الثلاثاء 30/أبريل/2024

كيان مـرعوب

رشيد حسن

قراءة سريعة لقرارات العدو الصهيوني وممارساته العنصرية الإرهابية، وعدوانه المستمر على الشعب الفلسطيني، وآخرها زرع شبكات للتنصت في شوارع القدس المحتلة، تؤكد بما لا يدع مجالا للشك، أن هذا العدو مرعوب.. خائف.. مرتبك، لم يعد يثق بشيء، ولا يطمئن لأحد..

وبتقليب صفحات التاريخ، نجد أن ممارسات هذا العدو المدجج بالكراهية والحقد، والخارج من كهوف الظلام والأساطير والخرافات.. هي نفس ممارسات كل الأنظمة العنصرية عبر التاريخ، وأقربها نظام “الابرتهايد” البائد في جنوب إفريقيا، الذي كان يلجأ إلى الإكثار من سن القوانين العنصرية، كلما ارتفعت وتيرة نضال شعب جنوب إفريقيا، حتى امتلأت السجون عن آخرها بمئات الألوف من المناضلين الأحرار وفي مقدمتهم الرمز “نيلسون مانديلا”، وتفنن في ارتكاب الجرائم وبشكل مروع.. إلى حد إطلاق الكلاب المسعورة تنهش لحم المعتقلين، وتروع النساء والأطفال، بعد أن عجز عن ترويض هذا الشعب الثائر، وهي ذات الممارسات الإرهابية الإجرامية، التي يطبقها العدو في السجون والمعابر والحواجز..

رغم ذلك.. فشل نظام جنوب إفريقيا في قمع الثورة، ولم تزد القوانين العنصرية، وجرائم البيض رفاق وأبناء مانديلا، إلا إصراراً على مواصلة النضال، وإصراراً على انتزاع الحرية والتخلص من التفرقة العنصرية البغيضة.

وها هو شعبنا الفلسطيني يواصل نضاله، ويسخر من القوانين العنصرية، والتي زادت عن “50” قانوناً عنصرياً، كما يقول د. الطيبي، وآخرها القانون الذي يمنع العرب من السكن في المدن الإسرائيلية، وآخر يمنع الطلاب العرب من الدراسة في المدارس اليهودية، وثالث يمنع رفع العلم الفلسطيني.. إلخ.. وهي القوانين نفسها التي طبقت في أميركا قبل الحرب الأهلية، وفي جنوب إفريقيا إبان حقبة “الأبرتهايد” السوداء، ولا بأس من الإشارة في هذا المجال إلى المستوى المنحط الذي وصلت إليه العنصرية وقيام البيض في جنوب إفريقيا بتعليق يافطات في مداخل مطاعم ونوادٍ تثير السخط “ممنوع دخول الكلاب والسود”..

لقد تفنن شعبنا في ظل الخلل الفادح في موازين القوى، في اجتراح وسائل عبقرية في التصدي للعدو، بدءاً بالحجر والمقلاع وليس انتهاء بالسكين والدهس بالسيارات.. ما فاجأ العدو، وأربكه، وأفقده وعيه، فلجأ كبير جنرالاتهم “رابين” إلى تكسير عظام الأطفال، في سابقة لم يعرف تاريخ الطغاة لها مثيلاً.

عنصرية العدو الصهيونية وكراهيته للآخرين تضاهي عنصرية النازي، تلك العنصرية والفاشية التي أدت إلى حرب كونية، أدت إلى مقتل الملايين، وتدمير مدن بأكملها ونشر الرعب النووي والخوف في كل أنحاء العالم.

وبوضع النقاط على الحروف…

فإن امتلاك العدو لأحدث الأسلحة، وامتلاكه للأسلحة النووية “200” رأس نووي، والدعم الأميركي اللامحدود له، وحقنه بمليارات الدولارات.. كل ذلك لم يستطع أن يقضي على الخوف الذي استوطن أوصال المستوطنين الغاصبين، وبدأوا بالفعل بمغادرة فلسطين المحتلة في الأعوام الأخيرة، وتحديداً بفعل انتفاضة الحجارة، وانتفاضة الأقصى؛ إذ بلغ عدد اليهود المغادرين “إسرائيل” بين الأعوام 2009 و2014 أضعاف القادمين، كما تقول هآرتس..

وتشير “معاريف” إلى أن مطار اللد المحتل شهد هذا العام هجرة عكسية وخاصة بين يهود الفرنسيين الذين قرروا أخيراً العودة من حيث أتوا.

استمرار العدوان الصهيوني وبأشكاله المختلفة منذ إقامة الكيان الصهيوني على 78% من أرض فلسطين التاريخية وحتى اليوم، يؤكد أن العدو فشل في إقامة المشروع الصهيوني، وفشل في تركيع الشعب الفلسطيني، وهذا يعني بصريح العبارة فشل الأيديولوجية الصهيونية المعززة بالقوة، وأكبر دليل على ما نقول هو تصريحات الإرهابي شارون وهو يقود دباباته لتدمير المقاطعة برام الله، مقر الرئيس الشهيد ياسر عرفات “إن هذه الحرب هي استمرار لحرب الاستقلال.. لحرب 1948”.

لم يسقط الشعب الفلسطيني بصموده ونضاله المشروعَ الصهيوني فحسب؛ بل استطاع أن يزرع الخوف في أوصال الصهاينة، وأن يزلزل قناعات كثيرين منهم، كما عكست ذلك كتابات المؤرخين الجدد، الذين اعترفوا بجرائم الجيش الإسرائيلي، وبجرائم التطهير العرقي التي اقترفتها العصابات الصهيونية.

إن جيشاً مزوداً بأحدث الأسلحة، ويتحصن بأحدث الدبابات، يطلق النار على أطفال الحجارة.. على فارس عودة، وعلى محمد الدرة، هو قطعا جيش جبان..

إن دولة تتنكر لأبسط حقوق الإنسان؛ لحقه في العبادة، ويطلق جنودها كلابهم المتوحشة لإرهاب النساء عند الحواجز هي حتماً دولة منهارة أخلاقياً.. دولة إرهاب..

إن الكيان الذي يحتجز الأطفال في البيوت، أو في عتمات السجون، ويزجّ بالمناضلين في السجون دون محاكمة، هو كيان تحكمه شريعة الغاب ومصيره إلى زوال.

إن من يرى حراس الإرهابي نتنياهو وهم يرافقونه حين دخوله أو خروجه وحضوره جلسات مجلس الوزراء، يدرك حتماً إلى أين وصل الخوف.. باختصار…

نجزم أن رسالة الشعب الفلسطيني قد وصلت.. وما هذا الخوف الذي يسكن أوصال أفراد العدو، حتى وصل إلى جيشه، ويتجلى في سلوكهم المضطرب، إلا دليل على قناعتهم بأن هذا الوطن، ليس لهم، وإنما هم غزاة، وإنما هو حصراً للشعب الفلسطيني الذي يقدم يومياً الشهداء منذ 100 عام ولا يزال، وسيبقى حتى يرحل الغزاة، كما رحلت الأقوام الأخرى، وهو ما سيتحقق عاجلاً أو أجلاً.

“إنهم يرونه بعيداً ونراه قريباً” صدق الله العظيم

المصدر: صحيفة الدستور الأردنية

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات

هنية يستقبل وفودًا جزائرية وتركية

هنية يستقبل وفودًا جزائرية وتركية

إسطنبول - المركز الفلسطيني للإعلام استقبل إسماعيل هنية، رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، عدة وفود وشخصيات وبحث معهم تطورات الحرب الصهيونية على غزة،...