الأربعاء 08/مايو/2024

بلعما.. أثر مائي خلاب لم يكشف كل أسراره

بلعما.. أثر مائي خلاب لم يكشف كل أسراره

يضرب نفق بلعما على المدخل الجنوبي لمدينة جنين شمال الضفة الغربية في عمق التاريخ شاهدا على عراقة المنطقة؛ إذ يعود للعصر البرونزي لما قبل ثلاثة آلاف عام قبل الميلاد.
 
ويسلب النفق بمظهره الخلاب العيونَ، وهو يضرب في عمق الأرض مشكلا عنصر حماية وأمان لمدينة كنعانية تاريخية كانت تسمى بلعمه.
 
وظل نفق بلعمه مختفيا تحت الأنقاض حتى أعيد التنقيب فيه عام 2005 وتأهيله ليستقبل الزوار كأحد أقدم  المعالم الأثرية في فلسطين، علما أن كثيرا من أسراره تظل طي الكتمان لأن ما حُفر هو جزء يسير منه؛ فنظرا لعدم توفر التمويل لم يكتمل التنقيب ليسدل الستار عن إرث أثري خلف بوابة حديدية.
 
وبحسب وزارة السياحة والآثار؛ فإن هذا النفق المائي من أقدم الأنظمة المائية في فلسطين إن لم يكن في العالم بأسره، فقد كان جزءا من مدينة قديمة مندثرة كان يطلق عليها اسم “أبلعام” الكنعانية، وحاليا تعرف باسم خربة “بلعمه”.
 
ضارب بأعماق التاريخ
ويمثل الموقع مراحل حضارية مختلفة تمتد من بداية العصر البرونزي المبكر حوالي 3000 ق.م وحتى الفترة العثمانية.

 ويعرف الموقع عموماً بأسماء عديدة من المصادر التاريخية؛ فقد ذكر باسم (بيلعام) في المصادر المصرية والتوراة، و(تلموت) في المصادر اليونانية، و كان إحدى المدن في العصر البرونزي التي احتلها الفرعون المصري تحتمس الثالث في القرن الخامس عشر ق.م، وكذلك كان الموقع مدينة مهمّة في العصر الحديدي، وذلك حسب المصادر التوراتية.
 
ويبدو أن الموقع حافظ على أهميته طول الفترات الرومانية والبيزنطية والصليبية والأيوبية؛ حيث وجدت فيه قلعة صغيرة، وهناك مقام إسلامي لا يزال قائماً في قمة الموقع هو مقام الشيخ منصور.
 
ونفق بلعمة نفق أثري قديم شيد لكي يكون طريقا ومهربا سريا، كما يصل نبع الماء بالمدينة على قمة الجبل، واكتشفت مرحلتان من النفق بطول 125 مترا.

 ويعود البناء المكتشف في المدخل إلى الفترة البيزنطية، أما النفق فقد استعمل في فترة أقدم بكثير، واستخدم ممرًّا آمنًا لسكان المدينة للوصول إلى مياه النبع في العصر الحديدي.
 
  أسرار كثيرة
 
ويقول المدير في وزارة السياحة خالد ربايعة: “اكتشف النفق في عام 1996 أثناء أعمال توسعة شارع جنين–نابلس، الأمر الذي استدعى إجراء تنقيبات عاجلة عند مدخل النفق لإنقاذه، وفي عام 1998 أجرينا تنقيبات واسعة النطاق في إطار مشروع مشترك بين دائرة الآثار وجامعة لايدن في هولندا، فتمكنت دائرة الآثار من اكتشاف 115 مترا من النفق، وتفاجأنا أن النفق يمتد متعرجا في الوقت الذي كنا نظن فيه أنه يسير مستقيما، الأمر الذي زاد من صعوبة التنقيب”.
 
 ويضيف ربايعة لمراسلنا: “في عام 1999 جرت أعمال ترميم لمدخل النفق، تلاه مشروع تأهيل النفق كموقع سياحي في إطار مشروع تشغيل بالتعاون مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي”.
 
وأردف: “النفق يمثل مراحل حضارية مختلفة تمتد من بداية العصر البرونزي المبكر حوالي 3000 سنة قبل الميلاد، حيث يعود الفخار المكتشف فيه إلى الفترات البرونزية والحديدية والفارسية والهلنستية والرومانية والبيزنطية والأموية، كما أن هناك كتابات فينيقية تعود للقرن السابع قبل الميلاد”.
 
ويتوقف النفق حاليا عند بوابة حديدية لم يعرف بعد ما خلفها، وذلك نتيجة توقف الحفريات الأثرية لغياب التمويل ما يجعل كينونة النفق ونهايته وما وراءه من آثار قيد المجهول.






null

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات