الأربعاء 15/مايو/2024

المشهد الفلسطيني بعيون إسرائيلية

ناصر ناصر

يرسم المحللون والخبراء “الإسرائيليون” صورة المشهد الفلسطيني من أجل تقديمها للرأي العام في “إسرائيل”، وذلك من خلال عشرات المقالات والتحليلات التى يتم نشرها في وسائل الإعلام المختلفة.

قد تحوي أحيانا كثيرة مركّبات نفسية أكثر منها موضوعية وتحليلية، أي رفع معنويات “الإسرائيليين” وتوحيد صفوفهم أمام العدو الفلسطيني المتخلف و”الإرهابي”، وضرب الروح المعنوية للفلسطينيين.

ويمكن تلخيص أهم ملامح هذه الصورة على النحو التالي: يركز المحللون العسكريون والأمنيون الإسرائيليون على تكرار الإنذارات الأمنية والاستراتيجية الصادرة عن الجيش والأجهزة الأمنية الإسرائيلية، من خطر ارتفاع احتماليات اشتعال الساحة الفلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة، خاصة بعد إعلان ترمب في 6 ديسمبر2017 بأن القدس عاصمة لدولة “إسرائيل”.

كما يعتقدون بأن الوضع الأمني في غزة هو الأكثر هشاشة، لذا فإن احتماليات المواجهة العسكرية هناك هي الأعلى، وقد يشير هذا إلى أن الرد الفلسطيني على إعلان ترمب لم يكن بالضعف الذي حاول وزير خارجية إحدى الدول العربية تصويره فيما يبدو على أنه محاولة للتسليم بالأمر الواقع الذي رسمه إعلان ترمب.

حرص راسمو صورة المشهد الفلسطيني من “الإسرائيليين” على إظهار “القيادة الفلسطينية” في رام الله على أنها قيادة مريضة جسديا وسياسيا

من جهة أخرى يرسم المحللون في “إسرائيل” صورة ما يسمونه الضائقة الاستراتيجية، التى تعيشها حماس في قطاع غزة التي تشبه إلى حد كبير صورة الأوضاع ما قبل حرب 2014، ومنها فقدان حماس المستمر لكنزها الاستراتيجي وهو الانفاق، إضافة إلى تزايد خطر الجماعات السلفية المتطرفة داخل قطاع غزة، وأكثر من ذلك خطر داعش في سيناء التى تحولت إلى عدو مركزي، كما يؤكد هؤلاء المحللون على العزلة الدولية والإقليمية التى تعيشها حماس في هذه المرحلة.

ومن ملامح المشهد الفلسطيني في غزة زيادة الأزمة الإنسانية حيث تعاني غزة من نقص نسبته 45% من الأدوية الضرورية، إضافة إلى ذلك فإن القرار الأمريكي بتقليص المساعدات لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “سيزيد الطين بِلة” وذلك في ظل أزمة الرواتب لعشرات آلاف الموظفين في غزة.

لقد حرص راسمو صورة المشهد الفلسطيني من “الإسرائيليين” على إظهار “القيادة الفلسطينية” في رام الله على أنها قيادة مريضة جسديا وسياسيا؛ فهم يروجون بأن أبو مازن قد أصبح خطيرا بعد إعلان ترمب، وذلك بعد أن كان يعترف بإسرائيل “سياسيا”، ولكنه يرفض الاعتراف بها “أخلاقيا” على حد وصف روني شكيد و ناحوم برنيع في يديعوت أحرنوت، كما يصفون أبو مازن بأنه يعاني في الأيام الأخيرة من مزاج عصبي، ويتصرف كمن وصل إلى نهاية طريقه السياسي، لذا فقد “يحرق النادي” على حد وصفهم، وذلك على الرغم من تكرار تأكيداته المغلظة بنبذه كل أنواع العنف و”الإرهاب” كما أشاروا إلى الأوضاع الصحية الصعبة لمقربيه وعلى رأسهم ماجد فرج وصائب عريقات.

وهكذا يرسم المحللون “الإسرائيليون” صورة الوضع الفلسطيني المختل كوضع مرضي ومأزوم لأسباب ذاتية فلسطينية، متجاهلين قصدا وعمدا الآثار المدمرة التى تركها وما زال الاحتلال الغاشم يمارسها ضد الشعب الفلسطيني المظلوم، وبأن أي تقييم لا يضع عامل الاحتلال كأساس وحجر زاوية في تحليله للوضع الفلسطيني إنما هو تقييم منحاز وموتور، ولا يعني ذلك عدم وجود أسباب ذاتية حقيقية يتحملها الفلسطينيون لهذا الوضع الصعب.

* كاتب وخبير في الشأن الإسرائيلي

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات