السبت 27/أبريل/2024

مخيم الشاطئ.. الساحل المنكوب

مخيم الشاطئ.. الساحل المنكوب

يقترب سكان مخيم الشاطئ من عامهم الـ 70 في رحلة اللجوء إلى المخيم، ذلك الشريط الضيق الذي أقيم على أرض لا تتعدى مساحتها الـ 750 دونمًا، أي أكبر من نصف كيلو متر مربع واحد بقليل.

سكن فيه مجبرين حينها قرابة الـ 23 ألف لاجئ، ليصل عددهم اليوم بعد 70 سنة لجوء نحو 100 ألف لاجئ يتقاسمون ملامح البؤس والشقاء، ليحتل المرتبة الثالثة في تعداد السكان من بين المخيمات الثمانية التي أقامتها الأونروا لإيواء اللاجئين الفارين من الموت الذي زرعه المحتل في قراهم.

ويعد مخيم الشاطئ أحد أكثر المخيمات اكتظاظًا بالسكان، ويطل وبشكل مباشر على شاطئ البحر الأبيض المتوسط غرب مدينة غزة، وتحاصر سكانه الفقراء الأزقة الضيقة، والخدمات السيئة، والمياه غير الصالحة للشرب، والاكتظاظ السكاني الذي بات يتمدد باتجاه أحياء المدينة الملاصقة.

وتضاف مشكلة تآكل ساحل البحر إلى قائمة طويلة من المشكلات التي يعاني منها سكان المخيم؛ مثل انقطاع الكهرباء، والبطالة المرتفعة، والحد المسموح به للصيد، والاكتظاظ السكاني، وتلوث إمدادات المياه، تحوُّل الساحل لمكب نفايات، وقلة الساحات العامة والمتنزهات، وسوء الخدمات، وعدم الاهتمام الكافي بالنظافة. إلخ.


null

أسباب المشكلة

ويُعد إقامة ميناء الصيادين على بعد أقل من 500 متر فقط جنوب المخيم السبب الرئيسي للقضاء على ساحل البحر قبالة المخيم، وذلك نتيجة منع لسان الميناء للرمال القادمة من الجنوب للشمال من المرور إلى وجهتها بشكل طبيعي، ما تسبب بتمدد ساحل البحر جنوب الميناء في منطقة الشيخ عجلين، وانحساره شمال الميناء قبالة مخيم الشاطئ، حتى وصل الأمر إلى التسبب بانهيارات ترابية تلامس شارع الرشيد الذي يفصل منازل المخيم عن الساحل، الأمر الذي بات يهدد أمن وسلامة سكان المخيم فضلاً عن المارة والسيارات.

خبراء يحذرون

الخبير البيئي د. عبد المجيد نصار قال إن إقامة الألسنة والحواجز بالبحر، تسببت بتآكل وحجز للرمال مما سبب انجراف بمياه البحر.

وحذر نصار من استمرار هذه الظاهرة وصولاً ربما لانجراف الشارع ودخول المياه للمنازل المجاورة للشاطئ، وطالب نصار بوضع حواجز صخرية أو إسمنتية لكسر قوة موج البحر داخل البحر على بعد عشرات الأمتار من الشاطئ للحفاظ على أمن وسلامة السكان والمارة وعلى سلامة الساحل بشكل عام.


null

خطر على السكان

يذكر أن انجراف الساحل بدأ بعد محاولة الأونروا، وبتمويل من الدول المانحة ترميم شاطئ البحر قبالة المخيم للحيلولة دون وصول الأمواج إلى الشارع ثم إلى منازل اللاجئين، عبر وضع حجارة صخرية صغيرة في مكعبات معدنية كبيرة من الشباك الحديدية قبل أكثر من 8 سنوات؛ حيث تم إقامة أدراج لنزول السكان للشاطئ وتخصيص أماكن للجلوس، لكن ومع مرور الوقت والإهمال وعدم المتابعة والتعديات، بدأت المكعبات تنهار بفعل سرقة الحصمة التي في المكعبات، والأدراج وأماكن الجلوس تدمرها عوامل التعرية وانعدام الصيانة، والساحل يتآكل؛ ما حول شاطئ البحر إلى منطقة تشكل خطرًا على حياة سكان المخيم علمًا أن منازل السكان لا تبعد عن ساحل البحر سوى أمتار قليلة.

تعديات السكان

ورغم كل هذه المخاطر التي تحيط بساحل البحر وشارع الرشيد إلا أن الآلاف من اللاجئين لا يجدون متنفسًا من ضيق الأزقة والاكتظاظ الرهيب سوى شاطئ البحر، يمارسون فيه ليلاً رياضة المشي على شارع الرشيد، إلا أنهم يفاجئون بالتعديات التي يضعها بعض السكان بجوار الشارع، مثل زرائب لتربية الماشية، وأخرى لمبيت الحمير والأحصنة، وثالث كمضافة للترويح والسمر، ورابع كمخازن لأدواته القديمة وشباك الصيد، ثم فوق هذا وذاك لا تعفيك الأونروا من نشر بعض حاويات القمامة التي تغلق الرصيف، وتعيق الحركة، وتجبرك على المشي في طريق السيارات هربًا من الروائح الكريهة والتلوث ما يعرض المارة لخطر السيارات.


null

تنصل الأونروا من المسئولية

مدير المشاريع في برنامج الأمم المتحدة الإنمائي (UNDP) نفى اختصاصهم بهذا الأمر، لكن في ذات الوقت أكد مساهمة المؤسسة التابعة للأونروا، وبشكل خارج عن دورها بإرسال شاحنات محملة بالحجارة استجابة لمناشدة بلدية غزة لها؛ حيث تم وضعها بالمنطقة الساحلية لمخيم الشاطئ للمساهمة في الحد من المشكلة القائمة بشكل مؤقت، وأكد أن ذلك يحتاج إلى تمويل كبير، ومشروع ممول دوليًّا.

من جانبه نفى ماجد البايض، مدير منطقة غزة في الأونروا، مسؤولية الأونروا عن كل ما يخص شارع الرشيد، مؤكدًا أن شارع الرشيد ليس من ضمن المخيم، وأن الوكالة رغم ذلك تحافظ على نظافة الشارع، مطالبًا الجهات الشعبية في المخيم بإيجاد مكان مناسب لحاويات القمامة المنتشرة على رصيف الشارع على طول المخيم والتي تعيق حركة المارة وتجبرهم على السير في الشارع المخصص للسيارات، ما يشكل خطرًا على حياتهم.


null

وعن مسؤولية الأونروا عن استكمال مشروع مصدات الأمواج الذي نفذته الوكالة قبل عدة سنوات، قال البايض إن المشروع لم يتم استكماله بسبب إصرار الاحتلال على رفض استكمال المشروع الذي كان يقضي بإقامة ألسنة بحرية للحيلولة دون تآكل الساحل، ما سيشكل تهديدا للشارع الرصيف وحياة السكان المطلين عليه، وهو ما تحقق بالفعل، وأرجع البايض السبب في عدم رغبة الاحتلال بتأثير الألسنة البحرية على شواطئه القريبة من غزة.

وأبدى البايض استعداد الوكالة لتنفيذ مشاريع تطوير كاملة للبنية التحتية في المخيم حال توفرت الموازنات الكافية من الدول المانحة.

الشرطة: ليست مسؤوليتنا

مدير مركز شرطة الشاطئ أبو هشام البغدادي نفى من جانبه مسؤولية الشرطة عن إزالة التعديات على شاطئ البحر، ملقيا بالمسؤولية على الشرطة البحرية؛ حيث تجدر الإشارة إلى أن جهاز الشرطة البحرية هو جهاز جديد.

وعن منع اللصوص من سرقة الحصمة والصخور التي تحمي الشاطئ؛ قال البغدادي إن الشرطة لا تتوانى عن القبض عليهم وتسليمهم للنيابة والتي بدورها تفرج عنهم بعد ساعات معدودة.


null

سلطة البيئة

المدير العام لسلطة جودة البيئة م. بهاء الأغا أكد على خطورة المنطقة ومركزيتها، مشيرًا إلى أنه لم يتم إيجاد حلول لها، ومحذرًا من تفاقم المشكلة. 

وقال الأغا إنه كل عام تنجرف التربة بفعل تقدم المياه نحو ثلاث أمتار للأمام. 

وكشف عن عقد اجتماع طارئ للبلديات والجهات المسؤولة كافة في وقت سابق لوضع حلول للكارثة التي قد تحدث بأي لحظة، لافتًا إلى أن هناك مناطق بمخيم الشاطئ وصلتها مياه البحر خلال المنخفضات الشتوية العام الماضي. 

ونبه الأغا إلى أن سلطة البيئة تقدمت بطلب لرئيس الوزراء في حكومة التوافق رامي الحمد الله لإنهاء هذه المعاناة من خلال إيجاد تمويل خارجي يسعي من خلاله لوضع حلول جذرية للشاطئ.


null

دور بلدية غزة

بلدية غزة من جانبها وعلى لسان حاتم الشيخ خليل، أوضحت أنها لم تقف صامتة تجاه هذه الأزمة؛ حيث راسلت الجهات المعنية كافة مثل (وزارة الحكم المحلي، والأشغال العامة، ومنظمات الأمم المتحدة، وسلطة البيئة) بانتظار رد إيجابي لحل هذه الأزمة.

وأكد الشيخ خليل أن البلدية تعمل جاهدة للحفاظ على شاطئ غزة بشكل عام من الناحية الصحية والبيئية، ووضع حلول لمناطق الانجراف التي تحصل على امتداد الشاطئ.

وعن مسؤولية البلدية تجاه إزالة التعديات، قال المهندس حاتم الشيخ خليل إن هذا الأمر يقع ضمن نطاق مسؤولية اللجان الشعبية، وأنها تتحرك لإزالة هذه التعديات فقط إذا تلقت طلبًا من اللجنة الشعبية.

ورغم أقوال البلدية التي تفيد بأنها تحاول حل المشكلة عبر إرسال شاحنات محملة بالباطون وبقايا البيوت المهدمة، لوضعها في منطقة الشاطئ الساحلية للحد من تجاوز الأزمة القائمة، وحماية شارع الرشيد والذي سيتأثر بشكل كبير حال عدم إيجاد مشروع لترميم المنطقة، إلا أن هذه المساعي تعدّ برأي الكثير من السكان حلولاً “ترقيعية” لا تساهم في حل المشكلة بل تساهم في خلق مشاكل جديدة مثل انتشار التلوث والقوارض وتشوه المنظر العام.

ويعول الشيخ خليل على الجهات المانحة مثل اللجنة القطرية، لتمويل مشروع إنشاء ألسنة في منطقة مخيم الشاطئ الساحلي، والذي يعدّ امتدادا لشارع الرشيد الذي تموله قطر حالياً خشية من حدوث أزمة خطيرة تتسبب في انهيار الشارع والمنازل المجاورة للمنطقة نفسها.


null

اللجنة الشعبية

أما عضو اللجنة الشعبية نور الدين عقيلان فرحب باستعداد البلدية لإزالة التعديات، نافيًا أن يكون الأمر مرتبطًا بطلب من اللجنة الشعبية للبلدية، وموضحًا أن الجهة التنفيذية في هذا الأمر هي البلدية ونحن مستعدون للوقو

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات