السبت 27/أبريل/2024

عندما بكت سهى جبارة

علاء  الريماوي

مررت بها صبية فلسطينية، يحيط بها جند، وكلاب تعوي، خلتها مقبلة على افتراس قريب.

نظرت في عيونها، خائفة، مرتبكة ما أن وقعت العين على العين، حتى تفتح وجهها، ابتسم إخواني لها، وقال بعضهم: “ولا يهمك معاك احنا، ما اتخافي” تبسمت وقالت ….. أنا أخت ارجال ومع الكلمات دمعت عيونها…. نهروها لمنعها الحديث… فأخذ من في زنازين المحكمة طرق الأبواب.

بدأت أخياتها قرع الأبواب، فطلب ضابط المحكمة الهدوء، ووعد المعاملة الحسنة واعتذر عن السلوك.

فاطمة المقهورة، اتهما الاحتلال، تهديد أمن الجنود، والمنطقة وتعريض من فيها للخطر، بالاضافة إلى المشاركة في المسيرات، وتخباية الشباب حين الملاحقة…

أختنا فاطمة كانت فتحاوية، توزع ليلا الطحين والسردين والشعيرية على بيوت المعوزين، وتساعد في نقل البيانات الوطنية.

سهل الله اللقاء، حين توجهنا الى أحد السجون، المتقاربة مع الأخوات، كان الأسير يجوع ليطعم أخيته، يستنفر إن غضبت، وإن مسها مكروه كانت إدارة السجون تخشى جنون أسير من ردة الفعل.

اسم الفلسطينية الأسيرة كان جامعا، ملهما، موحدا، لأنها كما قال أبو سكر رحمه الله مرة: “صحيح احنا ضعاف في الأسر… بس بنصير نووي إذا حد بهين بناتنا وأعراضنا، ونسوانا”.

في الأسر كانت تجتمع فتح وحماس والشعبية والديمقراطية والجهاد لنصرة الحرة، دون نظر لأي تفصيل…. وإن بكت إحداهن جرت أودية من غضب.

فاطمة الفتحاوية هي أختها لسهى…. اتهامها أنها تخدم شريحة مقهورة فلسطينية، معنا ذلك أنها تعرف واجبها تجاه أخواتها.

سهى يعرفها أهل بلدتها، والناس بأنها الشريفة العفيفة الطاهرة … اليوم يعتقلها الأمن الفلسطيني الذي غضب كثير من أفراده، حين كانت تهان الفلسطنية.

السؤال ما الذي تغير، حتى يجرم فعل فاطمة في العرف الفلسطيني؟

ما الذي حول الفعل الممجد لجناية؟

لست أدري ما الذي فعلته، سهى، لكن يقيني أنها بكت بعد دخولها الزنزانة، وبعد أن دخل المحقق عليها، وبعد أن انتزعت من بيت أهلها.

سهى الفلسطينية، تعيش غربة الصمت، من الوزراء، والعلماء، والوجهاء والإعلام، والحكام، من رجال النيابة والسياسة، من التنفيذية، والمركزية، والوطنية، من أصحاب الشركات، والضمان والغاضبون عليه، ومني ومن الناس أجمعين.

سهى الفلسطينية كشفت حجم الخيبة في نخوة الرجال…. فلم ننصر أعراضنا بالكلمة والتوجه للسلطة والطلب من الحكومة والرئاسة إطلاق سراحها.

حتى فاطمة وعائشة وأخياتها، صمتن عن المطالبة بإطلاق سراحها.

سهى ليست الراقصة في بيت لحم، ولا بائعة الهوى في السيارات المغلقة، ولا الراقصة في روفات رام الله أو بيت لحم، ولا المستجلبة لساعات الليل من حاويات البغاء في بعض الشقق المغلقة.

فاطمة أخت وأم …. وسهى شقيقتها التي رضعت إرث الثورة منها، فعيب على المرضعة، بيع نصفها وغدرها …. فما هذا الزمان الذي انشقت فيه الأرض لتبلع نخوة الرجال.

سهى إخواني في أجهزة السلطة، تكرار لسيرة خالدة في قلب الفلسطينية تمتد من دلال المغربي إلى والدة أبناء الفرحات خنساء فلسطين.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات