الأحد 05/مايو/2024

​الإسرائيليون يشترون الوقت في تهدئة لم تتحقق بعد

د. عدنان أبو عامر

لم يعد سرًّا القول إن جهود الأطراف المحلية والإقليمية والدولية تتراجع في سبيل إبرام التهدئة بين المقاومة و”إسرائيل”، مما يجعل الأخيرة في حل من أي التزامات وتعهدات تقدمها للمقاومة عبر الوسطاء والمبعوثين.

هذا التراجع يأتي بعكس ما كان عليه الحال قبل أسابيع قليلة، حين بلغت المباحثات ذروتها، وبدا وكأن الدخان الأبيض يظهر في القاهرة، وتم تداول تسريبات عن قرب التوقيع على التهدئة، ورؤية أهل غزة لنتائجها الإيجابية على صعيد تحسين الوضع الإنساني الكارثي، وفجأة حصل جمود في المباحثات، ولم تعد غزة تشهد مبعوثين، ولم يعد قادتها يخرجون للقاهرة، ولم تعد التهدئة تتصدر عناوين الأخبار والصحف.. فما الذي حدث؟

يمكن عبر مسح سريع لمواقف الأطراف المنخرطة في التهدئة توزيع المسئوليات على كل منها، بدءا بمصر التي ترى نفسها أقرب إلى فتح من حماس سياسيا، وما حالة الود التي تبديها تجاه غزة إلا استدارة اضطرارية لمصالحها الأمنية، ولذلك ترى مصر أنه ليس هناك من أمر عاجل يجعلها تواجه السلطة الفلسطينية من أجل تهدئة في غزة تحقق لحماس إنجازات ميدانية.

الأمم المتحدة الشريك الأساسي في المباحثات حريصة على إبقاء نفسها وسيطا محايدا بين حماس و”إسرائيل”، وإن كانت في النهاية طرفا في اللجنة الرباعية التي تضع على حماس الكثير من الاشتراطات، لكنها قفزت عنها مؤخرًا في ظل الحالة المتردية في غزة، ومع ذلك بدا مبعوثها حامل رسائل بين غزة وتل أبيب أكثر من كونه وسيطا يؤثر على الطرفين، وينتزع المواقف.

القطريّون يرون أنفسهم الجهة الممولة لأي مشاريع قد تسفر عنها التهدئة، وخرجت أقاويل قريبة من الدقة أنهم استعدوا لحل مشاكل الكهرباء في غزة، وصرف رواتب لموظفيها، حتى جاءهم الفيتو من رام الله بمنع تدخلهم في هذه القضايا، فالتزموا الصمت حتى اللحظة.

بقيت “إسرائيل”، ولعل مربط الفرس موجود فيها، فهي لم تكن في عجلة من أمرها منذ بداية المباحثات غير المباشرة مع حماس، ولعلها أرادت شراء المزيد من الوقت، وقد حذرت هذه السطور من ذلك، وربما نجحت في منح طلابها وجمهورها قضاء إجازة الصيف بأريحية بعيدا عن صافرات الإنذار وإطلاق الصواريخ.

اليوم بعد أن “انفضّ” سامر التهدئة، للأسباب السابقة، بات الحديث في “إسرائيل” وغزة عن تجديد تفاهمات 2014، وحتى هذه قد لا تتم بأريحية، ولن تكون طريقها معبّدة، في ظل مواقف الأطراف الواردة أعلاه، مما سيجعل الوقت يضغط أكثر فأكثر على أهل غزة، دون وجود بصيص أمل حقيقي، وليس دعائيًّا، يمنحهم القدرة على مواجهة قسوة الحال ورداءة الظروف.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات