واشنطن حين تعترف بالقدس عاصمة للكيان العبري
يدرس الرئيس الأمريكي دونالد ترمب جديًّا الاعتراف بالقدس عاصمةً للكيان العبري، وأنباء واشنطن تتحدث عن خطة مرسومة لهذا الغرض، يعكف الرئيس وصحبه على دراستها، على أن قرارًا نهائيًّا بهذا الصدد لمّا يتخذ، والباب ما زال مفتوحًا لـ”تعديل الخطة”، وربما التراجع عنها.
المسألة جدية جدًّا، كما تقول مصادر واشنطن والتقارير الواردة منها، حتى إن البيت الأبيض أوعز إلى سفارات الولايات المتحدة في الدول ذات الصلة بالاستعداد إلى عمليات “جس نبض”، واستطلاع العواقب وردات الفعل المحتملة، وتقويم الموقف.
لا يبدو أن ثمة توقيتًا محددًا ونهائيًّا قد قرر لاتخاذ هذه الخطوة، وهناك معلومات تتحدث عن “خطة متدرجة”، وضعت بهدف إغلاق هذا الملف نهائيًّا من جهة، و”تبليغ” الأطراف العربية والإسلامية هذا القرار، جرعة تلو أخرى من جهة ثانية، لكن المرجح أن يغلق هذا الملف نهائيًّا قبل وقت طويل من نهاية ولاية ترمب الأولى، حسبما تشير إلى ذلك دلائل مختلفة.
ردًّا على هذه المعلومات شدد “الناطق الأبدي” باسم الرئاسة الفلسطينية على أن شرقي القدس هي عاصمة دولة فلسطين المنتظرة، رافضًا بذلك تقارير عن “التحول الجذري” في الموقف الأمريكي من قضايا الحل النهائي الجوهرية: حل الدولتين، والقدس، والإطار الإقليمي للحل، والعلاقة مع منظمة التحرير، وغيرها.
أما المواقف على المستوى الرسمي العربي فقد تميزت كما هو متوقع منها بـ”صمت القبور”، لا حراك سياسيًّا ولا بيانات إدانة أو تنديدات، حتى اللفظية منها، المكرسة عادةً للاستهلاك المحلي، مع أن الفرص لإنقاذ القدس، و”تعديل” خطة ترمب ، أو ربما دفعه إلى التخلي عنها تكاد تنفد، ولا قيمة لأي مواقف أو تحركات، ستصدر بعد أن “تقع الفأس بالرأس”، ونستيقظ جميعًا على واقع جديد للمدينة العتيقة.
لا تفسير لهذا الصمت سوى “التواطؤ” و”العجز”، ربما أحدهما أو كلاهما معًا، ما يشي بأن عواصم القرار العربي قد حزمت أمرها، وقررت المضي مع ترمب في جهوده ومساعيه، وإن جاءت على “جثة” القضية الفلسطينية، وعلى حساب حقوق الفلسطينيين وتطلعاتهم الوطنية المشروعة، لا تفسير لهذا الصمت المريب سوى أن بعض العواصم العربية “قررت اجتياز مختلف “الخطوط الحمراء”، والمضي قدمًا في مشروع “تسوية” أو “تصفية” القضية الفلسطينية.
ثمة ما يشي بأن الولايات التي تتحضر لإطلاق مبادرتها المعروفة باسم “صفقة القرن” قد شرعت في تسريب مفاصل المبادرة وعناصرها الرئيسة: من الحملة على منظمة التحرير ومكتبها في واشنطن، وقبلها خطة نقل السفارة الأمريكية من (تل أبيب) إلى القدس، التي _وإن أرجئت_ ما زالت ماثلة على مكتب الرئيس البيضاوي، مرورًا بالتسريبات التي تستثني الدولة المستقلة (السيّدة) من قاموس ترمب ومبادرته، عطفًا على التصورات التي تبحث عن مختلف الحلول لقضية اللاجئين، باستثناء حقهم في العودة إلى وطنهم.
لكأننا نشهد على أوسع عملية تهيئة للرأي العام الفلسطيني والعربي والإسلامي كذلك لإغلاق ملف الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي، على وفق محددات الرؤية الإسرائيلية للحل وضوابطها، في حين الفلسطينيون أصحاب القضية والحق غارقون من الرأس حتى أخمص القدمين في صراعاتهم الداخلية، والعرب على اختلاف مشاربهم وتنوع عواصمهم منهمكون في انقساماتهم، وحروب المذاهب والطوائف والمحاور التي تعصف بالمنطقة.
أما نحن في الأردن فعلينا أن نتحضّر للسيناريو الأسوأ، حين يقف “حليفنا الأهم على الساحة الدولية” إلى جانب الكيان العبري في كل ما يخص ملفات الحل النهائي للقضية الفلسطينية، وفي المقدمة منها قضية القدس، إذ سيتعين علينا الدفاع عن مصالحنا في شروط صعبة جدًّا، وربما في أسوأ ظرف وشرط، فلا “صداقتنا” للولايات المتحدة تكفي لإقناعها بأخذ مصالحنا وحساباتنا في الحسبان، ولا “عداوتنا” لها من النوع الذي قبل لنا على احتماله.
وفي سبيل مواجهة السيناريو الأسوأ هذا على الدبلوماسية الأردنية أن تتحرك على نحو استباقي، وأن تبحث بالتنسيق مع الجانب الفلسطيني عن مبادرات وتحالفات من خارج الاصطفافات القائمة حاليًّا، ربما تكون مصر الوجهة الأولى لهذا التحرك، وربما تضاف إليها دول عربية، مثل: الكويت، وعمان، والجزائر، والعراق والمغرب، وتونس، وهي دولٌ مسكونة أقل من غيرها بهاجس “التهديد الإيراني”، وما زالت ترى أن لفلسطين مكانة متقدمة على جداول أعمالها، وربما تشكل “الدائرة الأولى” لحراك مكثف يجب أن يبذل قبل فوات الأوان.
أما الدائرتان الثانية والثالثة فلا تستثنيان دولة أوروبية، أو كتلة إقليمية ودولية من نوع “التعاون الإسلامي”، وروسيا والصين في إطار “البريكس”، ومروحة واسعة من الدول التي يمكن لها أن تعبر عن مواقف معاكسة لـ”الريح المجنونة” التي تهب على المنطقة، من البيت الأبيض تحديدًا.
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات
القوات اليمنية تستهدف سفنًا انتهكت قرار حظر الوصول لإسرائيل
صنعاء - المركز الفلسطيني للإعلام أعلنت القوات المسلحة اليمنية، فجر الثلاثاء، استهداف سفن إسرائيلية وأمريكية في البحر الأحمر والمحيط الهندي. وقال...
رغم القمع والتهديدات.. جامعات العالم تواصل طوفانها المناصر لفلسطين
عواصم – المركز الفلسطيني للإعلام هكذا تحولت جامعة "كولومبيا" التي قادت شرارة "طوفان الجامعات" المناصر لفلسطين حول العالم كـ "الشوكة" في حلق النظام...
هنية يستقبل وفودًا جزائرية وتركية
إسطنبول - المركز الفلسطيني للإعلام استقبل إسماعيل هنية، رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، عدة وفود وشخصيات وبحث معهم تطورات الحرب الصهيونية على غزة،...
“هيومن رايتس ووتش”: الردود على المظاهرات الطلابية الداعمة لفلسطين صادمة
نيويورك – المركز الفلسطيني للإعلام اعتبرت منظمة حقوق الإنسان الدولية "هيومن رايتس ووتش"، الاثنين، أن "الرد على المظاهرات الطلابية الداعمة لفلسطين...
مشاهد جديدة لتفجير كتائب القسام نفقا في قوة إسرائيلية
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام بثت قناة الجزيرة مشاهد حصرية حديثة لعناصر من كتائب عز الدين القسام في أحد الأنفاق بغزة وهم يقومون بتفخيخ نفق قبل دخول...
جيش الاحتلال يعترف بمقتل ضابطين وإصابة جندي بجراح خطيرة في “كمين نتساريم”
غزة- المركز الفلسطيني للإعلام أعلن المتحدث باسم جيش الاحتلال الإسرائيلي، مساء اليوم الاثنين، مقتل ضابطين وإصابة جندي آخر بجروح خطيرة في كمين ممر...
منظمة إنقاذ الطفولة: خان يونس أصبحت “مدينة أشباح”
نيويورك – المركز الفلسطيني للإعلام قالت منظمة "إنقاذ الطفولة الدولية"، الاثنين، إن "مدينة خان يونس جنوبي قطاع غزة، ثاني أكبر مدينة في القطاع، والتي...