاف أنها “تستند في ذلك لنص المادة (119) فقرة (1) من قانون الطوارئ البريطاني لسنة 1945 مع معرفتها المسبقة بأن هذا القانون ألغي لحظة انتهاء فترة الانتداب على فلسطين”.

وأكد عيسى أن سياسة هدم منازل وممتلكات  المواطنين الفلسطينيين تندرج تحت سياسة التطهير العرقي، وتعد مخالفة جسيمة لنص المادة 53 من اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949 التي تحرم تدمير الممتلكات أيًّا كانت ثابتة أو منقولة، وانتهاكاً صارخاً لنص المادة 17 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الصادر بتاريخ 10/12/1948، والتي تنص على أنه “لا يجوز تجريد أحد من ملكه تعسفاً”.


null

ويشير الخبير في قضايا الأغوار عارف دراغمة لمراسلنا إلى أن عمليات هدم المنازل هدفها تهجير الفلسطينيين وإحلال للمستوطنين؛ ففي الأغوار مثلا أنذرت سلطات الاحتلال (650) منشأة للهدم في أقل من ثلاث سنوات.

وأضاف: قبل الاحتلال عام 1967، كان يقيم في الأغوار الشمالية وحدها ما يقارب عشرين ألف نسمة موزعين على 26 تجمعاً سكانياً، في حين يقتصر الوجود اليوم على بضعة آلاف في تجمعات قليلة ومحاصرة وتتعرض للهدم المستمر.

عدم منح التراخيص:
ووفقا لمعطيات ما يسمى “الإدارة المدنية” التابعة لجيش الاحتلال، قدم الفلسطينيون في مناطق (ج) (5475) طلب ترخيص بناء في الفترة الواقعة بين عام 2000 ومنتصف عام 2016، وجرت الموافقة على (226) طلبا فقط أي نحو 4% من الطلبات.


null

وأصدرت الإدارة المدنية (16796) أمر هدم في الفترة الواقعة بين عام 1988 وعام 2017، نفذ منها (3483) أمرا، ولا يزال (3081) أمر هدم قيد المداولة القضائية.

ويؤكد الناشط في قضايا الاستيطان غسان دغلس في حديث لمراسلنا وجود نشاط متسارع في عمليات الهدم في السنوات الأخيرة بهدف فرض وقائع جديدة والاستفادة من الحالة العربية والعالمية في توليد لحظة مواتية للانقضاض على الفلسطينيين.

وأضاف: ما يتم في الأغوار والبلدات التي أقيمت على أراضيها أو بقرب منها مستوطنات مناطق ج التي تشكل ثلثي مساحة الضفة الغربية إضافة لما يجرى في القدس هو مرعب بكل المقاييس، ويستهدف اقتلاع للفلسطيني من منزله وأرضه؛ بهدف تغيير جغرافي وديمغرافي واضح الأركان.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات