الزواري.. وزجاجة العطر!
كعادتهم الدائمة في محاولة استثمار الفوضى والانشغالات العالمية بما يحقق مصالحهم؛ اختار الصهاينة انشغال العالم بالأحداث في حلب من أجل اغتيال الشهيد التونسي المهندس محمد الزواري الخميس قبل الماضي في صفاقس بتونس، وقد أرادوا من خلال هذا التوقيت للجريمة أن تمر بصمتٍ ودون ضجيج أو اهتمام، إلا أن كتائب القسام أفسدت عليهم ذلك بإعلانها عن تبني الشهيد وأشارت إلى الأيدي الصهيونية التي اغتالته بكل وضوح حتى لا تضيع القضية أو تطوى صفحتها بالشكل والكيفية التي يريدها الاحتلال.
بالإضافة إلى ذلك فقد زاد هذا التبني من درجة الاحتفاء الشعبية بالشهيد بشكلٍ كبير حتى أصبح رمزًا اجتمعت على محبته شعوب الأمة في زمن التشرذم، وهذه إضاءة من أجمل الإضاءات في هذا المشهد.
ورغم أن هذا العالم التونسي كان مغمورًا لعموم الناس ويعمل بصمتٍ ودون ضجيج لأكثر من 10 سنوات مع المقاومة الفلسطينية ضمن صفوف كتائب القسام في وحدة الهندسة والتصنيع، وكان له الدور الأساسي والريادي في صناعة الكتائب لطائرات “الأبابيل” بدون طيار التي استخدمتها المقاومة لأول مرة عام 2014 أثناء العدوان الصهيوني على قطاع غزة.
لا تكمن فرادة محمد وريادته بالذي فعله في حياته فقط؛ بل تكمن فرادته أيضًا بموته حيث أصبح نموذجًا لكل العباقرة وأصحاب العقول في هذه الأمة الذين يرغبون في تطويع علمهم لخدمة أمتهم، فقد رفع الحجة عن كل قادر يتعذر، وقال بدمه إن المقاومة في أرض الجهاد فلسطين لن ترفضكم أو ترفض أفكاركم وابتكاراتكم على طريق التحرير من أجل الوصول إلى العز والمجد.
إنه ضخ في شباب هذه الأمة دماءً جديدة وآمالًا كانت بعيدة، فالكثير من المبدعين كانوا يودون اللحاق بالركب الذي توهموا بأنه مجرد حلمٍ أبعد عن التحقيق وأقرب للمستحيل لكنهم أبطؤوا السير إليه حين ظنوا بأن الطريق طويل، إلا أن دم الزواري اختصر المسافات وهزم المستحيلات.
يظن الاحتلال أن أخطر ما سيفعله القائد الزواري في المستقبل قد انتهى بقتله واستشهاده ويستطيع بعد ذلك أن ينام الإجرام الصهيوني بطمأنينة، وهو ذات الاعتقاد أو الوسواس الذي تسرب لعقول الصهاينة بعد اغتيالهم المهندس يحيى عياش أو المهندس عدنان الغول أو نضال فرحات الذي حاول صنع طائرة بدون طيار في عام 2004، وقد ظن الاحتلال حين اغتاله بأن حلم المقاومة وسعيها إلى ذلك انتهى، إلا أن هذا الحلم كان واقعًا وحقيقة بعد عشر سنوات.
إن الأفكار الطموحة مع الإرادة القوية لا تقضي عليها الرصاصات، وإن مشروع المقاومة والتحرير ليس أشخاصا ليظن الاحتلال بقضائه عليهم ينتهي، إن هذا المشروع عقيدة المؤمنين وشغف الأجيال ولن ينتهي إلا بزوال الظلم والاحتلال، ومهما بلغت قوة البارود فإنها لا تهزم روح هذه الأمة الولود.
وإن فكرة القضاء على محمد الزواري بالرصاص تشبه كثيرًا فكرة القضاء على زجاجة عطر بالرصاص، وقد يقضي الرصاص على الزجاجة لكنه لا يقضي على العطر، بل بهذه الطريقة ينتشر العطر في كل الأنحاء، وكذلك فعل الاحتلال باغتيال محمد؛ فمحمد فكرة ستنتشر ولن تموت بإذن الله.
المصدر: مدونات الجزيرة
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات
القوات اليمنية تستهدف سفنًا انتهكت قرار حظر الوصول لإسرائيل
صنعاء - المركز الفلسطيني للإعلام أعلنت القوات المسلحة اليمنية، فجر الثلاثاء، استهداف سفن إسرائيلية وأمريكية في البحر الأحمر والمحيط الهندي. وقال...
رغم القمع والتهديدات.. جامعات العالم تواصل طوفانها المناصر لفلسطين
عواصم – المركز الفلسطيني للإعلام هكذا تحولت جامعة "كولومبيا" التي قادت شرارة "طوفان الجامعات" المناصر لفلسطين حول العالم كـ "الشوكة" في حلق النظام...
هنية يستقبل وفودًا جزائرية وتركية
إسطنبول - المركز الفلسطيني للإعلام استقبل إسماعيل هنية، رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، عدة وفود وشخصيات وبحث معهم تطورات الحرب الصهيونية على غزة،...
“هيومن رايتس ووتش”: الردود على المظاهرات الطلابية الداعمة لفلسطين صادمة
نيويورك – المركز الفلسطيني للإعلام اعتبرت منظمة حقوق الإنسان الدولية "هيومن رايتس ووتش"، الاثنين، أن "الرد على المظاهرات الطلابية الداعمة لفلسطين...
مشاهد جديدة لتفجير كتائب القسام نفقا في قوة إسرائيلية
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام بثت قناة الجزيرة مشاهد حصرية حديثة لعناصر من كتائب عز الدين القسام في أحد الأنفاق بغزة وهم يقومون بتفخيخ نفق قبل دخول...
جيش الاحتلال يعترف بمقتل ضابطين وإصابة جندي بجراح خطيرة في “كمين نتساريم”
غزة- المركز الفلسطيني للإعلام أعلن المتحدث باسم جيش الاحتلال الإسرائيلي، مساء اليوم الاثنين، مقتل ضابطين وإصابة جندي آخر بجروح خطيرة في كمين ممر...
منظمة إنقاذ الطفولة: خان يونس أصبحت “مدينة أشباح”
نيويورك – المركز الفلسطيني للإعلام قالت منظمة "إنقاذ الطفولة الدولية"، الاثنين، إن "مدينة خان يونس جنوبي قطاع غزة، ثاني أكبر مدينة في القطاع، والتي...