الجمعة 10/مايو/2024

ارفعوا العقوبات عن غزة.. كرة الثلج تتدحرج رغم القمع ​

ارفعوا العقوبات عن غزة.. كرة الثلج تتدحرج رغم القمع ​

نفض حراك “ارفعوا العقوبات عن غزة” فيالضفة الغربية، غبار القبضة الأمنية، غير آبهٍ بحملات الاعتقال والقمع والسحل، بعدأن ملّ وعود السراب برفع العقوبات عن القطاع المحاصر منذ 12 عاما.


المتتبع للحَراك الذي انطلقت جذوته في نهاية شهرأيار، من مدينة رام الله، التي طالما راهنت السلطة بأن “العاصمة السياسية” بمنأى عن أي حالة نضالية أو مطلبية بفضل القبضة الأمنية الحاكمة، خلعت هيونظيراتها (نابلس- طولكرم- الخليل)، ثوب الخوف للأبد، لتنطلق في الميادين رفضًاللعقوبات على غزة.


لكن اللافت فيما سلف طريقة تعامل السلطة معالحراك، فثمة حالة تخبط واضحة، فتارة تزعم أن حركة حماس من يديرها، وتارة تهددالناشطين بالقتل، كما حصل مع الحقوقي فريد الأطرش، فيما لم يكف القيادي في حركة فتحومحافظ نابلس أكرم الرجوب، عن توعد المشاركين فيه، بعبارات مليئة بالسب والشتم واللعنوالقذف.


إذن، السلطة واجهت الحراك بشيطنته وبعقليةالمؤامرة، فهي لم تتوقع يوما ما، أن يصل هتاف المناوئين لسياسات رئيس السلطة محمودعباس إلى عقر “المقاطعة”، لكن هول الصدمة الأشد بأن كرة الثلج باتت تكبروتتدحرج، فكل أساليب القمع و”البلطجة”، لم تنجح في إعادة متظاهر إلى بيته،بل ارتفعت الوتيرة واتسعت الرقعة.


السؤال الذي يطرح نفسه بين يدي هذه الحالةالثورية: لماذا تقمع أجهزة السلطة وكوادر حركة فتح هذا الحراك، أليس من مصلحتها أنترفع العقوبات عن غزة حتى لا تترسخ حالة الانقسام، وتقضي بالتالي على صفقة القرنفي مهدها، إذ إن الصفقة كما رشح من تسريبات تسعى لفصل الضفة عن غزة؟!


مراقبون عدّوا “معادلة القمع” أسهلمن أن تعقد، فإن كانت السلطة جادة برفض “صفقة القرن”، فعليها أن ترفعالعقوبات فورًا عن قطاع غزة، حتى تدفع عن نفسها تهمة التساوق مع أطروحات “عرابالصفقة” (كوشنير) بالفصل بين الضفة وغزة.


فيما ذهب آخرون أبعد من ذلك؛ إذ إن السلطة -وفقاعتقادهم- باتت تدرك أن الحراك بالضفة في جزئهالمعلن هو الاحتجاج على الإجراءات التعسفية العقابية التي اتخذتها السلطة ضد قطاع غزة،لكنه في الحقيقة احتجاج على سياسة السلطة ضدكل ما هو فلسطيني في الضفة، وتغييب الهوية الوطنية لمصلحة الاحتلال، وضد القيادات المتنفذةفي السلطة التي تعتاش على التنسيق الأمني والاقتصادي، ومن مصلحتهم استمرار الإجراءاتضد غزة.


– إذن لماذا الحراك الآن؟

يرى مدير مركز مسارات في رام الله هاني المصري،أن الحراك كان من الممكن أن يبدأ بُعيد فرضالعقوبات، ولكنه تأخّر لأسباب كثيرة، منها اعتقاد الكثيرين أن العقوبات رغم خطئها منحيث المبدأ مجرد تكتيك مؤقت يهدف إلى تحسين شروط المصالحة، أو الأصح شروط “تمكين الحكومة” أولًا في غزة.


ويضيف: “ما يعزز هذا التقدير أن مصادر فتحاويةوحكومية كانت تتناقل أخبارًا مفادها أن العقوبات سترفع بعد مدة قصيرة، ومضى أكثر منعام ولم ترفع العقوبات، بل ازدادت، ما أدى إلى تفاقم الأحوال المعيشية والإنسانية إلىحد ينذر بالانهيار والانفجار، لدرجة أن إسرائيل المسؤولة عما يعانيه القطاع بدأت ومعهاالإدارة الأميركية بذرف دموع التماسيح لابسة ثوب الحرص على إنقاذ غزة، وهددت جديًّابخصم فاتورة الكهرباء والرواتب وغيرهما من أموال المقاصة التي تجمعها للفلسطينيين وتحولهاللسلطة”.


أما لماذا انطلق الحراك في هذا التوقيت، فيعزوالمصري ذلك “إلى مسيرات العودة الملهمة للشباب الفلسطيني أينما كان، في ظل زيادةالتساؤلات حول عدم تحرك الضفة لتنظيم مسيرات عودة مناظرة ولا تجسيد حقيقيًّا للمقاومةالشعبية السلمية مع تبنيها منذ سنوات عديدة”.


كما ساهم في هذا التوقيت تعمّق حالة الغياب وتغييبمؤسسات السلطة والمنظمة بالرغم من عقد المجلس الوطني وسط خلاف كبير بين المشاركين والمقاطعين،الذي لم ينجح في مواجهة التحديات التي تواجه القضية الفلسطينية، وفي ظل مرض عباس وتداعياتهوغموض المستقبل حول الخلافة والتنافس المتصاعد عليها.


ومن دون شك أيضًا، فإن تسارع الجهود الأميركية و”الإسرائيلية”لتنفيذ صفقة ترمب، وتطبيع العلاقات العربية “الإسرائيلية”، حفّز قطاعات متزايدةمن الشعب الفلسطيني إلى ضرورة التحرك قبل فوات الأوان، على أساس أن رفع العقوبات هوالمدخل المناسب لإنهاء الانقسام واستعادة الوحدة القادرة على قبر الصفقة قبل أن تولد،وفق المصري.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات