استمرار التنسيق الأمني يتطلب من السلطة إعادة توصيف نفسها
في ذروة القطيعة السياسية بين السلطة الفلسطينية و(إسرائيل)، أو هكذا يبدو، تتواصل اللقاءات الأمنية على قدم وساق، رغم أن المستوى الأمني بالعادة يكون تابعا تلقائيا لمن هو أعلى منه في المستوى السياسي، ومن الضرورة بمكان أن يكون التنسيق الأمني أحد ثمار التواصل السياسي، وليس العكس.
لكن الحاصل في الضفة الغربية في الشهور الأخيرة أمر عصي على الاستيعاب والمنطق السياسي، ففي الوقت الذي تجمدت فيه المفاوضات السياسية بين السلطة الفلسطينية والحكومة الإسرائيلية منذ 2014، لا زالت الحميمية تسود أجواء العلاقة بين الضباط من الجانبين، الفلسطينيين والمحتلين، سواء من خلال تبادل المعلومات الأمنية، أو اللقاءات التنسيقية، أو الاتصالات على المستوى الأعلى بين كبار الضباط.
تجلى هذا التنسيق الأمني سيئ الصيت في الآونة الأخيرة بكشف الأجهزة الأمنية التابعة للسلطة الفلسطينية عن عملية تفجيرية ضد دوريات للجيش الإسرائيلي في بعض مناطق الضفة الغربية، مما لقي ترحيبا إسرائيليا وتغطية إعلامية واسعة لدى الإسرائيليين، لأن هذا الجهد الأمني الفلسطيني صان دماء إسرائيلية، وحمى جنود الاحتلال من موت محقق.
لعل التعاون والتنسيق الأمني بين السلطة الفلسطينية و(إسرائيل) منصوص عليه في اتفاقات أوسلو، ويعدّ نتيجة من نتائج التفاوض السياسي والمباحثات السياسية بينهما، وفي الوقت الذي تتعثر هذه المفاوضات، فمن الطبيعي أن يتزعزع هذا التنسيق، أو على الأقل لا يبقى محتفظا بذات المستوى من التعاون والحرفية، وكأن الأمور في المسار السياسي تسير “عال العال”.
لكن الحاصل اليوم أن الأجهزة الأمنية الفلسطينية تعمل بمنأى عن تعثر المسار السياسي، وكأنها تقدم خدمات مقاولة أمنية للاحتلال الإسرائيلي، بعيدا عن مرجعيتها السياسية التي دأبت على تقديس التنسيق الأمني، وتعدّه رأس مالها مع الاحتلال، والحبل السري الذي يبقي رأسها فوق الماء، رغم أن بإمكانها أن تجمده لبعض الوقت لإشعار الاحتلال بالخطر الذي قد يتهدده في الضفة الغربية.
خطورة التنسيق الأمني الذي تقوم به أجهزة أمن السلطة الفلسطينية في هذه الأيام أنه يجعلها تتماهى مع مصالح الاحتلال، بمعنى أكثر وضوحا فإنها لا تلاحق المقاومة في الضفة، ولا تسلم كوادرها للاحتلال، ولا تتبادل المعلومات الأمنية مع الشاباك، فقط خدمة له، بل إن الخطورة هنا أنها ترى نفسها والاحتلال في مسار واحد ضد المقاومة، وهذا لعمري تطور خطير في عملية غسيل الدماغ الجارية على قدم وساق.
أخيرا.. أفهم أنه قد تكون هناك تباينات في الرأي بين فتح وحماس، والسلطة الفلسطينية وباقي الفصائل، لكن الاختلاف والتباين شيء، والملاحقة بهدف الاستئصال والاقتلاع شيء آخر، فهل باتت السلطة وأجهزتها الأمنية ذراعا أمنيا كاملا لـ(إسرائيل)، رغم وجود بعض الوزارات والهيكليات الحكومية التي تغطي سوأتها؟
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات
نتنياهو كفيلٍ في متجر خزفٍ.. وطوفان الأقصى أغرق الاحتلال وأضاء سراج العالم
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام بعد مرور أكثر من 212 يومًا على العدوان الصهيوني على غزة، يواصل رئيس مجلس الحرب بنيمين نتنياهو تعنته في إبرام صفقة...
لليوم الـ 212.. القسام يواصل قصف الاحتلال بصواريخ رجوم
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام تواصل كتائب القسام لليوم الـ 212 على التوالي، التصدي للقوات الصهيونية المتوغلة في عدة محاور، والتي أسفرت حتى اللحظة...
أبو مرزوق: إذا أقدم جيش الاحتلال على دخول رفح لن يجني غير الفشل والفضيحة
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام أكد رئيس مكتب العلاقات الدولية بحركة حماس د. موسى أبو مرزوق في حوارٍ أجراه مساء اليوم الأحد مع قناة الأقصى، أنّ هناك...
الاحتلال يعترف بمقتل 3 جنود وإصابة 9 في عملية كرم أبو سالم
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام اعترف جيش الاحتلال الإسرائيلي رسميا، مساء اليوم الأحد، بمقتل ثلاثة من جنوده في عملية استهداف معسكر لجيش الاحتلال في...
للمرة الثانية.. الاحتلال يمنع المفوض العام للأونروا من دخول غزة
نيويورك- المركز الفلسطيني للإعلام منعت سلطات الاحتلال الإسرائيلي، المفوض العام لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين أونروا فيليب لازاريني، من دخول...
ميدل إيست آي: السلطة طلبت من الوسطاء استبعاد البرغوثي من أي صفقة تبادل محتملة
لندن- المركز الفلسطيني للإعلام كشف موقع "ميدل إيست آي" البريطاني، اليوم الأحد، عن طلب السلطة الفلسطينية من الوسطاء استبعاد القائد البارز في حركة فتح...
حزب الله: استهدفنا مواقع للاحتلال وحقّقنا إصابات مباشرة
جنوب لبنان – المركز الفلسطيني للإعلام قال حزب الله اللبناني، إنه "استهدف مواقع تابعة للاحتلال وحقّق فيها إصابات مباشرة". وأضاف في بيان وصل المركز...