عاجل

الجمعة 03/مايو/2024

المقاومة الفلسطينية بين الإنجاز والمواجهة

الأسير عبد الناصر عيسى

ترتكز الدعاية الاحتلالية الصهيونية المركزية والمتبناة من قبل المؤسسة الرسمية وغير الرسمية في دولة الاحتلال حول نضال الشعب الفلسطيني بشكل عام ومقاومته العنيدة في قطاع غزة بشكل خاص ، والموجهة بالدرجة الاولى الى الداخل الصهيوني ومن نصره و المدفوعة بالاساس من حاجات الحرب النفسية ، واستهداف المعنويات في كلا الاتجاهين : الداخل الصديق والخارج العدو ، ترتكز على معايير عادلة أو معقولة تؤدي في أغلب الاحيان للحكم القاطع بفشل الشعب الفلسطيني ، ونجاح سياسات الاحتلال.

فالشعب الفلسطيني وفق هذه الدعاية قد فشل في تحقيق أيا من أهدافه الوطنية على مر العقود ، كما ان مقاومته المشروعة في غزة – وهذا موضوع المقال الرئيس- قد فشلت في محاولاتها فك الحصار عن القطاع بدأً من حروبها الثلاثة 2008، 2012، 2014 ، ومرورا بمحاولاتها الفاشلة بالمصالحة ، وأخيرا بما أطلق عليه الجيش الاسرائيلي “استغلالها لمحاولات الاحتجاج والتظاهر المدني لإختراق السياج العازل على حدود غزة ، من أجل خطف الجنود والمس بالمواطنين الاسرائيليين ” ، أو ما أسماه فشلها من خلال رفع شعار “حق العودة” كعنوان للتظاهرات ، الامر الذي وحد كل الاسرائيليين ضدها ، وأحبط الفلسطينيين لطرحه هدفا لا يمكن تحقيقه.

تتجاهل الدعاية الاحتلالية المدعية النجاح والانجاز عن قصد وبشكل مدروس حقيقة كون الشعب الفلسطيني ما زال وحيدا ، ودون نصير جدي وحقيقي في مرحلة التحرر والمقاومة لمشروع صهيوني إحلالي ومدعوم من رأسه وحتى أخمص قدميه ، من أعظم دول المعمورة قاطبة ، وقد تكلل هذا الدعم بمواقف وسياسات ترامب غير المسبوقة ، وقد تعاظم أكثر تجاه قطاع غزة في ظل حالة الانقسام الفلسطيني البغيض.

وهكذا لعبت الظروف والبيئة السياسية والاستراتيجية -وبشكل متزايد – دورا حاسما لصالح اسرائيل وضد نضال الشعب الفلسطيني العادل والمشروع ، وخصوصا في قطاع غزة ، يضاف الى ذلك موقف بعض الانظمة العربية المركزية ، والذي بدأ يشهد تعاونا سياسيا واستخباراتيا متزايدا ومستمرا مع دولة الاحتلال حتى وإن كان ذلك على حساب الشعب الفلسطيني ومقاومته العادلة والمشروعة.

إن فصل أو عزل معيار الانجاز عن سياقه سالف الذكر أو استخدامه دون مراعاة للظروف الموضوعية القاهرة ، يعد ضربا من ضروب التهكمية والتعجيز واللامنطق ، كما أن تجاهله تماما بحجة هذه الظروف هو عجز وإتكالية وابتعاد عن المسؤولية الوطنية ، وقد لايقل خطورة عن اعتباره ظلما وحربا نفسية غاشمة من قبل الدعاية الاحتلالية حين عظمته وجعلته معيارا وحيدا للنجاح أو الفشل.

قد تكون معايير الصمود في وجه الهجمة الصهيونية المستمرة ، والثبات على الحقوق والمبادىء المشروعة وعدم التنازل عنها والمواجهة وتدفيع المحتل أثمانا متنوعة سياسية وعسكرية واقتصادية لإحتلاله كما تفعل المقاومة ومسيرات العودة الكبرى ، على الرغم من السياق والظروف والبيئة السياسية والاستراتيجية الصعبة هي المعايير الأقرب و الأنسب لتكون مركزية- وليست وحيدة- للحكم على مدى نجاح أو فشل الشعب الفلسطيني ومقاومته المشروعة.

أما اعتماد الدعاية الاحتلالية على الانجاز وحده أو الانجاز المنزوع من السياق والشروط والظروف المحيطة فهو أمر متوقع من عدو يسعى لتعزيز سيطرته وحربه ضد الشعب الفلسطيني ، وينبغي أن لا ينطلي على أحد من أبناء أو أنصار الشعوب المظلومة والمقاومة.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات