الأربعاء 15/مايو/2024

(خبر شاؤول) بين الرقابة العسكرية والمصلحة الوطنية

ناصر ناصر

من الطبيعي أن تقوم الرقابة العسكرية لدولة الاحتلال بحذف أو منع نشر أي خبر أو منشور تعتقد أنه يمس بأمن الدولة، أو أنه يخدم (العدو الفلسطيني)، ولكن من غير الطبيعي بل قد يكون من المستغرب أن لا تقوم الأقلام والمؤسسات الوطنية الحرة والمعنية بالأمر بالتركيز على خبر أو (حقيقة) نجت للحظة واحدة وبالخطأ من مقص الرقيب العسكري، والذي ما لبث أن عاجلها بضربة ظن أنه قد قضى بها عليها. هذا ما يبدو ما حصل فعلا حول خبر قرار المحكمة العليا الإسرائيلية في موضوع أورن شاؤول الجندي، الأسير لدى المقاومة في غزة، فهل هو التقصير؟ أم الأولويات المتنافسة؟ أم المصلحة الوطنية؟

لقد أجرى راديو ريشت بيت، التابع لشبكة كان الإسرائيلية، مقابلة يوم الثلاثاء الماضي الساعة 17.40، مع محامي عائلة الجندي شاؤول، والمدعو يشاي سريد، وذلك فور صدور قرار محكمة العدل العليا الاسرائيلية بخصوص طلب عائلة الجندي معلومات من الدولة حول ابنها في غزة، وتلخص القرار في أمرين؛ الأول: موافقة المحكمة على موقف الدولة والجيش الرافض لتسليم العائلة معلومات وصفت بالحيوية والحاسمة حول مصير شاؤول، بما في ذلك شهادات جنود، أما الثاني: فرفض المحكمة لقرار الدولة والجيش القاضي بأن الجندي هو ميت، حيث قررت المحكمة أنه لا يوجد وضوح تام بموت الجندي.

إن معنى الخبر ودلالاته ثم عدم التعامل المناسب معه من قبل الفلسطينيين هو أمر مثير للاهتمام؛ فالخبر يعني بوضوح أن المحكمة العليا، والتي تمثل السلطة القضائية في “إسرائيل”، قد نسفت الرواية الرسمية للسلطة التنفيذية وأذرعها الأمنية، والتي تؤكد موت الجندي، وهي الرواية التي تمترست الحكومة حولها طوال سنوات، ورفضت على أساسها مطالب المقاومة المشروعة بإطلاق سراح أسرى فلسطينيين، كما استخدمتها في جهودها الناجحة نسبيا في منع تراكم ضغوطات شعبية مؤيدة لعقد ضفقة تبادل، حيث نجحت في إقناع الرأي العام الإسرائيلي أن الجنود هم عبارة عن جثث يمكنها الانتظار طويلا.

من الواضح أن المصلحة الوطنية الفلسطينية بشكل عام ومصلحة المقاومة بشكل خاص تقضي بالاهتمام بهذا الخبر، الذي حكمت عليه الرقابة العسكرية الاحتلالية بالإعدام، وإبراز معانيه ودلائله، وقد يكون عدم فعل ذلك هو نتيجة للانشغال الفلسطيني الرسمي والشعبي بقضايا هامة أخرى لا تقل أهمية عن مواجهة (دعاية الاحتلال) أو قضية الأسرى الوطنية، وليس هذا تبريرا بل تفسيرا مرجحا للواقع المتلاطم في فلسطين.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات