الجمعة 31/مايو/2024

جريمة بيع الأراضي الفلسطينية

د. فايز رشيد

كشفت القناة السابعة الإسرائيلية منذ أسبوع (وأيضاً أكدته خبراً جريدة “كالكاسيت” الإسرائيلية، الثلاثاء27 حزيران /يونيو2017)، عن أن الكنيسة الأرثوذكسية اليونانية، باعت حقوقها في ملكية الأراضي في منطقتي الطالبية والرحفية إلى شركة “نايوت” الصهيونية بقيادة عائلة بن ديفيد، التي تساند الاستيطان بأموالها. كانت الكنيسة، قد أجّرت الممتلكات سابقا للشركة، إلا أن ما حدث في الصفقة السرية، هو بيع كامل و”بالطابو”، ويعود لتسعة أشهر خلت، وذلك مقابل 38 مليون دولار!. ولم تكن الصفقة لتكشف لولا توجه ممثل البطريركية باعتراض لبلدية القدس، بسبب تأخير صدور وثيقة تسجيل. وتشمل الصفقة ما يقرب من 600 دونم من الأراضي في “القدس الغربية”، وحوالي 1200 وحدة سكنية، بما في ذلك فندق “إنبال”، ومؤسسات عامة مثل “هيشال شلومو”، وجزء من متحف “إسرائيل”، ومركز “بيغن للتراث”، ومسرح خان وغير ذلك من الأماكن الموجودة على الأرض المباعة.

هذه الصفقة تعتبر استمراراً لصفقات سابقة، مارستها القيادة اليونانية للكنيسة الأرثوذكسية، بالتواطؤ مع العدو الصهيوني لتصفية أملاك الطائفة الفلسطينية الأرثوذكسية، فهي ليست المرة الأولى؛ حيث سبق لبطريرك طائفة الروم الأرثوذكس في القدس كيريوس ثيوفيلوس وأن أبرم صفقة بيع ملكية أرض قيساريا بالكامل (طابو)، بما تحويه من معالم أثرية وكنوز فلسطينية تاريخية. لوحظ أنه ومنذ تنصيبه بطريركا عقد ثيوفيلوس تباعاً، صفقات بيع وتصفية الأملاك والوقف الأرثوذكسي في فلسطين المحتلة والتي كان آخرها، عدّ دوار الساعة، صفقة بيع أرض قيساريا الأثرية التي تبلغ مساحتها 834 دونما مقابل مليون دولار، وعمرها آلاف السنوات. وكانت اللجنة الشعبية للدفاع عن الأملاك الأرثوذكسية قد قالت في بيان سابق: “نحن نعرف ونملك على بيع البطريرك لأراضي بيسان، والبصة، ومعلول، والسجرة، والبريج، حيث تتعدى أملاك البطريركية الـ20 ألف دونم والعديد من المواقع، “إنه بيع للوطن”. أيضاً في نفس السياق، تأتي تصريحات الناشط في ملاحقة عمليات بيع أملاك الكنيسة، وعضو المجلس الأرثوذوكسي في الأراضي المقدسة، عدي بجالي، الذي أكّد أن فعل الكنيسة الأرثوذكسية يأتي ضمن “مخطط خطير” لتسليم المدينة المقدسة لـ”إسرائيل”، معتبراً أنها تخالف كل القوانين.

إن الصفقة توجّه ضربة موجعة للحقوق الوطنية الفلسطينية والعربية، الإسلامية والمسيحية على حد سواء، على نحو يكشف انتهاكات البطريركية الأرثوذكسية بحق الوطن الفلسطيني! وبخاصة في هذه المرحلة من الفوضى وعمليات التدمير الممنهج التي تجري على أكثر من ساحة عربية، وبخاصة الساحة الفلسطينية، حيث تجري خطوات جدية لتصفية القضية الفلسطينية تصفيةً تامة، وعلى نحو ازداد تماماً مع وصول البطرك ثيوفيلوس إلى موقعه.

من قبل تمت صفقات بيع لأراضٍ فلسطينية من أملاك الكنيسة في عقد سلفه البطريرك أرينيوس، إلى أن جرى التعهد والالتزام ووعود صارمة، قيل إن البطريرك الجديد قطعها على نفسه، لأكثر من جهة كنسِيّة، وأخرى إقليمية، بأنه ليس فقط لن يبيع، بل سيستعيد ما جرى بيعه، وللأسف، كانت مجرد وعود، لم يجر تنفيذها! بل كانت مجرد تهدئة خواطر للرعية العربية والفلسطينية، ولذلك تواصل مسلسل البيع والتفريط غير المسبوق تحت ذرائع وحجج لا قيمة لها.

لقد صرّح محامي الشركة التي اشترت العقار بن دافيد، لذات الصحيفة (في التاريخ نفسه): على هذه الأرض التي جرى بيعها، يوجد عقارات إضافة كثيرة غير مُستغلّة، وأن الصفقة الأخيرة هي أراضي الطالبية المُحاذِية لأرض “حديقة الجرس”، وهي كانت سابقاً أيضاً ملكية للبطريركية الأرثوكسية، كما الأراضي المحيطة بدير المَصلّبة (دير الكُرج) التي يحدّها مبنى الكنيست من جهة ومتحف “إسرائيل” من جهة أخرى، والموقعان مُقامان أيضاً على أملاك البطريركية. ما يعني بيع البطريركية المتتالي وعن عمد للأراضي الفلسطينية في القدس.

وهنا يبرز السؤال: لماذا تستمر الهيمنة اليونانية على الكنيسة الأرثوذكسية العربية؟ وهي في معظمها بل إن غالبيتها الساحقة أرثوذكس عرب؟ وفقاً لأقوال بعض الأرثوذوكس الفلسطينيين والأردنيين في أقوال نشروها علناً، فإن اليونانيين يتحكمون بكل ثروات الكنيسة، وهم المعنيون بترفيعات مراتبها الدينية، وهم يمارسون تنكيلاً واضحاً بكل صوت معارض يدعو لتعريب الكنيسة؟ أو يرفض مسلسل بيع الأراضي الفلسطينية من أملاك وعقارات الكنيسة، التي امتلكت أراضي وعقارات كثيرة، وخصوصاً أراضي داخل القدس وخارجها؟.

المصدر: صحيفة الوطن العمانية

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات