الثلاثاء 30/أبريل/2024

شهيد الجمعة اليتيمة وليلة القدر

د. خالد معالي

أوجع القلوب برحيله السريع وغير المتوقع، فوجهه كله براءة وجمال، كجمال سيدنا يوسف، وابتسامة كانت لا تفارقه، وكله وحيوية ونشاط، وهدوء واتزان، ومن الفتية الذين أمنوا بربهم، ليكون جزاء كل ذلك، رصاصة بالقلب تخترق أيضا رئته، فيستشهد.

هذه حكاية الشهيد الفتى عبد الله لؤي غيث (16 عاما) من بيت لحم، والذي قبلته أمه وودعته قبل خروجه من منزله لتأدية صلاة الجمعة في المسجد الأقصى في الجمعة الأخيرة من شهر رمضان الكريم، وما علمت أنه الوداع الأخير لفتاها الجميل الذي أحبته حبا جما، وما أصعب فراق المحبين.

تزامن استشهاد الفتى عبد الله مع استشهاد الشاب يوسف وجيه من قرية عبوين الذي لم يقدر على رؤية مستوطنين في القدس، فطعن اثنين منهم، ومن ثم يستشهد.

كل جريمة الفتى الشهيد عبد الله أنه قام وصلى الفجر، ومن ثم نوى التوجه للمسجد الأقصى المبارك لتأدية صلاة الجمعة الأخيرة من شهر رمضان الكريم، وإحياء ليلة القدر، إلا أنه لم يدر بخلده أن تلاحقه رصاصات حاقدة لمجرد نيته ومحاولته الذهاب للمسجد الأقصى المبارك كبقية المصلين.

والشجرة الطيبة لا تنبت إلا ثمرا طيبا، فالشهيد الفتى عبد الله هو نجل الأسير المحرر لؤي غيث الذي قضى سنوات طويلة في سجون الاحتلال “الإسرائيلي”، وكانت رصاصة كلها حقد وإجرام وجهت له ليقتل بدم بارد قرب مدينة بيت لحم عندما حاول الدخول إلى مدينة القدس لأداء صلاة الجمعة في الأقصى.

كل ما أراده الفتى الشهيد هي الصلاة، فالشهيد من مدينة الخليل جنوب الضفة الغربية المحتلة، وقطع مسافات طويلة، وحواجز “إسرائيلية” كثيرة للوصول إلى الأقصى، إلا أن جنود الاحتلال كانوا بالمرصاد قرب قرية دار صلاح ببيت لحم، وأردوه شهيدًا ليرتقي للعلا.

الفتى الشهيد كان يحضّر للذهاب إلى الأقصى لأداء صلاة الجمعة، ولإحياء ليلة القدر، فهل هذا يعتبر جريمة حتى تخترقه رصاصه حاقدة وتسلبه روحه الطاهرة!

وأتركك أيها القارئ مع كلمات وعبارات أوجعت قلوبنا، وهي قول أبيه فوق جثته الطاهرة: “أريد أن أسأل لماذا أطلقوا الرصاص على ابني، المكان لم يشهد مواجهات ولا أي شيء، فتى لم يكمل عامه الـ16، ما ذنبه؟ لأنه فلسطيني فقط، أحتسبه عند الله شهيدا، ولا حول ولا قوة إلا بالله”.

واستدرك: “أنا في صدمة؛ لا أصدق أن عبد الله لن يكون بيننا بعد اليوم، الساعات المقبلة ستكون الأصعب عليّ في حياتي عندما أدخل المنزل ولا أراه، عندما أدخل غرفته وأرى ملابسه وكتبه ومكان نومه”.

وفي ساحة مستشفى بيت جالا، وقبل أن يتم نقله إلى مسقط رأسه في الخليل، اقترب الوالد من زوجته، وقال لها: “اصبري، بعد اليوم لن يكون عبد الله بيننا. افرحي فابنك شهيد، الحمد لله، أمنّاه عند رب العالمين”.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات

هنية يستقبل وفودًا جزائرية وتركية

هنية يستقبل وفودًا جزائرية وتركية

إسطنبول - المركز الفلسطيني للإعلام استقبل إسماعيل هنية، رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، عدة وفود وشخصيات وبحث معهم تطورات الحرب الصهيونية على غزة،...