الأربعاء 15/مايو/2024

محمد دويكات.. حرية دون بصر

محمد دويكات.. حرية دون بصر

من حفظ معالمها وتقاسيمها عن ظهر قلب، أصبح اليوم بحاجة إلى أن يتلمس يديها أو يركز في صوتها، حتى يهتدي إليهما (أمه وخطيبته).. عن ظلم الاحتلال نتحدث، فمحمد الدويكات (31 عاما)، دخل سجون الاحتلال وهو يرى كل ألوان الحياة، وبعد عدة أشهر فقط طمست وإلى الأبد.

لم يعد “محمد” ذاك الشاب القوي، الذي تهتز الأرض على وقع مشيته، كما كان؛ فاليوم لا يستيطع أن يسير وحيدا، فلا بد من أحد يعينه على تلمس الطريق، بعد أن سلبه الإهمال الطبي في بضعة شهور، نور بصره.

ففي السادس كانون الأول 2016، اعتقلت قوات الاحتلال الشاب محمد دويكات من منزله، بعد نحو أسبوعين على خطوبته الشابة آلاء عصيدة، من قرية تل غرب نابلس، ولم يكن الشاب يعاني حين اعتقاله من أي مشاكل صحية، وفق تأكيد والده.

دموع وابتسامات

على مدار ساعات الانتظار الطويلة، لم تكف والدة محمد دويكات وخطيبته آلاء عصيدة، عن استشراف الوجوه من بعيد من بين ثقوب الأشياك المتقاطعة، علّهم يلمحون طيفه، وما أن أوشكت شمس اليوم على المغيب، حتى شق محمد طريقه بين الجموع، فيما اختلطت فرحة اللقاء في وجوههن مع دموع الوجع.

لم تتمالك “أم محمد”، رؤية نجلها يتلمس بين الحاضرين باحثا عنها، فسقطت على الأرض، قبل أن تسندها الأيدي وتعينها على الوقوف من جديد.. آنذاك نزل “محمد” إلى الأرض يقبل قدمها، قبل أن يحتضنها والدموع تملأ عينيها.

ورغم صخب اللقاء، إلا أنه استطاع أن يلتقط صوت خطيبته “آلاء”، وهي تهمس على مقربة من أذنه: “حمدا لله على سلامتك حبيبي، وبدأ يبحث عن جبينها، ليطبع قبلة عليه بعد أن ارتسمت على وجهه ابتسامة عاشق، وقبل أن تتعانق دموعهما”.

إهمال طبي

ويروي المحرر محمد دويكات لـ“المركز الفلسطيني للإعلام” ما حصل معه بالقول: “بتاريخ (24-10-2017) شعرت باحمرار كالجمر في عيوني، فذهبت إلى عيادة السجن لإجراء فحص لهما، فأعطتني طبيبة السجن قطرة ومرهماً للعيون”، ويضيف: “وبعدها بأيام زادت حدة الألم في عيني اليسرى، لكن الطبيبة أعطتني مرهماً آخر، ورفضت تحويلي للطبيب، وفي اليوم التالي ازداد ألم عيوني بدل أن يخف، وبات الألم في عيني اليمنى أيضاً، وشعرت بزوغان في نظري، وبت لا أرى شيئا”.

ذهبت للطبيب مجدداً، يقول “محمد”: طلب مني إكمال الدواء لثلاثة أيام أخرى، فقلت له: “إن عيوني تؤلمني، وأنا فقدت البصر ماذا تنتظرون، لكنه أصر على رأيه؟!”.

“كل محاولاتي على مدار أسبوعين كاملين ما بين تأجيل، ومراجعات بلا فائدة مع طبيب السجن، لم تنجح بنيل أبسط الحقوق الإنسانية، حتى قرر الأسرى التصعيد ولوحوا بالعصيان، وإحراق محتويات القسم إن لم يتم تقديم العلاج اللازم له”، يروي دويكات حكاية الألم.

ويتابع: “في اليوم التالي رضخ الاحتلال، وتم نقلي إلى مستشفى العفولة، وأخبرني الأطباء معاناتي من التهابات حادة في القرنية ومن شدتها انتقلت إلى الشبكية، وأعطوني دواءً وقالوا لي: بعد شهرين ستتحسن، ولكني حتى اللحظة وبعد انقضاء أربعة أشهر على ذلك العلاج لم أتحسن بل ازداد وضعي سوءاً”.

الاحتلال يتحمل المسؤولية

ويدحض والد محمد، الشيخ مازن دويكات، كل افتراءات الاحتلال وكذبه، قائلا: “أجداد محمد وصلوا للثمانين من أعمارهم وهم يقرؤون القرآن حتى دون نظارة”، ردا على  مزاعم الاحتلال، بأن ما أصاب نجله، نتيحة مرض وراثي.

ويحمّل “الوالد” إدارة سجن جلبوع المسؤولية الكاملة عن فقدان نجله بصرَه، ويقول: “إن الاحتلال عندما أتم جريمته بحق نظر ولدي، بدأ يبرر جريمته فتارة يقول إن معاناته نتيجة نقص في مناعته، وتارة نتيجة مرض وراثي”، كما طالب: “بتشكيل لجنة تحقيق لكشف جريمة الاحتلال ومحاسبته”.

وبعد تحرر “محمد” شكلت إدارة مستشفى رفيديا بمدينة نابلس لجنة طبية مختصة، لتدارك وعلاج ما ألم به في سجنه، وخلال الأيام القادمة ستظهر نتائج الفحوص، والمدّة الزمنية اللازمة للعلاج.

 


null

null

null

null

null

null

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات