السبت 27/أبريل/2024

بلا فلسطين.. لسنا خير أمة بل لسنا أمة

طلال سلمان

تفجر فلسطين الضمير العربي، وتطرح على ملايين الملايين منهم المنتشرين –نظريًا- بين المحيط والخليج سؤالًا مقلقًا، بل معذبًا: هل انتهى العرب، فعلًا؟ هل خرجوا بأرجلهم، وليس مرغمين، من التاريخ؟

كيف يكون العرب في التاريخ، بعد، فضلًا عن أن يكون من صناعه، وبلادهم تضيع منهم بعنوان فلسطين، فلا يتحركون ولا يخرجون على العالم بأسلحتهم جميعًا، ويستسلمون للأمر الصهيوني الأمريكي وللتواطؤ العربي على أرضهم وتاريخهم ومصيرهم فيها؟

كانت كلمة فلسطين بمثابة النداء المقدس، ما إن تطلق حتى يخرج الناس شبانًا وكهولًا وصبية، نساء وصبايا الورد والفتيات اللواتي شربن اسم فلسطين مع حليب أمهاتهم.

لقد سقط بالأمس أكثر من مائتين وستين شهيدًا، وآلاف الجرحى، وكلهم عزل، لا سلاح في أيديهم إلا الحجر يطلقونه مباشرة أو عبر “النقيفة”، فلا يقتل جنديًا إسرائيليًا مسلحًا حتى أسنانه، ولا هو يهدم السور المكهرب الذي بناه الصهاينة من حول غزة لعزلها عن سائر فلسطين (التي بالكاد سمح لها أن تتحرك…).

لم تخرج تظاهرة في أي بلد عربي.

لم تُقدم دولة مُطَبِعة على قطع علاقاتها مع العدو، ولم تفكر، مثلًا، بسحب “سفيرها” منها،

لم يخرج رئيس أو ملك أو أمير عربي بخطاب أو تصريح أو موقف علني “يشجب” فيه هذه الوحشية الإسرائيلية، كما فعلت بعض دول أوروبا وآسيا!

لم تمتلئ الشوارع من المغرب إلى الجزائر فتونس فقاهرة المعز، فبيروت – الأميرة، فدمشق الثوار الأوائل فبغداد وصولًا إلى صنعاء الجريح بالعدوان الشقيق..

حتى محطات الإذاعة والتلفزة تعاطت مع هذا الحدث التاريخي وكأنه “خبر”، مجرد خبر من الأخبار، ليس له ما قبله ولا ما بعده، وربما أقدمت محطة أو أخرى على قطع بثها لنقل الصورة من داخل غزة، وربما استعانت بمراسل لها هناك لكي يحدث الناس ببعض التفاصيل عما حدث، ثم عادت تواصل برامجها العادية، بعدما أكدت سبقها.. الإعلامي!

هل هو خدر أم إغماء؟ هل هو تعب أم إعلان اليأس من الذات؟ هل هو إنكار للهوية وخروج من التاريخ، وطلب اللجوء إلى الكيانية والإقليمية أو أية جنسية أخرى لا تمت للعرب بصلة؟

إنها فلسطين، أرض القداسة والأنبياء والرسل،

إنها فلسطين التي نزل بأرضها رسولان بدينين سماويين بينما أعلنها النبي العربي مسرى الوحي ومعراج الرسول إلى سدرة المنتهى، إذ يغشى السدرة ما يغشى؟

إنها فلسطين.. هل تحتاج فلسطين إلى تعريف؟

أما نحن، نحن جميعًا، في مشرق المشرق كما في مغرب المغرب، فقد أضعنا مع فلسطين هويتنا وأنسابنا، وصرنا أشتاتًا، نحسب بالملايين، مئات الملايين، ولكن متى جد الجد لا تجد أحدًا.

فلسطين هي “نحن”..

من دون فلسطين نحن “آحاد” لا يجمعنا جامع، ولا يربطنا رابط، أشتات وبقايا شعوب وقبائل لم نتعارف وليست لنا هوية، ولا تاريخ، ولا جامع يجمعنا..

من دون فلسطين لسنا “خير أمة أُخرجت للناس..” ولن تكون!

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات