الأربعاء 08/مايو/2024

دراسة: حلّ التشريعي غير مشروع دستوريًّا ووطنيًّا

دراسة: حلّ التشريعي غير مشروع دستوريًّا ووطنيًّا

خلصت دراسة أصدرها مركز الزيتونة للدراسات، إلى أن حلّ المجلس التشريعي غير مشروع دستورياً ووطنياً، وقفزة إلى المجهول، خصوصاً إذا لم يتم التوافق بين قوى الشعب الفلسطيني الفاعلة على الأرض على إجراء انتخابات تشريعية ورئاسية، فضلاً عما يترتب عليه عملياً من إلغاء للقانون الأساسي الفلسطيني.

الدراسة التي حملت عنوان “رأي استشاري في حلّ المجلس التشريعي الفلسطيني” أعدها البرفيسور أحمد مبارك الخالدي، بينت أن هذه الخطوة يمكن أن تؤدي إلى تحويل الانقسام بين الضفة وغزة إلى انفصال تام، ما سيفقد الشعب الفلسطيني قدراً كبيراً من العمل في سبيل التحرير والعودة وتقرير المصير.

 وقالت: إن المفاوضات خلال ما يزيد على عقدين أثبتت أن الاحتلال لن يعيد أيًّا من الحقوق الأساسية للشعب الفلسطيني في العودة وتقرير المصير.

وعرجت الدراسة على القوانين الناظمة لعمل المجلس التشريعي مؤكدة أن المادة 47 مكررًا تنص على أنه “تنتهي مدة ولاية المجلس التشريعي القائم عند أداء أعضاء المجلس الجديد المنتخب اليمين الدستوري”، وهو من التعديلات التي أدخلها المجلس التشريعي السابق على المجلس الحالي، الذي كانت الأغلبية فيه لفتح ولم تكن حماس مشاركة في عضويته.

كما تطرقت الدراسة لتداعيات حل المجلس التشريعي وآثاره الخطيرة.

وإليكم النص الكامل للدراسة:
رأي استشاري في حلّ المجلس التشريعي الفلسطيني”
مدى دستوريته وتداعياته السلبية ديموقراطياً ووطنياً بعد قرار المحكمة الدستورية بحله
أ‌.    د . أحمد مبارك الخالدي

ماهية المجلس التشريعي المنتخب:
المجلس التشريعي هو المؤسسة الدستورية التي أنشأها القانون الأساسي (الدستور) الفلسطيني ليجسد المشاركة الشعبية الفلسطينية في الحياة السياسية العامة؛ بوضع القوانين التي تنظم أدوات الحكم، وإسناد السلطة للحكام الذين يختارهم الشعب، وتحديد اختصاصاتهم، لتنفيذ السياسات الوطنية لإدارة الكيان السياسي (الدولة)، كما يحدد إحكام مساءلتهم عن تنفيذها، كما ينظم الفصل الوظيفي بين السلطات العامة الثلاث؛ السلطة التشريعية، والسلطة التنفيذية، والسلطة القضائية، وكيفية التعاون بينها والرقابة المتبادلة لتجسد كلها مجتمعة كيان سياسي (دولة) واحد. فالشعب ينتخب مجلسه التشريعي (النيابي) لينوب عنه في التشريع بوضع القوانين المنظمة للحياة العامة والمشاركة في الحكم والرقابة على السلطة التنفيذية في تنفيذها لتلك القوانين، ولا يترك الأمر للسلطة التنفيذية لتكون هي الحاكم المطلق؛ تشرع وتنفذ وتأمر القضاء ليشرعن مخالفاتها للدستور والقوانين، فذلك يتنافى مع القواعد الأساسية للديموقراطية النيابية، التي أخذ بها القانون الأساسي الفلسطيني (دستور السلطة الفلسطينية). حيث جاء نص المادة الثانية من القانون الأساسي مؤكداً ذلك بقوله إن “الشعب مصدر السلطات، ويمارسها عن طريق السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية على أساس مبدأ الفصل بين السلطات على الوجه المبين في هذا القانون الأساسي”.

وأكد القانون الأساسي على ذلك في المادة 5 منه، حيث قررت أن: “نظام الحكم في فلسطين نظام ديمقراطي نيابي يعتمد على التعددية السياسية والحزبية، وينتخب فيه رئيس السلطة الوطنية انتخاباً مباشراً من قبل الشعب، وتكون الحكومة مسؤولة أمام الرئيس والمجلس التشريعي الفلسطيني”. وحددت المادة 36 من القانون الأساسي الفلسطيني المدة التي يجوز لرئيس السلطة البقاء فيها في رئاسة السلطة على النحو التالي: “مدة رئاسة السلطة الوطنية الفلسطينية هي أربع سنوات، ويحق للرئيس ترشيح نفسه لفترة رئاسية ثانية على أن لا يشغل منصب الرئاسة أكثر من دورتين متتاليتين”.

ووفقاً للمادة 47 من القانون الأساسي الفلسطيني، فإن المجلس التشريعي هو السلطة التشريعية المنتخبة. وتمتد صلاحياته وفقاً للمادة 47 مكرر إلى حين انتخاب المجلس التشريعي الجديد، وأداء الأعضاء الجدد المنتخبين اليمين الدستورية. وحددت المادة 47 الفقرة الثالثة من القانون الأساسي مدة دورات الانتخاب للمجلس التشريعي كل أربع سنوات بالنص: “3- مدة المجلس التشريعي أربع سنوات من تاريخ انتخابه، وتجري الانتخابات مرة كل أربع سنوات بصورة دورية”. ولم تحدد المادة 48 من القانون الأساسي أي قيد على الفترات التي يمكن لعضو المجلس التشريعي أن يرشح نفسه لها، وذلك مثل سائر نظم انتخاب الأعضاء للبرلمان في النظم الديموقراطية.

وما نصت عليه المادة 47 مكرر من أنه: “تنتهي مدة ولاية المجلس التشريعي القائم عند أداء أعضاء المجلس الجديد المنتخب اليمين الدستوري”. هو من التعديلات التي أدخلها المجلس التشريعي السابق على المجلس الحالي، الذي كانت الأغلبية فيه لفتح ولم تكن حماس مشاركة في عضويته.

وبعد الانتخابات التشريعية الأخيرة التي أجريت في أوائل سنة 2006، وفازت فيها حماس بأغلبية مقاعد المجلس التشريعي، ورفضت فتح المشاركة في تشكيل الحكومة، ورهان البعض على فشل الحكومة التي ستشكلها حماس، وحسم حماس المواجهة مع أنصار فتح في غزة بقيادة دحلان، لم ينتظم المجلس التشريعي في الانعقاد، وتوقفت اجتماعاته المشتركة بين الضفة وغزة، حيث لم يدع المجلس للانعقاد، وبقي المجلس شبه معطل في الضفة وينعقد جزئياً في غزة.

وتعود الإشكالية في النظام الفلسطيني، التي أدت إلى تعليق اجتماعات المجلس التشريعي بشقيه في غزة والضفة مكتملاً، بالإضافة إلى رفض فتح التعامل مع نتائج الانتخابات، إلى الانحراف التشريعي للمجلس التشريعي السابق على المجلس التشريعي الحالي الذي حلته المحكمة الدستورية (والمحكمة نفسها محل جدل في دستوريها واستقلاليتها)، الذي وضع نظاماً داخلياً خالف فيه القانون الأساسي (الدستور) وبيان ذلك على النحو التالي:

مخالفة نظام المجلس التشريعي الداخلي للقانون الأساسي:
القانون الأساسي الفلسطيني في الفقرة الثانية من المادة 47 نصّ على أنه: “بما لا يتعارض مع أحكام هذا القانون، يتولى المجلس التشريعي مهامه التشريعية والرقابية على الوجه المبين في نظامه الداخلي”.

وكذلك نصت المادة 51 من القانون الأساسي على أن “يقبل المجلس استقالة أعضائه، ويضع نظامه الداخلي وقواعد مساءلة أعضائه، بما لا يتعارض مع أحكام هذا القانون الأساسي، والمبادئ الدستورية العامة…”.

وحصر القانون الأساسي الفلسطيني في المادة 52 صلاحية رئيس السلطة في علاقته بالدعوة لاجتماعات المجلس التشريعي فقط بعد انتخاب مجلس تشريعي جديد بأن “يفتتح رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية الدورة العادية الأولى للمجلس، ويلقي بيانه”. لأنه بعد انتخاب مجلس تشريعي جديد وقبل اجتماعه لا يكون له رئيس يدعوه للاجتماع فيدعوه رئيس السلطة (رئيس الدولة) وهو المعمول به في النظم المختلفة. ويجتمع المجلس أول اجتماع له برئاسة أكبر الأعضاء سناً حيث ينتخب المجلس في هذا الاجتماع الأول رئيساً ونائبين للرئيس وأميناً للسر، ذلك ما تنص عليه المادة 50 من القانون الأساسي بتقريرها أن: “ينتخب المجلس في أول اجتماع له رئيساً ونائبين للرئيس وأميناً للسر يكونون هيئة مكتب رئاسة المجلس…”.

المخالفات في النظام الداخلي للمجلس للقانون الأساسي:
جاء نص المادة 16 من نظام المجلس التشريعي الداخلي بالمخالفة للقانون الأساسي بالنص على أن: “يعقد المجلس بدعوة من رئيس السلطة الوطنية دورته العادية السنوية على فترتين مدة كل منها أربعة أشهر، تبدأ الأولى في الأسبوع الأول من شهر آذار (مارس) والثانية في الأسبوع الأول من شهر أيلول [سبتمبر]، أو في دورة غير عادية بدعوة من رئيسه بناء على طلب من مجلس الوزراء أو من ربع أعضاء المجلس، فإذا لم يدع رئيس المجلس إلى مثل هذا الاجتماع يعتبر الاجتماع منعقداً حكماً بالمكان والزمان المحددين في طلب أعضاءه أو طلب مجلس الوزراء”.

ويسجل على المادة 16 من النظام الداخلي مخالفتها للمادتين 51 و52 من القانون الأساسي:
1.    فالمادة 51 قيدت النظام الداخلي للمجلس بأن لا يتعارض مع القانون الأساسي الفلسطيني والمبادئ الدستورية العامة، فالمادة 16 من النظام الداخلي للمجلس التشريعي، سلبت اختصاص رئيس المجلس التشريعي ومنحته إلى رئيس السلطة بالمخالفة للقانون الأساسي، وقلصت صلاحيات رئيس المجلس التشريعي في الدعوة إلى دورة غير عادية للمجلس، وذلك بشرط أن يطلب مجلس الوزراء عقد اجتماع للمجلس في دورة غير عادية أو يطلب ذلك ربع أعضاء المجلس التشريعي.

2.    ونص النظام الداخلي للمجلس، إمعاناً منها في تقليص صلاحيات رئيس المجلس التشريعي أوردت حكماً في الدعوة لدورة غير العادية لاجتماع المجلس التشريعي: “أن الاجتماع ينعقد حكماً إذا لم يدع رئيس المجلس التشريعي المجلس للانعقاد في الموعد المحدد في طلب مجلس الوزراء أو ربع أعضاء المجلس”. ولو أوردت المادة 16 من النظام الداخلي للمجلس التشريعي مثل هذا النص في حالة دورتي الانعقاد السنوية العادية للمجلس التشريعي (في آذار [مارس] وأيلول [سبتمبر])، لما تمكن رئيس السلطة من تعليق انعقاد المجلس التشريعي لما يزيد عن عقد من الزمن لأسباب سياسية.

3.    كذلك خالفت المادة 16 من النظام الداخلي للمجلس القانون الأساسي ما نصت عليه المادة 52، التي حصرت اختصاص رئيس السلطة في أن يفتتح الدورة العادية الأولى للمجلس، واستبدلت ذلك بأن جعلت انعقاد المجلس معلق بدعوة رئيس السلطة له بنصها على: “يعقد المجلس بدعوة من رئيس السلطة الوطنية دورته العادية السنوية على فترتين، مدة كل منها أربعة أشهر، تبدأ الأولى في الأسبوع الأول من شهر آذار (مارس) والثانية في الأسبوع الأول من شهر أيلول [سبتمبر]…”.

4.    لم تكتف المادة 16 من النظام الداخلي بما نصت عليه المادة 52 من القانون الأساسي، من أن رئيس السلطة يدع المجلس للافتتاح في الدورة العادية الأولى بعد انتخاب المجلس الجديد، بل أضافت حكماً جديداً مخالفاً للقانون الأساسي، وأسندت إلى رئيس السلطة اختصاصاً جديداً لم يرد في القانون الأساسي الذي حدد اختصاصات الرئيس بموجب المادة 38 من القانون الأساسي: “يمارس رئيس السلطة الوطنية سلطاته ومهامه التنفيذية على الوجه المبين في هذا القانون”. لكن النظام الداخلي عدل القانون الأساسي، وأعطى رئيس السلطة الاختصاص وحده، في دعوة المجلس التشريعي للانعقاد في دورتيه السنوية والعادية في آذار/ مارس وأيلول/ سبتمبر.

وهناك فرق بين الدورة العادية الأولى التي تكون بعد انتخاب مجلس تشريعي جديد، وبين الدورة العادية السنوية، والتي تنظم انعقاد المجلس في دوراته العادية طوال مدة ولايته.

وتأخذ الدساتير في الديموقراطيات المختلفة بجعل الدعوة لانعقاد المجلس النيابي (التشريعي أو البرلمان أو مجلس الأمة وهي تسميات مختلفة للمجالس المنتخبة المختصة بالتشريع) في الدورة العادية الأولى لرئيس الدولة، أما الدعوات للانعقاد في الدورة العادية السنوية فلرئيس المجلس، وتنعقد حكماً في الزمان والمكان المحددين. ونذكر على سبيل المثال الدستور المصري (المادة 101)، والدستور الأردني (المادة 78)، والدستور الجزائري (المادة 118)، والدستور التونسي (الفصل الثاني)، والدستور الموريتاني (المادة 53)، وهو ما أخذ به مشروع الدستور الفلسطيني (المادة 142 و145).

5.    كذلك خالفت المادة 115 من النظام الداخلي للمجلس التشريعي ما نصت عليه المادة 118 من القانون الأساسي، وتوضيح ذلك:
جاء في نص المادة 115 من النظام الداخلي للمجلس التشريعي: “… يلغي هذا النظام أية تشريعات أو أنظمة بهذا الصدد كانت سارية المفعول في فلسطين قبل صدوره”. وهذا الحكم خالف نص المادة 118 من القانون الأساسي التي تقرر: “فيما لا يتعارض وأحكام هذا القانون الأساسي المعدل تظل سارية القوانين واللوائح والقرارات المعمول بها في فلسطين قبل ال

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات