عاجل

الجمعة 03/مايو/2024

الحرب الرابعة على غزة

وسام عفيفة

تعرضت غزة خلال العقد الأخير لثلاثة حروب شنها الاحتلال بمشاركة أطراف إقليمية، بشكل مباشر أو عبر الصمت على الحصار الذي أصبح اليوم بوكالة الحكومة الفلسطينية.

ليس بالضرورة أن يشن الاحتلال حربا جديدة بقصف الطائرات أو دوي المدافع، وليس صحيحا أن الحرب تنتهي بوقف إطلاق النار، فواقع غزة المعيشي والإنساني اليوم إعلان لحرب رابعة لا تستهدف المقاومة وسلاحها بل الإنسان الذي يحمل السلاح وحاضنته الشعبية.

في تجارب التاريخ ما يصلح للمقارنة على ان للحروب وجوهًا أخرى ومنها استخدام سلاح الفقر، واستنزاف القدرات البشرية.

فخلال الحرب العالمية الثانية وحتى عقب هزيمة ألمانيا لم تتوقف الخطط التي لا تقل خطورة عن الحرب التقليدية، ومنها “خطة كاوفمان” التي عرضها ثيودو كاوفمان -رجل أعمال يهودي له وزنه في أمريكا- في كتابه «ألمانيا يجب أن تُسحق” والذي نشره عام 1941 وعرض فيه خطته لقطع نسل الألمان من خلال عمليات تعقيم (جعلهم عُقما) حيث اقترح تجنيد 20 ألف طبيب لتعقيم 45 مليون ألماني على ان يتم الانتهاء من الخطة خلال شهر واحد فقط، وبالتالي سينتهي الألمان من الوجود.

البرنامج لم ينفذ لكن الخطط استمرت وفي عام 1944 مع إشراف الحرب على الانتهاء، كان هنري مورجينتاو يشغل منصب وزير المالية الأمريكي، وكان مثله مثل كثيرين من الساسة يُفكرون: كيف يُمكن أن نمنع ألمانيا من القيام بأي حرب قادمة؟ بالنسبة لمورجينتاو كانت الإجابة واضحة: نُحول ألمانيا إلى بلد زراعي، مع استئصال كُل ما له علاقة بالصناعة فيه، وبحسب الخطة فإن هذا سيجعل ألمانيا بلدا غير مؤذٍ؛ لأنه لن يكون قادرا على صناعة أي شيء.

لكنه وبعد نهاية الحرب بهزيمة ألمانيا، بدأت تظهر مشاكل الفقر والبطالة في ألمانيا عام 1946 وقرر كثير من الساسة الأمريكان بأنه لا يجب تكرار الخطأ الذي حصل بعد الحرب العالمية الأولى، حيث فرضت على ألمانيا شروط مُهينة جعلتهم ينتقمون، وبالتالي فإن خطة مورجينتاو تجعل ألمانيا أشبه بقنبلة موقوتة يُمكن أن تنفجر في أي وقت، ولهذا رُفضت.

من حُسن حظ الألمان، أن أمريكا خافت من ثأر ألماني قادم، ولذلك غيّرت كُل سياستها لتبدأ المساعدات الأمريكية تتدفق على غرب أوروبا، التي وصلت إلى 13 مليار دولار، وذلك بموجب برنامج التعافي الأوروبي الذي اشتهر باسم خطة المارشال.

الكرم الأمريكي لم يكن لزرقة عيون الألمان، بل لأن الفقر والبطالة هي الأرضية الأكثر خصوبة لانتشار الشيوعية حينها، وهو ما كانت تُحاربه أمريكا الرأسمالية وقد نجحت.

المصدر: الرسالة

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات