النصر والوحدة الوطنية

انتصار المقاومة الفلسطينية والأداء الوطني من خلال العمل المشترك يشكل دافعاً للجميع ورافعاً للُّحمَة وتعزيز العمل المشترك في البعدين السياسي والميداني.

هذا النجاح الذي تحقق من خلال قيادة هيئة الحراك لمسيرة العودة على مدار ثمان شهور في العمل الميداني الجماهيري المشترك عزز الثقة والأمل بتحقيق الوحدة وأثبت عملياً أن حركة حماس تملك الإرادة والقرار للذهاب بعيداً إلى أبعد مدى من أجل تحقيق الوحدة من خلال نكران الذات وتقديم الشركاء في القرار والدم.

هذا التطور النوعي الذي لم يشهد التاريخ الفلسطيني مثيلاً له من حيث حجم الحركة الجماهيرية وحجم المشاركة فيها، وحجم التحديات والمخاطر التي تواجهها واكبها محطات تصعيد رفعت المقاومة من خلال غرفة العمليات شعار (القصف بالقصف والدم بالدم) وأدارتها بحنكة واقتدار.

واستمرت المسيرة واستمر التصاق الجمهور فيها من كل فئاته وقطاعاته ومشاربه السياسية والاجتماعية والثقافية، وسهرت المقاومة لحماية هذا المشروع النضالي الجماهيري الأوسع في تاريخ الثورة الفلسطينية وراقبت تجاوزات الاحتلال، وردت بالإجماع بالتوقيت والحجم والمكان من خلال غرفة العمليات المشتركة.

ونالت هذه الحركة النضالية إعجاب العالم وتأييده وإسناده، والتفت الجماهير الفلسطينية حول المشروع وتدفقت وتدافعت على الصفوف الأولى وهي تقدم التضحيات بالدم حتى افتُضِحت عملية خان يونس الفاشلة، وتم التعامل معها -ولا يزال مستمراً- بنباهة وبداهة ورباطة جأش وحكمة واقتدار لتتطور لتصعيد انتصرت فيه المقاومة، لكن عملية خان يونس أضفت بعداً جديداً على مفهوم الأمن لا يمكن في أي حوار فلسطيني (أن) يتم القفز عنه وتجاهله.

إنّ تسلل هذه القوة إلى قلب القطاع يستدعي مزيداً من الإجراءات الأمنية في المستقبل والتي تتعارض مع كل مطالب السلطة المتعلقة بالسلاح والأمن، وإن كل ما يُثار حول وجود تقدم في ملف المصالحة ليس له أي رصيد في الواقع للأسف، وستبقى الوحدة الوطنية قبلة الثوار والمجاهدين، فهي خيار وطني خالص، وممر إجباري للتحرير، لكن ما كان ممكناً قبل شهر فيما يتعلق بالأمن أصبح صعباً للغاية بعد عملية خان يونس، وعلى السلطة أن تدرك ذلك جيداً، وأن تكف عن سيمفونية السلاح والمقاومة.