عاجل

الجمعة 03/مايو/2024

مسيرات العودة

رشيد حسن

فيما مسيرات العودة، تعد الخطى لتحقيق حلم العودة، فتزداد ألقا وتوهجا بإرادة وصمود أهلنا الميامين الصامدين.. الصابرين.. في قطاع العزة والشموخ، وبدماء شهدائهم الأبرار، الذين يتسابقون على الشهادة.. وقد مضى على هذه المسيرات «29» أسبوعاً من 30 آذار.. فإنها لا تزال تؤرق العدو، وتدهش العالم، كل العالم باستمرارها، وبالتفاف الجماهير الفلسطينية حولها، وإصرار هذه الجماهير على تطويرها، لتؤتي أكلها برفع الحصار الصهيوني الغاشم الظالم عن القطاع، والخروج من مربع الانقسام، والحفاظ على الزخم النضالي، ورفع وتيرته، لتذكير العالم بواقع الشعب الفلسطيني.. بمأساته.. وما يتعرض له على يد عدو فاشي.. من حصار مضى عليه «12» عاماً، وحرب إبادة قذرة.. تستهدف المدنيين العزل، واستعمال لأسلحة محرمة دولياً «الفوسفور الأبيض».

كثيرة هي الدروس والعبر والعظات التي تزجيها هذه المسيرات الرائدة، ومن أهمها في تقديرنا:
أنها كشفت عن المخزون النضالي للشعب الفلسطيني، وهو مخزون تراكمي لأكثر من «100» عام ، من النضال والكفاح.. منذ وعد بلفور.. وسيستمر.. إلى أن يتم استئصال الوباء الصهيوني من الأرض المباركة.

ومن هنا.. فاجأت هذه المسيرات العدو، بفعالياتها وأساليبها الكفاحية المبتكرة.. فمن وحدات إحراق إطارات الكاوتشوك.. إلى وحدات الطائرات الورقية المشتعلة.. إلى وحدات إرباك العدو، ومفاجئته باختراق الحدود.. وأخيراً.. وليس آخراً وحدات السهام التي أعلن عن تشكيلها الأسبوع الماضي.. إلخ.

هذه الفعاليات النضالية علاوة على أنها تربك العدو، وتوقع به خسائر مادية ومعنوية باهظة، أبرزها إحراق المحاصيل الزراعية، وإثارة الرعب في جموع رعاع المستوطنين، الذين هجروا مستعمرات غلاف غزة.. إلخ.. فإنها أيضاً، تؤكد للعدو قدرتها على الابتكار، وقدرتها على مفاجئة العدو، بأساليب نضالية جديدة، لم يألفها.. ولم يتوقعها،، ما يعني أن الشعب الفلسطيني لم يتعب، ومصر على الاستمرار في المقاومة.. وهو ما يزيد في إرباك العدو الشديد.

ومن ناحية أخرى، فإن الإجماع الشعبي على الاستمرار في المسيرات أسبوعياً، وكل يوم جمعة، والإصرار على رفع وتيرة المشاركة الشعبية في هذه المسيرات.. كل ذلك وأكثر منه.

هو تأكيد للعدو بأن الشعب الفلسطيني مستمر في نهج المقاومة، ومصر على تصعيدها، حتى تحقق هذه المسيرات أهدافها وأهمها: رفع الحصار، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة بجناحيها في الضفة وغزة، وعاصمتها القدس العربية، وعودة اللاجئين وفقا للقرار الأممي رقم «194».. وإسقاط «صفعة» ترمب، التي تهدف إلى تصفية القضية الفلسطينية، والحكم على الشعب الفلسطيني بالنفي الأبدي في أربعة رياح الأرض.

مسيرات العودة أكدت على المقاومة الشعبية السلمية، كنهج اختاره الشعب الفلسطيني، وأسقطت افتراءات العدو وأكاذيبه، التي يطلقها جزافاً، لتبرير عدوانه الغاشم على هذا الشعب الأعزل، وإطلاق النيران القاتلة على جموع المتظاهرين السلميين، ما أدى إلى استشهاد «205» مشاركين في المسيرات، غالبيتهم من الشباب، وإصابة أكثر من «21» ألفاً إصابة بعضهم خطرة أدت إلى بتر الساقين، ما يؤكد أن العدو استعمل الرصاص المتفجر، وهو سلاح محرم دولياً.

لقد استطاعت غزة بلحمها الحي، ودماء شهدائها الأبرار.. أن تعيد الحياة إلى الأمة كلها.. وأن تنفض عنها غبار الموت، وأن تعيد القضية الفلسطينية إلى أولى أولويات الأمة، وأن تعيدها إلى اهتمامات العالم الحر، وما تلك المظاهرات التي عمت وتعم العالم، تأييداً لنضال الشعب الفلسطيني وحقه في الحرية والاستقلال، ودعماً لغزة وإدانة للحصار الصهيوني، الذي يطبق عليها.. ما هو إلا دليل أكيد على أن هذه المظاهرات العارمة انتصرت بدماء أبنائها على العدو.. وها هو الإرهابي نتنياهو يشترط وقف هذه المسيرات، مقابل الاستمرار في تزويد القطاع بالنفط، وانتصرت على القرصان «ترمب».. وستنتصر على دعاة التشرذم والانقسام.

المجد لغزة العزة.. التي علمتنا وعلمت الأمة كلها.. أن الحياة وقفة عز.. وأن الحصار والجوع والمرض لا يسقط الأحرار، بل يزيدهم اصراراً وقوة على المقاومة وعلى الرفض، وأن الإرادة الحرة الأبية، قادرة على كسر كل القيود، وقادرة على صنع المعجزات.

غزة وهي تصعد من البحر كل يوم..
وتنهض من بين الرمال.. والحرائق
غزة وهي تخرج من الأنفاق..
ومن بين بيارات البرتقال والجوافة والنخيل..
 غزة وهي تصعد من بين آهات اليتامى والأرامل..
ومن بين رفوف السنونو..
غزة تبشر الفلسطيني الصامد.. المقاوم.. الصابر.
 بأن الفجر آتٍ.. آتٍ.. وأن الليل لا محالة زائل..

المصدر: صحيفة الدستور الأردنية

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات

المقاومة تصدى لتوغل الاحتلال في جنين

المقاومة تصدى لتوغل الاحتلال في جنين

جنين- المركز الفلسطيني للإعلامتصدّت المقاومة لقوات الاحتلال الإسرائيلي صباح اليوم الجمعة، بعد اقتحامها جنين وحصارها منزلا في بلدة جبع جنوبًا، شمال...