الثلاثاء 07/مايو/2024

كانون النار.. أنيس الغزيين في ليالي الشتاء

كانون النار.. أنيس الغزيين في ليالي الشتاء

وسط أجواء الشتاء الباردة وزخات المطر التي تتساقط على أرض أرهقها الجدب والفقر، يلتف العديد من الغزيين في ساعات المساء حول النار علهم يدفئون أجسادهم التى أنهكها البرد طيلة النهار؛ بسبب انقطاع التيار الكهربائي والذي يصل لأكثر من 16 ساعة متواصلة.

وفي أجواء من السمر يتبادل الحضور الحديث عن أحداث من الماضي لا تزال عالقة في أذهانهم، أو عن ما يحدث معهم من قصص ونوادر في النهار؛ ليتزين المكان ب”كانون النار” (مجسم مستطيل أو مربع مصنوع من الصفيح) الذي يشعلون فيه بعضا من الحطب ومن ثم يضيفون عليه بعضا من جفت الزيتون.

جلسات السمر

ما إن يسمع الغزيون بقدوم منخفض أو كتلة باردة حتى تبدأ الاستعدادات بتجهيز الأدوات التي تحميهم من البرد، أبرزها  كانون النار والحطب.

ويُعد “كانون النار” في غزة، ملاذا للكثير من الشباب العاطلين عن العمل؛ علهم يخففون بعضا من الألم الذي يعتصر قلوبهم بسبب قلة العمل وارتفاع نسب البطالة.

وفي إحدى العرائش المنتشرة في منطقة معن شرق محافظة خانيونس جنوبي قطاع غزة، يبدأ أبو ياسر، المعني باستقبال أصدقائه وأقربائه بعد صلاة العشاء؛ حيث يتجمعون حول كانون النار للدفء في أجواء باردة.

وحسب أبو ياسر؛ فإن جلسة السمر لا تكتمل بدون كانون النار، وبراد الشاي الذي “يعدل مزاج الحضور”، وسط أجواء لا تخلو من الدعابة والنكتة.

ولا يعاني أبو ياسر من توفير الحطب اللازم للجلسة، خاصة أنه جهز نفسه لهذا الموسم بتجفيف الحطب الزائد عن موسم الزيتون وتخزينه في مكان بعيد عن المطر والبلل.

وبات كانون النار ذو الأرجل الأربعة صاحب “اللمة العائلية” والشهرة الواسعة، في ظل انقطاع التيار الكهربائي ساعات طويلة عن منازل القطاع.

ويعتمد العديد من المواطنين في إشعال النار على ما يعرف بـ” جفت الزيتون”، بعد تجفيفه وتعريضه لأشعة الشمس، وعمله على شكل كرات صغيرة يتم رصها بعناية.

رفيق الفقراء والأغنياء

الخمسيني محمود النجار، يرى أن “كانون النار” وفق قوله “رفيق الفقراء والأغنياء” في غزة التي تحاصرها “إسرائيل”. 

ويُضيف “الأسر الفقيرة والمحتاجة ليس باستطاعتها أن تشتري المدافئ الحديثة، والأسر الغنية، والتي بإمكانها أن تنال أي مدفأة تريدها، لا تستفيد منها في ظل انقطاع التيار الكهربائي”.

ولا تخلو جلسة أبو محمد من وضع بعض الباذنجان والبندورة على النار، لعمل سلطة الباذنجان المشهورة والشكشوكة (بندورة مع البيض)، مستغلا النار في إعداد هذه الأكلات المشهورة في فصل الشتاء.

وتعدّ النار من أقدم وسائل التدفئة التي استخدمها الإنسان في العصر الحجري، وقد جرى استخدامها أيضًا لأهداف مختلفة مثل: طهي الطعام، والحماية من الحيوانات المفترسة، والإتصال.

ومنذ11 عاما يعاني قطاع غزة، حيث يعيش أكثر من 2 مليون نسمة، من أزمة كهرباء كبيرة، عقب قصف “إسرائيل” لمحطة توليد الكهرباء الوحيدة في القطاع منتصف العام 2006، ما دفع السكان إلى العيش وفقا لجدول توزيع يومي، بواقع 8 ساعات توافر للتيار الكهربائي و8 ساعات غياب، وفي أغلب الأوقات تصل لـ6 ساعات وصل و12 ساعة قطع.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات