عاجل

الجمعة 24/مايو/2024

دور مراكز التفكير الإقليمية في عملية صنع القرار: قضية فلسطين نموذجاً

دور مراكز التفكير الإقليمية في عملية صنع القرار: قضية فلسطين نموذجاً

عقد مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات حلقة نقاش تحت عنوان: “دور مراكز التفكير الإقليمية في عملية صنع القرار: قضية فلسطين نموذجاً”، وذلك عند الساعة الحادية عشر من صباح يوم الثلاثاء 30-1-2018 ولمدة ساعتين، بمشاركة عدد من رؤساء ومدراء مراكز التفكير المعنية بقضية فلسطين.

وتم هذا النشاط بالتنسيق والتزامن مع إطلاق نتائج التصنيف العالمي لمراكز التفكير في العالم، الذي يقوم به معهد لودر التابع لجامعة بنسلفانيا الأمريكية، والذي يصنّف أكثر من سبعة آلاف مركز تفكير؛ كما اشترك بعمل نشاطات مماثلة نحو 160 مركز تفكير في 100 مدينة حول العالم.

البداية كانت مع مدير مركز الزيتونة للدراسات الدكتور محسن محمد صالح، الذي رحب بالحضور، واستعرض إحصائيات معهد لورد نهاية سنة 2017 حول مراكز التفكير في العالم وتوزعها الجغرافي. وأكد صالح أن عملية صناعة القرار هي أهم مراحل أعمال مراكز التفكير والدراسات، وأشار إلى أن البعض من مراكز الدراسات ليست ذات أثر ودور فاعل في صناعة القرار، إنما يقتصر دورها في مجال العلاقات العامة، واعتبر أنه على مراكز التفكير الفاعلة أن يتوفر لديها المعلومات الكافية والقدرة على الاستشراف والنقد المنهجي.

وكانت المداخلة الثانية للأستاذ صقر أبو فخر الذي تناول تجربة كل من مركز الأبحاث الفلسطيني ومؤسسة الدراسات الفلسطينية ودورهما في صناعة القرار الفلسطيني. حيث أكد أبو فخر أن الدافع الرئيسي لهما كان الرد على الرواية الصهيونية أكثر من أن يكون هدفهما التأثير بالقرار الفلسطيني وتقديم الاستشارة لصانعي القرار؛ خصوصاً بعد عجزت القيادات الفلسطينية في بداية الثورة عن الرد على التنظيرات والتساؤلات والمفاهيم والأفكار التي كانت تُطرح في المؤتمرات الغربية. وأشار أبو فخر إلى أن تركيز القيادة الفلسطينية كان منصباً على المجال الإعلامي أكثر منه على مراكز الأبحاث، ونتيجة لذلك قام البحث العلمي على كاهل الباحثين المستقلين.

وكانت المداخلة الثانية للأستاذ هاني المصري، مدير عام المركز الفلسطيني لأبحاث السياسات والدراسات الاستراتيجية – مسارات، الذي قال في كلمته المسجلة من رام الله إن قلة الاهتمام بالتفكير الاستراتيجي لدى الفلسطينيين عموماّ والقيادة والقوى الفاعلة خصوصاً، يشكل نقطة ضعف خطيرة في تعاملهم مع التحديات التي تواجه القضية الفلسطينية وفي قدرتهم على الاستفادة من الفرص المتاحة. واعتبر أن معضلة التفكير الاستراتيجي في فلسطين ناتجة عن عدم ارتباطه بعلاقة تأثر وتأثير مع صانع القرار الفلسطيني، ما يجعل نتاجه لا يحدث التأثير المطلوب، كما أن صانع القرار يخشى من أي تفكير أو وجهة نظر لا تتوافق مع آرائه وقراراته وسياساته. ودعا المصري إلى عدم الاستسلام للإحباط، وقال إن مركز مسارات أدرك ذلك مبكراً واعتمد في سياسته التأثير على عملية صناعة القرار، كما التأثير على الرأي العام.

أما الدكتور أحمد عطاونة، مدير مركز رؤية للتنمية السياسية، فقال في مداخلته المسجلة من إسطنبول، إن هناك أزمة حقيقية بين مراكز التفكير الفلسطينية وصانع القرار الفلسطيني وذلك لعوامل مختلفة يعود بعضها لصانع القرار وبعضها الآخر لمراكز التفكير نفسها. فصانع القرار يرى نفسه مخولاً لاتخاذ القرارات دون الرجوع إلى مراكز التفكير، إذ أنه يملك المعلومة التي يفتقدها غالباً مركز التفكير. أما مراكز التفكير فتعاني في كثيراً من الأحيان، من تشعب وتعدد الموضوعات التي تعالجها، مما يفقدها أحياناً ميزة التخصص في حقول معينة، كما أن تشابه الموضوعات التي تعالجها معظم مراكز التفكير يؤدي إلى إهدار مجهودات في مواضيع متكررة وافتقار موضوعات أخرى إلى المعالجة الكافية. ودعا عطاونة مراكز التفكير الفلسطينية إلى التخصصية في عملها، واقترح أن يقوم عدد من مراكز الأبحاث الفلسطينية بإعداد تقدير موقف استراتيجي حول قضية مركزية، بشكل مشترك يتجاوز الانحياز السياسي، وتقدمه للقيادة الفلسطينية.

وتحدث الباحث الأستاذ وليد محمد علي عن تجربة مركز باحث للدراسات، فقال إن هدف مركز باحث كان تسليط الضوء على الشأن الصهيوني ودور الصهيونية المسيحية، ودور الصهاينة العرب، والتنبه من استغلالنا من قبل الآخرين وفرض أجنداتهم علينا بسبب قابليتنا للتأثر.

وتحدث الباحث محمود حيدر حول أهمية مراكز التفكير في رسم السياسات، وأشار إلى أهمية ما يُقرأ في العالم العربي مقارنة بما يُقرأ في العالم الغربي. وقال أن مراكز الدراسات الفلسطينية أُنشأت لغايات إعلامية أكثر من مقاصد تتعلق برسم السياسات، واعتبر أن هذه المراكز تتأثر بالتمويل والتسييس.

وتحدث الباحث في مركز الزيتونة الأستاذ وائل سعد عن الجانب الإيجابي في دور مراكز التفكير، وسلط الضوء على تجربة مراكز الأبحاث الفلسطينية ودورها الكبير في القضية الفلسطينية. وتناول سعد ظاهرة انتقال بعض النخب السياسية الفلسطينية من ميدان البحث والتفكير الاستراتيجي إلى ميدان صناعة القرار دونما عودة إلى ميدانهم الأساس، أسوة بما يحدث في الدول الغربية حيث يعود السياسيون الذين تنتهي وظيفتهم للمساهمة في تقديم الأفكار والدراسات التي تساعد في عملية صناعة القرار للقادة الذين يخلفونهم.

وفي مداخلته، طرح الدكتور طلال عتريسي أسئلة حول إحصاءات معهد لورد حول عدد مراكز التفكير وتوزعها في العالم، وشكك في دقتها لثلاثة أسباب: أولها أن هذه الإحصاءات لا تميز بين المراكز العلمية والمراكز الاستراتيجية ومراكز التفكير، وثانيها أن هناك مراكز كثيرة مسجلة كأسماء فقط لكنها غير فاعلة، وثالثها أن هناك فرق بين مراكز الدراسات ومراكز التفكير وهو ما لم يلحظه معهد لورد.

أما الدكتور سهيل الناطور فقد عرض تجربته الشخصية، وتساءل في مداخلته عن المقصود من المراكز الفلسطينية، هل هي التي تتناول القضية الفلسطينية، أم هي التي أنشأها الفلسطينيون. وقد أولى الناطور في مداخلته أهمية لمستوى العاملين في مراكز الدراسات وكفاءاتهم العلمية.

وتحدث الأستاذ أيمن زيدان حول الفجوة بين صانع القرار السياسي ومراكز التفكير في عالمنا العربي، مقارنة بالعالم الغربي، وأشار إلى نشوء نوع من صراع الإرادات بين مراكز التفكير وصانعي القرار ما يؤدي إلى عدم الاستفادة من مراكز الدراسات. وأكد على أنه لا بد لمراكز التفكير من تطوير الآليات المعتمدة لإيصال موادها وأبحاثها إلى صانعي القرار.

وتبع ذلك نقاش مفتوح بين الحاضرين تناولوا فيه موضوعات مختلفة كدور الجامعات والشباب في البحث والتفكير الاستراتيجي.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات