الأربعاء 08/مايو/2024

المجاهدة فاطمة المبحوح.. سجلٌ ناصعٌ من التضحية والفداء

المجاهدة فاطمة المبحوح.. سجلٌ ناصعٌ من التضحية والفداء

فاطمة المبحوح “أم حسن” خنساء فلسطينية، عايشت قهر الاحتلال الإسرائيلي، كانت مُقاوِمة مجاهدة صنديدة، لم تبخل على الأرض السليبة بأحفادها ولا بفلذة كبدها، كل ما يعنيها أن لا يهنأ محتلٌ غاصب في أرضها وأرض آبائها وأجدادها.

اختتمت أم حسن المبحوح حياتها بعد 82 عامًا، تاركة وراءها سجلًا ناصعًا، أبيضًا من الجهاد والتضحية، كان عنوانه الشهداء والأسرى والمبعدون.

التهجير
هُجرت أم الحسن من بلدتها الأصلية “بيت طيما” عام 1948م إبان النكبة الفلسطينية، واستقر الحال بها في منزل في منطقة تل الزعتر شمال قطاع غزة، ولها 12 ولدًا وبنتان، ولها زهاء 100 حفيد.

بدأت الحاجة المرابطة الراحلة نضالها ومعاناتها من منتصف الثمانينات، حين تعرض أحد أبنائها  في العام 1985، وهو الشهيد محمود المبحوح للاعتقال من الاحتلال بتهمة حيازة السلاح، وقضى في سجون الاحتلال عاماً، وبعد خروجه من السجن بفترة قصيرة اندلعت الانتفاضة الأولى انتفاضة الحجارة 1987م، واشتعلت المقاومة.

ومنذ ذاك الوقت إلى يوم وفاتها، لم تجتمع مع أبنائها جميعا في يوم واحد، والذين يبلغ عددهم 12 من الذكور، حيث غيب السجن غالبيتهم في فترات مختلفة، منهم من قضى السنتين والأربع والخمس سنوات، ومنهم من قضى في السجن خمسة عشر سنة. 

كما هدم الاحتلال -وفق متابعة المركز- منزلها خلال انتفاضة الحجارة التي اندلعت 1987م على خلفية نشاطات أبنائها في الانتفاضة ومقارعة الاحتلال.

مطاردة محمود
يقول نجلها فايز في كلمات وداعية لأمه المرابطة: أما في العام 1989 اشتد بها الابتلاء، حيث أصبح الشهيد محمود مطلوباً لقوات الاحتلال، وبدأت في مطاردته على خلفية عملية المقاومة الشهيرة واختطافه لجنود صهاينة وقتلهم انتقاما لدماء الشهداء.

يتابع: فأثناء هذه الفترة تعرض كل أبنائها للسجن والملاحقة ومداهمة البيت يوميًّا وتفتيشه والعبث في كل محتوياته، وخلال هذه الملاحقات أصيب اثنان من أبنائها بنيران القوات الخاصة، واعتقل أحدهم وحُقق معه وهو جريح، لم تتوقف عند هذا الحد، بل طالها الاعتقال الصهيوني سوية مع والدي – رحمهما الله-  وأودعا في سجون الاحتلال للضغط على الشهيد محمود لكي يسلم نفسه، فلم تجبن أو تلين.

يقول: ونجا لها حبيب قلبها الشهيد محمود؛ حيث تمكن من الخروج إلى خارج فلسطين مما أغاظ الصهاينة، فقرروا معاقبة العائلة وممارسة نوع جديد من التعذيب، فجاءوا إلى البيت وفخخوه بالمتفجرات، ونسفوا  بيت العائلة المكون من ثلاث طبقات كنوع من العقاب الجماعي ضد العائلة.

حزنت لفقدان بيتها وذكرياتها فيه مع أولادها، لكن ذلك لم يزدها وعائلتها إلا إيمانا بصدق قضيتهم فصبروا واحتسبوا ذلك لله، يقول فايز. 

إبعاد حسن وحسين

يضيف في حديثه: بعدها بعامين، كان لها موعد أن تشهد على إبعاد اثنين من أبنائها حسن وحسين إلى مرج الزهور، واعتقال خمسة آخرين من أبنائها في نفس الفترة، وحين انتهت مأساة المبعدين وظفر المبعدون بالعودة  لم تنته مأساتها، فمنهم من عاد ثم اعتقل “حسين”، وأما حسن فلم يعد الى بيته إنما إلى السجون الصهيونية مرة أخرىـ ليتم حكما صادرا عن محاكم الاحتلال بأربع سنوات من الاعتقال.

“وكانت فرحتها بخروج حسين من السجن ناقصة، إذ كان ينغص عليها بقاء أخي فايق في السجن، ليقضي 15 عاما وراء القضبان، نعم 15 عاما.. لتنتظر حتى عام 2007 لتستقبله محررا، فقدت خلالها واحدا من أحفادها شهيدا في انتفاضة الأقصى عام 2004.. وحفيدا آخر فقدته في الحرب الأولى على غزة عام 2008”.

اغتيال محمود في دبي
ولعل 2010 كان الأصعب في حياة الحاجة أم حسن، يوم اغتال الموساد الإسرائيلي ابنها محمود المبحوح في إمارة دبي في دولة الإمارات العربية.

وهي التي لم تجتمع معه البتة منذ سنوات طويلة بدأت بالإبعاد، والملاحقة، وصولا للاغتيال الشنيع في دبي.

وفاة حسن

بعد اغتيال محمود في دبي، بعامين وفي 2012، فقدت ابنها الأكبر “حسن” أبو عبد الله بشكل مفاجئ، وصبرت واحتسبت أجرها وثباتها عند الله،  وبعدها بعامين استشهد حفيدها الثالث في الحرب الأخيرة عل غزة عام 2014، وفقدت الكثير من أحبائها؛ إخوتها وأختها الذين عانوا من مرض السرطان، وبعد ذلك فقدت زوجها سندها في حياتها، رحمهم الله جميعاً.

المرض

يقول فايز وهو محاضر جامعي: ولم يتركها المرض مع كل هذه الآلام حيث عانت من عدة أمراض، كالسكري وارتفاع ضغط الدم وغيرها وكان أخرها مرض السرطان، حيث داهمها في آخر عامين من حياتها فأنهك جسدها وأضعف قواها، وعندما ذهبت لتلقي العلاج في الداخل المحتل، سمح لها الاحتلال مرة واحدة ثم منعها، وحاول أن يستمر في الانتقام منها، لكنها كانت أقوى منهم، متسلحة بإيمانها وتوكلها على الله، عادت إلى بيتها لتموت بين عائلتها.  

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات