الثلاثاء 30/أبريل/2024

صيف ساخن

علي قباجه

بدأت ملامح ما تُسمى ب«الخطة الأمريكية للسلام» بالظهور، وخرج عدة قادة أمريكيين بإعطاء إشارات بسيطة عن محتواها، الذي في مجمله يخدم المصالح «الإسرائيلية». والمتابع لتصريحات الساسة الأمريكيين حول هذه الصفقة المزعومة، وبعض تفصيلاتها، يتوصل إلى قناعة تامة أن من صاغها هو الاحتلال ذاته، ومن وضع مرتكزاتها هو اليمين المتطرف بقيادة نتنياهو، إذ إنها تحسم وضع القدس، واللاجئين، وحلم الدولة بل إنها تفتت الضفة الغربية، وتعزل غزة عن امتدادها الفلسطيني.

وهذا ليس جديداً أو مفاجئاً؛ إذ إن الإدارة الأمريكية واضحة التوجه، ولا تخفي انحيازها وتماهيها مع «إسرائيل»؛ بل إنها تطرح خططها التي تخدم الاحتلال بكل صلف، ضاربة بالرفض الفلسطيني عرض الحائط، ومن خلفه العربي. لذا لم يكن حديث كوشنر مستشار الرئيس الأمريكي قبل يومين غريباً؛ حيث إنه أكد أنّ خطته المنتظرة للسلام في الشرق الأوسط ستكرّس القدس عاصمة ل«إسرائيل» ولن تأتي على ذكر «حلّ الدولتين»، ومن ثم زعم أن خطته ستكون «نقطة بداية جيدة» لمعالجة الصراع الفلسطيني – «الإسرائيلي». وربما يقصد كوشنر بالبداية الجيدة، منح الاحتلال كامل فلسطين، ليبدأ لاحقاً بالتهام المحيط العربي.

فلا جديد يذكر في هذه الخطة إلا لـ«الإسرائيليين»، الذين يرون فيها خلاصهم من القضية الفلسطينية، التي تؤرق الاحتلال وتؤكد حق الشعب الفلسطيني في أرضه، ولكن يبدو أن البيت الأبيض يتجاهل أن القدس والدولة هما مبدآن ثابتان لا يمكن المساس بهما على المستويات الفلسطينية والعربية والإسلامية وحتى العالمية، ولا يمكن ليهودي صهيوني مثل كوشنر أن يدفن هذه المبادئ بجرة قلم، أو بخطة هي عبارة عن حبر على ورق، وتنتهك كل مبادئ القانون الدولي والشرعية الدولية.

أمريكا عازمة على طرح «الصفقة» بعد رمضان، فهي تريد أن تقدم للفلسطينيين «عيدية» مسمومة، ولكن هذه الخطة الخبيثة ستفشل كما فشلت الخطط السابقة، وفرض أمر الواقع لا مكان له أمام الإرادة الصلبة، فالفلسطينيون على موقف واحد وجبهة متراصة لتحطيم هذه المؤامرة. الإدارة الأمريكية وصلت إلى مرحلة الغي والفجور بالتعامل مع أهم قضية عالمية، فهي استغلت حالة الانتكاس العربي، لضخ كل إمكاناتها في دعم ربيبتها «إسرائيل» لتحقيق أحلامها، فترامب قالها سابقاً عندما أعلن ضم الجولان لـ«إسرائيل»: «كنت أفكر في ذلك منذ وقت طويل، وهذا يشبه نقل السفارة إلى القدس، وتمّ نقل السفارة، ولم يحدث شيء».

ولم يكن ترامب ليصدر هذا التصريح، الذي يحمل بين ثناياه استهانته بالأمة العربية، وبردود فعلها، لو أيقن أن إعلاناته التي يهين فيها الدول العربية، ومبادرات السلام التي يطرحها، ستلقى مواجهة شرسة تضع له حدًّا.

الرئيس الأمريكي استهتر بالعالم كله بدءاً بأوروبا ثم الصين واليابان وروسيا وغيرها، ووضع الدبلوماسية الأمريكية على المحك، لكنه ووجه بقوة، وقيدت إرادته، وعلى العرب كذلك أن يواجهوه بموقف واحد لإفشال مخططه الجهنمي الذي يهدف إلى تصفية الفضية الفلسطينية مرة واحدة، وإلا فالشعب الفلسطيني سوف يهب للدفاع عن حقوقه مهما كان الثمن. والمؤشرات تدل على أن المنطقة مقبلة على صيف ساخن، كما أكدت السلطة الفلسطينية مراراً.

صحيفة الخليج الإماراتية

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات

هنية يستقبل وفودًا جزائرية وتركية

هنية يستقبل وفودًا جزائرية وتركية

إسطنبول - المركز الفلسطيني للإعلام استقبل إسماعيل هنية، رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، عدة وفود وشخصيات وبحث معهم تطورات الحرب الصهيونية على غزة،...