الأحد 05/مايو/2024

احتلال مرتعب وانتقام مرتبك ..!!

وليد الهودلي

واضح أن دولة الكيان تتصرف تصرف العصابة، وتأخذ بيدها غطرسة مستوطنيها – وكلهم مستوطنون – وسواد قلوبهم الممتلئة غيظا وسوءا إلى حيث الانتقام دون أي حساب آخر، تعدم صالح البرغوثي إعداما ميدانيا بعد أن تمكنت من اعتقاله، وتهدم بيت أبو حميد للمرة الثالثة دون أن تسأل نفسها ماذا جنت من المرتين السابقتين، توغل في مستنقع الجريمة والانتقام دون حسابات العواقب والنتائج، لا تجد في نفسها إلا وحش مفترس يحق له أن ينشب مخالبه في فريسته وقت ما شاء وكيف ما شاء، لا يوجد في صدره قلب بشري ولا تنتابه ولو للحظة واحدة مشاعر إنسانية كبقية البشر، اعتاد على استباحة دماء الناس وأرواحهم، أرواح الناس في نظره لا وزن لها ولا قيمة، عظم ذاته واستحقر الآخرين، بنو قومه لهم كل الاعتبار، مخلوقات نورانية نزلت من الجنة! بينما الفلسطيني عنده مخلوقات شيطانية خلقت من نار، الفلسطينيون المحترمون عندهم هم الفلسطينيون الميّتون، بينما الأحياء منهم مجرد أفاعي وصراصير ليس لهم إلا السحق والقتل. كل هذا يجعل منهم عصابة ويبعدهم كل البعد أن يكونوا دولة.

تجيد هذه العصابة وضع نفسها في دوامة من العنف وتهرب إلى مستنقعات الجريمة دوما، وهذا يدلل تماما بأنه لا يوجد هناك احتلال يتمتع بأدنى درجة من درجات الاحترام أو أن نقول إن لديه قدر من المشاعر الإنسانية، هذا يؤكد للقاصي والداني بأن هذا الجنس من البشر لا حدود لإجرامه، وأنه لا يجوز بأي حال من الأحوال أن يراهن أحد على أنه طرف لسلام أو أنه ممكن أن يتعايش مع الآخرين دون أن ينكث عهده بهم أو أن يفاجئهم بعدوانه وإجرامه، هذا مجبول على العدوان، فمن يطالب بوقف العدوان هو لا يعرف طبيعة هذا العدو، تماما كمن يطالب أيضا بوقف الاستيطان متجاهلا بأن هذا الكيان قد قام على شرطين متلازمين هما: العدوان والاستيطان، فمن يطالب بوقف أحدهما كمن يطالب الذئب بترك صفاته العدوانية.

عدونا اليوم بات مرتعبا من نفسه، يمارس الجريمة ثم يرتعب مما سيلحق به، أصبح يتوقع في كل لحظة انفجار الأوضاع وتلقي الضربات من فعل أحرار هذا الشعب الذي يذيقه كل صنوف العذاب، يهرب في حلقة مفرغة ويدور دورانا مركزيا حول جرائمه، لو كان منتسبا إلى الحضارة الإنسانية لفكر طويلا فيما يقوم به؟ ماذا سيجر عليه هدم بيت أصحابه محكومون مؤبدات في سجونه؟ ماذا سيجر عليه قتله لشاب بدم بارد بعد اعتقاله؟ ذاكرة هذا الاحتلال قصيرة، فحادثة دهس عمال ومشهد محمد الدرة أشعلا انتفاضة الحجارة، ودخول شارون الاستفزازي للأقصى أيضا فجر انتفاضة الأقصى، والحبل على الجرار.

تارة يذهب هذا الاحتلال للانتقام المرتبك لسواد عيون مستوطنين لا يرون أبعد من أنوفهم، وتارة يظهر ارتباكه عندما يقع تحت ضغط أحزاب يمينية متطرفة ومتعجرفة، يبتعد كل البعد عن أية قراءة موضوعية للسياسة أو التاريخ ، تتحكم به ذاكرة قصيرة دون أن يفهم سنن وقوانين هذه الحياة والمجتمعات البشرية. هو مرتبك ومرتعب مما تصنع يداه، ويصر على الدوران في نفس الدوامة: دوامة الدم والموت والدمار والتي لا تبشر إلا بزواله وخروجه الكلي من خريطة هذه المنطقة.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات