الإثنين 20/مايو/2024

مليونية العودة.. غزة تصنع ملحمة تاريخية

مليونية العودة.. غزة تصنع ملحمة تاريخية

“يا تلاميذ غزة علمونا بعض ما عندكم فنحن نسينا.. علمونا بأن نكون رجالا فلدينا الرجال صاروا عجينا.. يا تلاميذ غزة لا تبالوا بإذاعاتنا ولا تسمعونا.. اضربوا اضربوا بكل قواكم واحزموا أمركم ولا تسألونا”.. هكذا وصف نزار قباني بطولات أهل غزة في ملحمته الشعرية الخالدة “يا تلاميذ غزة”.

تركوها وحيدة تقاوم، حاولوا أن يساوموها حتى آخر لحظة، ولكن هيهات هيهات، فالحرة لا تتخلى عن شرفها، ولا تخضع لأي ابتزاز.

بالدم القاني يتسابقون نحوها، كلٌّ يسعى إلى تقديم مهرها، فمن يريد فلسطين محررة لم يغلِه المهر، لديهم نظرة عجيبة للحياة، صحيح أنهم يحبونها ويعشقونها (الحياة)، ولكن تصوراتهم لها تختلف عن بقية أبناء جلدتهم، “فإما حياة تسر الصديق.. وإما ممات يغيظ العدى”.

ملحمة تاريخية يسطرها أبناء غزة، رغم 11 عاما من الحصار، فاليوم لا صوت يعلو على صوت الشهداء وهم يصعدون نحو السماء، شهيد يودع شهيدًا، شهيد يدفع الراية لشهيد، شهيد يردد “ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا”، ليتم الآية آخر في جنان الخلد.

غزة كعادتها تقدم اليوم بسخاء تضحياتها المعهودة؛ فهي طوق النجاة للمشروع الوطني التحرري الفلسطيني، ترسم معالم الطريق نحو الحرية، وتعيد مسألة العودة مجددًا إلى صدارة الأحداث، تلفظ “صفقة القرن” وكل المشاريع الصهيونية إلى الأبد.

غزة النازفة المحاصرة تتلقى الضربات المتتالية، وتصنع الأحداث، وتحرك أوراق القوة التي تمتلكها، فثورات التحرر عبر التاريخ أثبتت أن الحرية لها ثمن، وها هي غزة هاشم، تدفعه من جديد.

ها هي سفينة الشهداء تشق عباب بحر غزة، نحو القدس العربية عاصمة شعبنا الأبدية، ترفض التنازل عن أي شبر من فلسطين، ففلسطين التي يعرفون من البحر إلى النهر.

غزة اليوم تكتب التاريخ الفلسطيني من جديد.. غزة تصنع ملحمة خالدة كشفت الوجه الزائف لكل من حاصر أو تآمر أو خان.. غزة لن ترفع الراية البيضاء أيها الحالمون، وستبقي عصية عن الانكسار.

وكانت الهيئة الوطنية لمسيرات العودة وكسر الحصار قد دعت الجماهير الفلسطينية للمشاركة الواسعة والفاعلة في مليونية العودة لإحياء الذكرى الـ70 لنكبة فلسطين وللتنديد بنقل السفارة الأميركية إلى مدينة القدس المحتلة.

وشلّ الإضراب العام مناحي الحياة كافة في قطاع غزة مع بدء الزحف لإحياء ذكرى النكبة والتنديد بنقل السفارة الأميركية، وهو ما أعلنت عنه لجنة المتابعة للقوى الوطنية والإسلامية.

ودعت اللجنة الجماهير الفلسطينية للمشاركة الواسعة في مليونية الغضب على حدود قطاع غزة الشرقية؛ للتأكيد على حق العودة وكسر الحصار، والتنديد بكل أشكال التطبيع العربي مع الاحتلال الإسرائيلي.

“نكبة مختلفة”
واعتاد الفلسطينيون في 15 أيار من كل عام إحياءَ ذكرى ضياع وطنهم وقيام “إسرائيل” على أنقاضه، وكانت الأنشطة التي يجرى تنظيمها في الضفة الغربية وغزة وأراضي 48، وفي أماكن انتشار اللاجئين، تركز على إنعاش الذاكرة، وتنوير الجيل الجديد بأحداث النكبة ومعانيها.

غير أن الذكرى السبعين حملت إيقاعا مختلفا للحدث لأول مرة؛ فمع حلول الرئيس الأميركي دونالد ترمب في البيت الأبيض مطلع العام 2017، ظهر بأن ما ينتظر الفلسطينيين صفقة تسعى إلى سلبهم وطنهم بالكامل، بدأت معالمها تتضح بقرار واشنطن نقل السفارة الأمريكية إلى القدس.

لكن الفلسطينيين و منذ 6 كانون الأول، نزلوا إلى الشوارع في القدس والضفة وغزة ومناطق أخرى؛ تعبيرًا عن رفضهم للصفقة، وبحلول ذكرى يوم الأرض في 30 آذار، قرروا تجديد كفاحهم السلمي، وإصرارهم على تثبيت حق العودة، فدفع أكثر من 60 فلسطينيا أرواحهم ثمنا لتثبيت هذا الحق عبر مسيرات العودة على الحدود بين قطاع غزة وفلسطين.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات