250 مليار دولار فقط!
![محمود الريماوي محمود الريماوي](https://palinfo.com/wp-content/uploads/models/media/old/images/2015/9/19/-878480787.jpg)
ليست جديدةً المطالبةُ الإسرائيلية بما تسمى تعويضات للعرب اليهود الذين غادروا عام 1948 وما بعده إلى أرض فلسطين التي نشأت عليها الدولة الإسرائيلية، فلطالما لوّح ساسةٌ إسرائيليون بهذا الأمر في مناسباتٍ مختلفة.
وقد سنّ الكنيست (البرلمان) في العام 2010 قانوناً يلزم الحكومات الإسرائيلية بإثارة موضوع تعويضات اليهود في أية مباحثات سلام، وكان الحديث يجري أحياناً عن المطالبة بتعويضات لهؤلاء اليهود، مقابل التعويضات التي أقرتها الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين الذين اقتلعوا من وطنهم في الفترة نفسها.
الجديد في هذه الادعاءات:
أولاً: أنها باتت تحمل طابعاً رسمياً، وقد عبّر عنها رئيس الدولة، رؤوبين ريفلين، ضمن يوم احتفالي بعنوان “يوم طرد وتشريد اليهود من الدول العربية وإيران” أقيم في مكتبه.
وقال ريفلين في المناسبة: “يجب أن تسرد هذه القصة في مضامين الجهاز التربوي، في الإعلام، في الأروقة الثقافية، وفي مؤسسات الدولة الرسمية، وينبغي أن تُسمع قصتهم في الأوساط العالمية، من أجل تصحيح الغبن التاريخي وضمان تعويضات مالية”.
وتشرف وزارة المساواة الاجتماعية على مشروع “حصر ممتلكات يهود الدول العربية”، وقد قالت الوزيرة المعنية، غيلا عملائيل: إنه “حان الوقت لتصحيح الظلم التاريخي الذي وقع على اليهود الذين فقدوا ممتلكاتهم في الدول العربية. لا يمكنك التحدث عن الشرق الأوسط من دون النظر إلى حقوق اليهود الذين أجبروا على ترك مجتمعاتهم المزدهرة تحت العنف”.
وقد نشرت وكالة بلومبيرغ تقريرا، نقلا عن قناة حداشوت الإسرائيلية، أن “إسرائيل” عهدت إلى شركة محاسبة دولية (مجهولة الهوية) لحصر الممتلكات والمطالبات. والبادي أن “الشركة الدولية” أنجزت عملها، أو جانباً كبيراً منه، ما حمل مسؤولين إسرائيليين على وضع تقديراتٍ لمطالبة سبع دول عربية وإيران بمبالغ تصل إلى 250 مليار دولار. والدول السبع: تونس، ليبيا، المغرب، مصر، سورية، العراق واليمن. (سوف تتم مطالبة تونس بـ35 مليار دولار، وليبيا بـ 15 مليار دولار).
وفي ضوء ما تقدم، فإن من المتوقع أن تشرع تل أبيب في اتخاذ إجراءات رسمية للتقدم بهذه الادعاءات التي سوف تشمل بعدئذ الجزائر ولبنان.
ويُقدّر عدد اليهود، حسب الموقع الإلكتروني لوزارة الخارجية الإسرائيلية، الذين غادروا الدول العربية وإيران بـ849 ألفاً، علما أن قسماً منهم لا يقل عن الثلث، قد خرج إلى دول غربية، مثل فرنسا وكندا وغيرهما، ولم يتوجه إلى “إسرائيل”. وتعد هذه المزاعم تصعيداً إسرائيلياً ضد الدول العربية، بعد أن جنحت هذه الدول، مجتمعة ومنفردة، إلى السلم مع الدولة العبرية.
ثانيا: بما يتعلق بالتوقيت، تتزامن هذه الادعاءات مع استعداد الإدارة الأميركية لإعلان صفقتها المسماة “صفقة القرن”. وقد تم التصريح بتأجيل طرحها مرات، وكان الموعد الأصلي في أواسط العام الماضي (2018)، وجاء التأجيل الأخير تلبية لطلب رئيس حكومة الاحتلال، بنيامين نتنياهو، مسوّغا طلبه بتقديم إجراء الانتخابات النيابية إلى إبريل/ نيسان المقبل عن موعدها في نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل، وحتى لا تصبح الصفقة موضوع تجاذب في الحملات الانتخابية في حال طرحها في يناير أو فبراير من هذا العام كما كان مقرّرا. وقد استجيب لطلب نتنياهو، وهي استجابةٌ تتماشى مع تجاوب الرئيس دونالد ترمب لمجمل المطالب الإسرائيلية التوسعية. والظاهر أن المطالبة بتأجيل الإعلان عن الصفقة بضعة أشهر ترمي إلى كسب الوقت لتجهيز “ملفات التعويضات”، والتباحث مع الإدارة الأميركية بشأن محتوى هذه الملفات، ومسائل أخرى تضمن للاحتلال التصفية الكاملة للقضية الفلسطينية، وانتزاع أكبر قدرٍ من المكاسب من خلال الصفقة، وفي أجواء التحضير لها، كما حدث في نقل السفارة الأميركية إلى القدس والإجراءات العدائية التي اتخذتها إدارة ترمب ضد الفلسطينيين.
التقدير الآن أن حكومة نتنياهو إما أن تطالب، وهذا هو الأرجح، واشنطن بتضمين ادعاءاتها بتعويضات مالية لليهود في “صفقة القرن”، بما ينسجم مع مسمّاها صفقةً، ومع مضمونها صفقةً لصالح الاحتلال، وعلى حساب الطرف (الفلسطيني) الضحية والأطراف العربية، أو أن تتبنى الإدارة الأميركية هذه المطالبة خارج الصفقة، وتدعو الدول العربية المعنية إلى التفاوض على المطالبات مع “إسرائيل”. ويتحقق بذلك انتصارٌ سياسي ومعنوي إسرائيلي فائق الأهمية على دول عربية أساسية، في حال تم البدء بالتفاوض بشأن هذه المزاعم.
ثالثا: يراد بهذه المزاعم حرف الأنظار عن المطالبات بعودة اللاجئين الفلسطينيين وتعويضهم، بالسير في اتجاه معاكس مفاده بأن المتضرّرين الذين يستحقون التعويض هم يهود الدول العربية، لا اللاجئون الفلسطينيون. وذلك باستغلال تراجع مكانة قضية فلسطين على الأجندات الإقليمية والدولية، وما يتعرّض له الفلسطينيون من تهميشٍ لقضيتهم في العالم العربي، وباستثمار استسلام إدارة ترمب للمطامع الإسرائيلية إلى أقصى حد.
رابعا: تأتي هذه الادعاءات في أجواء التطبيع العربي الإسرائيلي السائر قُدماً، وهو ما تفهمه تل أبيب، وتفسره دليلَ تراجعٍ عربي ووهنٍ يعتري الإرادة السياسية، وما تترجمه تل أبيب من جهتها بأنه لم يعد هناك من قيد معنوي، يحول بينها وبين مضاعفة التنكيل بالشعب الرازح تحت الاحتلال، والجهر بالنوايا التوسعية للاستيلاء على كامل الأرض المحتلة. وبينما كان الإعلان عن نهاية الحرب، والاعتراف بـ”إسرائيل”، شرطا تضعه تل أبيب أمام العرب لإحلال السلام، فإنه من المنتظر، وخلال أمد قريب، أن يصبح الاستعداد العربي لأداء تعويضاتٍ ليهود الدول العربية البرهان الإضافي الذي تطلبه تل أبيب من الدول العربية، لإثبات توجهاتها السلمية نحو دولة الاحتلال.
وفي جميع الأحوال، الدولة العبرية ماضيةٌ في حرب استنزاف الدول العربية، وهذه المرة تحت غطاء من إشاعة أجواء السلام. وضمن الادعاءات أن الحاجة قائمة لتعاون عربي إسرائيلي ضد إيران، وهو ادّعاء شبيه بالحاجة إلى تعاون إيراني عربي ضد “إسرائيل”. ذلك أن “إسرائيل” وإيران كلتيهما، ترغبان في بسط أكبر قدر من النفوذ والهيمنة على المقدّرات العربية، وتتنافسان بصورةٍ محمومةٍ لتحقيق هذه الغاية.
المصدر: العربي الجديد
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات
![حزب الله يستهدف مواقع عسكرية ومستوطنات إسرائيلية بعشرات الصواريخ](https://palinfo.com/wp-content/uploads/2024/05/hizbullah2.jpg)
حزب الله يستهدف مواقع عسكرية ومستوطنات إسرائيلية بعشرات الصواريخ
بيروت – المركز الفلسطيني للإعلام شن حزب الله اللبناني، اليوم الجمعة، سلسلة هجمات صاروخية استهدف فيها مواقع عسكرية ومستوطنات إسرائيلية شمال فلسطين...
![تقرير يكشف حقائق مروعة وصادمة عن واقع أطفال غزة](https://palinfo.com/wp-content/uploads/2024/06/children_gaza.jpg)
تقرير يكشف حقائق مروعة وصادمة عن واقع أطفال غزة
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام نشر المكتب الإعلامي الحكومي في قطاع غزة، اليوم الجمعة، تقريرا إحصائيا يوثق حقائق مروعة وصادمة عن واقع الأطفال في...
![حرمان من شعيرة الذبح.. عيد غزة على وقع استمرار الإبادة](https://palinfo.com/wp-content/uploads/2024/06/GQBWlPBWkAAG9FU-1080x675.jpeg)
حرمان من شعيرة الذبح.. عيد غزة على وقع استمرار الإبادة
غزة -المركز الفلسطيني للإعلام قبل يومين من حلول عيد الأضحى المبارك، واستمرار الحجيج بأداء مناسكهم في مكة المكرمة، تتواصل جريمة الإبادة الجماعية ضد...
![جحيما الحر والحرب يعيدان الحياة لشواطئ غزة](https://palinfo.com/wp-content/uploads/2024/06/GPgwqsoXcAAW8mF-1079x675.jpeg)
جحيما الحر والحرب يعيدان الحياة لشواطئ غزة
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام دفعت درجات الحرارة المرتفعة عائلة ناجي أبو الروس أن تختار الذهاب لشاطئ البحر، لقضاء بعض الوقت، بعد أن بات المكوث...
![صحة غزة: 34 شهيدًا و71 إصابة في 4 مجازر ارتكبها الاحتلال خلال 24 ساعة](https://palinfo.com/wp-content/uploads/2024/06/GQCaHzrXoAAtGes-1080x675.jpeg)
صحة غزة: 34 شهيدًا و71 إصابة في 4 مجازر ارتكبها الاحتلال خلال 24 ساعة
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام أفادت وزارة الصحة في غزة، يوم الجمعة، بارتكاب الاحتلال الإسرائيلي 4 مجازر ضد العائلات في قطاع غزة وصل منها للمستشفيات...
![واشنطن بوست: دعم أميركي “غير عادي” ساعد إسرائيل في الوصول إلى المحتجزين](https://palinfo.com/wp-content/uploads/2024/06/nusairat_massacre2.jpg)
واشنطن بوست: دعم أميركي “غير عادي” ساعد إسرائيل في الوصول إلى المحتجزين
واشنطن - المركز الفلسطيني للإعلام كشف تقرير لصحيفة واشنطن بوست، اليوم الجمعة، عن أنّ الولايات المتحدة قامت بدور استخباري حاسم في عملية استعادة...
![كتائب القسام تعلن مقتل أسيرين إسرائيليين بغارات الاحتلال](https://palinfo.com/wp-content/uploads/2024/06/PEbbi.jpeg)
كتائب القسام تعلن مقتل أسيرين إسرائيليين بغارات الاحتلال
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام أعلنت كتائب القسام الجناح العسكري لحركة حماس، اليوم الجمعة، مقتل اثنين من أسرى الاحتلال الإسرائيلي بقصف إسرائيلي على...