في أغراض قانون القومية الإسرائيلي
تعلن “إسرائيل” عن مخطط تهويدي للسيطرة على مزيد من الأراضي في الجليل والنقب والمثلث، ثم تصدر “قانون القومية” الذي تقونن به فكرة يهوديتها. وبذلك يُجمع المراقبون على أن مصطلح يهودية دولة “إسرائيل” لم يعد مجرد فكرة، حيث ستسعى المؤسسات الإسرائيلية المختلفة إلى تنفيذ مخططات لتهويد كل مناحي الحياة داخل “الخط الأخضر” والقدس المحتلة، وذلك بالسيطرة على مزيد من الأراضي التي في حوزة العرب، والعمل الدؤوب على الإخلال بالتوازن الديموغرافي، بتهيئة الظروف لجذب مزيد من يهود العالم إلى فلسطين المحتلة، وطرد أعداد كبيرة من العرب من أرضهم.
ومن أخطار قانون القومية الإسرائيلي العنصري أنه ينفي حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره على أرضه، إذ ينص على أن حق التقرير على أرض فلسطين التي يسميها القانون “أرض إسرائيل” مقصور على اليهود. وهو يتضمن تعديلات عنصرية إضافية، يتم تكريسها في قانون أساسي يحمل صفة دستورية. ومن أهم هذه البنود تحديد “القدس الكاملة والموحدة عاصمة إسرائيل”، و”إسرائيل تعتبر تشجيع الاستيطان اليهودي قيمة وطنية عليا وتعمل على تشجيعه وتعزيزه”. كما ينص القانون على خفض مكانة اللغة العربية من لغة رسمية، بموجب الوضع السائد، بحكم أنظمة الانتداب البريطاني، إلى لغة “ذات مكانة خاصة تحدّد لاحقًا بموجب القانون”، أي هناك إمكانية لإصدار قانون يجعل اللغة العربية هامشية، يسهل منعها فيما بعد. واللافت أن أصحاب الأرض الأصليين العرب باتوا رعايا أجانب في دولة الأبارتهايد العنصرية، حيث تضمّن القانون بندا يفيد بأن أرض “إسرائيل” هي الوطن التاريخي للشعب اليهودي، وأن دولة “إسرائيل” هي الدولة القومية للشعب اليهودي التي يحقق فيها حقه الطبيعي، الثقافي والديني والتاريخي، في تقرير المصير.
ولهذا، تكمن خطورة القانون في أبعاده ودلالته ومعانيه الاستعمارية التوسّعية التي تؤكد علناً تكريس نظام فصل عنصري بغيض، ويهمّش كل ما هو عربي وفلسطيني، كما إنه يتناقض مع القوانين الدولية ومبادئ حقوق الإنسان. وفضلاً عن ذلك، يشجع القانون العنصري تكثيف النشاط الاستيطاني، وبناء مجتمعاتٍ يهوديةٍ فقط، لا تسمح بدخول أي أشخاصٍ لا يدينون باليهودية. ويعتبر إصدار القانون في هذا الوقت بالذات انعكاساً لتفاقم العنصرية في المجتمع والأحزاب الإسرائيلية. وتبعاً لمخاطره، تمّ رفضه فلسطينيا على المستويين، الشعبي والفصائلي.
ولهذا طالبت فلسطين، من خلال سفيرها في الأمم المتحدة، بتوجيه سؤال إلى الدائرة القانونية في الأمم المتحدة عن مدى توافق “قانون القومية” الذي أقرّه الكنيست الإسرائيلي مع الميثاق الأممي. وقال أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، صائب عريقات، “إذا كان القانون يتماشى مع قوانين الأمم المتحدة فليكن، وإذا تعارض فعلى عضوية “إسرائيل” في الأمم المتحدة علامة استفهام بعد اليوم”. وأفاد بأن القيادة الفلسطينية تُجري اتصالات مع كل الدول بشأن مخاطر هذا القانون. ودعا عريقات، المجتمع الدولي، إلى إعادة النظر في علاقتها مع “إسرائيل”، وتابع “القانون يؤسس لإقامة نظام فصل عنصري حديث، ويحوّل الصراع من سياسي إلى ديني بامتياز”. ولفت إلى أن الأمم المتحدة كانت قد أقامت لجنة خاصة لقضايا التمييز العنصري، لاسيما أن هذا القرار يدمّر كل ما قامت عليه الأمم المتحدة.
وتسعى “إسرائيل” من إصدار القوانين العنصرية المتسارعة، وجديدها قانون القومية، إلى فرض يهودية الدولة على الأرض، وإخراج الفكرة إلى حيز الوجود العملي. وكان مصطلح يهودية الدولة الإسرائيلية قد برز في السنوات القليلة الماضية بوتيرة متسارعة، على الرغم من أنه ليس حديث العهد، فقد كان رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق، أرييل شارون، ممن عمموا المصطلح القديم الجديد، وذهب إلى أن حدود “إسرائيل” من البحر الأبيض المتوسط في الغرب إلى نهر الأردن في الشرق، وأن “إسرائيل” لن تكون، على حد قوله، إلا دولة يهودية نقية.
الغرض الرئيسي لقانون القومية الإسرائيلي هو إطاحة حق عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى وطنهم الوحيد فلسطين، وجعل حياة الأقلية العربية في أرضها أكثر هامشيةً في المستويات كافة، ناهيك عن محاولة تعميم فكرة جوهرية، ملخصها أن الضفة الغربية، بما فيها القدس، مناطق غير محتلة.
ويبقى القول إن إخضاع الشعب الفلسطيني بقوانين عنصرية إسرائيلية مستحيل، نظراً لأن كفاح هذا الشعب لم يتوقف منذ انعقاد المؤتمر الصهيوني الأول في 1897، مروراً بوعد بلفور الذي أسس عمليا لإنشاء “إسرائيل” في مايو/أيار 1948، وصولاً إلى اللحظة الراهنة التي نشهد فيها انحيازا أميركيا كاملا إلى جانب التوجهات العنصرية الإسرائيلية، من خلال تعميم ما تسمى صفقة القرن الأميركية، والتي سيسقطها الشعب الفلسطيني وقواه الحية، كما أسقط في الماضي مشاريع عديدة لتصفية القضية الفلسطينية.
المصدر: العربي الجديد
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات
برلمانيون من أجل القدس: نقف بحزم أمام انتهاكات إسرائيل في غزة
إسطنبول - المركز الفلسطيني للإعلام طالب مشاركون في مؤتمر "برلمانيون من أجل القدس" في إسطنبول، بوقف الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، والوقوف بحزم أمام...
مسؤول أممي: إزالة الأنقاض في غزة قد يستغرق 14 عامًا
لندن - المركز الفلسطيني للإعلام قدّرت الأمم المتحدة حجم الركام والأنقاض الذي يتعين إزالته بـ37 مليون طن في قطاع غزة، مشيرة إلى أن هذه الكميات...
4 مجازر و32 شهيدًا بعدوان الاحتلال على غزة في 24 ساعة
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام أعلنت وزارة الصحة أن الاحتلال الإسرائيلي ارتكب 4 مجازر ضد العائلات في قطاع غزة وصل منها للمستشفيات 32 شهيدا و69 إصابة...
حماس تحذر من أي جسم دولي يشرف على أونروا بديلًا عن الأمم المتحدة
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام حذرت حركة حماس، من أي جسم دولي يشرف على عمل الأونروا بديلًا عن الأمم المتحدة، ودعت كل الأطراف الدولية التي امتنعت عن...
احتجاجات طلابية مناهضة لحرب غزة تعطل جامعة عريقة في باريس
باريس - المركز الفلسطيني للإعلام أغلقت مجموعة من الطلاب مداخل جامعة سيانس بو المرموقة في العاصمة الفرنسية باريس؛ احتجاجا على الحرب على قطاع غزة،...
الحاج صبري الحداد.. رحلة نزوح قاسية نهايتها الموت
رفح - المركز الفلسطيني للإعلامترك المسن الفلسطيني صبري الحداد (70 عاما) منزله في حي الأمل غرب خان يونس إبان التوغل الصهيوني غرب المدينة قبل أكثر من...
الاحتلال يشن حملة دهم ويستولي على مركبتين في الضفة
الضفة الغربية - المركز الفلسطيني للإعلام شنت قوات الاحتلال الصهيوني - فجر السبت- حملة دهم في أرجاء متفرقة من الضفة الغربية، واقتحمت العديد من...