الإثنين 13/مايو/2024

مجزرة على وقع خطاب التخلي

أحمد أبو زهري

صخب إعلامي كبير سبق الخطاب، الذي تلاه أبو مازن مؤخراً أمام الأمم المتحدة، فضلاً عن التسويق للخطاب وكأنه يحمل علامة فارقة في سياسات أبو مازن، ومواقف جادة ومسئولة تجاه التحديات الجسيمة التي تتهدد القضية الفلسطينية.

وحتى نكون واضحين ومن بداية القول، فإن الكلمة المطولة التي ألقاها أبو مازن من على منصة الأمم المتحدة، شملت جوانب عديدة، لا يمكن أن نتناولها في هذا المقال بشيء من التفصيل، وحتى لا نكرر نفس الأسلوب، فإني سأفرد جانباً من الخطاب فى مقالي هذا، وقد لفت انتباهي أن الخطاب قد قفز عن ذكر مسيرة العودة وكسر الحصار، وتحاشى بشكل مقصود ذكر شهدائها والجرحى، رغم ادعاء وزعم أبو مازن أنه يؤمن بالمقاومة الشعبية السلمية، كمنهج استراتيجي لا بديل عنه.

يبدو أن أبو مازن لا يشغله ما يحدث في غزة، ولم تتحرك نخوته ووطنيته وحتى إنسانيته لما يحدث لأطفال وشباب وشيوخ ونساء قطاع غزة، الذين ينتفضون ليل نهار، ويحتجون على استمرار الحصار، ويطالبون بالعودة ونيل حقوقهم المشروعة في مسيرة سلمية وحراك جماهيري شعبي رافض لوجود الاحتلال بالأساس.

إن هذا الوطن لا يمكن أن يتجزأ، وأن ننظر لجرح دون جرح، أو لعذابات دون عذابات أخرى تصيب الوطن، هي انتقائية غير محمودة وقع فيها كعادته، وقد نظر للوطن بعين واحدة لا يريد أن يري فيها غزة المحاصرة الجريحة التي أحيت هذه القضية وأعادتها إلى واجهة الاهتمام على الصعيد الدولي، ودفعت أطراف دولية عدة للتحرك، ولا زالت قلب الوطن النابض، فإن خصومتك السياسية مع الأحزاب والفصائل في غزة لا تعني أن تتجاهل القطاع وتتهرب من مسؤولياتك الوطنية والسياسية كونك لا زلت تجلس على كرسي الرئاسة وتفرض نفسك كأمر واقع زعيماً للسلطة تقرر ما تشاء في مصير وحقوق الشعب الفلسطيني.

إن السقطات السياسية التي تتدحرج فيها يوماً بعد يوم آخذة بالزيادة، وتظهر عجزك على وقف طريق التنازل والاستجداء
و تبرر لك السير في طريق انعدام الخيارات، وتحييد كل قوة ممكنة يمكن أن يمتلكها الشعب الفلسطيني، وتحقق مكاسب سياسية، هو خطاب التناقضات يدعوا لهذه المسيرة السلمية ويؤمن بالسلام، لكنه أبداً لا يؤمن بالحراك السلمي والشعبي الحاصل في قطاع غزة، نعم نتفهم أن السلام في فهمك السياسي هو مزيد من الاستسلام، والانبطاح أمام الجلاد، والتودد للمقصلة أن تنزل شفرتها على شعبنا بكل حنية، دون أن تعطي هذه الضحية الحق بالانتفاض قليلاً علها تفلت من الموت المحقق.

هل سمعتم أن زعيماً وطنيا وقائداً سياسيا، يصبح عدوا لشعبه ولا يأبه لتضحياته، بل ويسعى لإجهاض ثورته، غريب أمرك يا أبو مازن لقد كان هناك متسع من الصفحات لتضع بعض كلمات الدعم والتعاطف لمسيرة العودة وكسر الحصار. 
وكانت الفرصة كافية حينما بدأت تمثل دور البطل وتشير بسبابتك بأنك يمكن أن تفعل الكثير وأنك لن تلتزم ما لم يلتزموا، كنا نتوقع أن تخاطب العالم وتقف دقيقة صمت بل وقفة غضب احتجاجا على قتل عشرات المدنيين الأبرياء وجرح المئات ممن أصيبوا في هذا الحراك الوطني على حدودنا المحتلة في قطاع غزة.

لقد خيبت آمال شعبنا في أكثر من موطن في خطابك المكرر، مؤكداً على ذات الدرب نحو السلام الذي لم يعيشه ولم يجده شعبك واقعاً، وظللت أسيراً لهذا الطريق الذي أوصلنا إلى نهاية مظلمة، وقد التقط الصهاينة هذا الموقف في خطابك المشئوم، ولا حظوا غياب التضامن والاهتمام بهذه المسيرة وهذه التضحيات، لتعطيهم شرعية كافية لفتح النار والتسبب بمجزرة جديدة بحق أطفال غزة على يد العدو الصهيوني المجرم.

إن الدماء التي نزفت لا تعفيك ولا تعفي الاحتلال من مسؤوليته أمام هذه الجرائم، وستبقى هذه التضحيات الصفحة السوداء والعار الذي يلاحقك بعد أن أعطيت شرعية للاحتلال بقتل أطفال غزة، دون أن تسمح لنفسك بصحوة ضمير أو موقف وطني فريد يمكن أن يترك لك صفحة بيضاء يتذكرها لك هذا الشعب المكلوم.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات

مواجهات عقب هجوم للمستوطنين جنوب نابلس

مواجهات عقب هجوم للمستوطنين جنوب نابلس

نابلس – المركز الفلسطيني للإعلام اندلعت مساء اليوم الاحد، مواجهات بين المواطنين والمستوطنين وقوات الاحتلال في بلدة قصرة جنوب شرق نابلس....