عاجل

الإثنين 13/مايو/2024

فلسطينيو سوريا.. لا تقتلوهم مرتين

فلسطينيو سوريا.. لا تقتلوهم مرتين

انعكست الأحداث التي شهدتها سورية بعد 15-3-2011 سلبياً على العلاقات السورية الفلسطينية، ومع تصاعد هذه الأحداث باتت المكونات الفلسطينية من لاجئين وفصائل أكثر تأثراً بهذه الأحداث، على الرغم من محاولاتها الوقوف على الحياد.

وجديرٌ بالذكر بأنه يوجد في سوريا ما يزيد على 13 مخيماً للاجئين الفلسطينيين، بعضها رسمي والآخر غير رسمي، ويقدر عدد الفلسطينيين فيها بنحو نصف مليون نسمة.

وقد مَثل اتهام الفلسطينيين ناقوس خطر منذ بداية الأزمة السورية، وأدركوا أنهم الحلقة الأضعف فيها، ومع محاولات يائسة لدفع الاتهام من جانب الفلسطينيين في درعا، وبعض الفعاليات الفلسطينية في العاصمة دمشق.. تدحرجت كرة الاحتجاجات ضد النظام لتصل خلال أيام حي الرمل الجنوبي في مدينة اللاذقية المجاورة لمخيم الرمل الفلسطيني، ورافق أحداث الاحتجاج أعمال حرق لبعض المقارّ الحكومية والحزبية، واقتُحمت، فأصبح وجود العنصر الفلسطيني في الأحداث أقرب إلى التصديق.

ومع إقحام العامل الفلسطيني أكثر فأكثر في الصراع، انعكس سلباً على أوضاع وحياة اللاجئين الفلسطينيين في سورية، وبدا وكأنه بات لزاماً على اللاجئين الفلسطينيين والفصائل الفلسطينية أن تقف إلى جانب هذا وذاك.

تسارع الأحداث اضطر اللاجئين الفلسطينيين إما إلى النزوح داخل سورية بحثاً عن الأمان النسبي، أو إلى الهجرة خارجها بحثاً عن سقف آمن، ومن اضطر منهم للهجرة خارج سورية تعرض لصنوف من المعاناة والتمييز في البلدان التي لجأوا إليها، كالأردن، وتركيا، ولبنان، ومصر، وليبيا، وغيرها.

وغامر بعضهم بحياته وحياة أطفاله في قوارب الموت وعلى المعابر الدولية؛ بحثاً عن حياة آمنة، منهم مَن وصل إلى بر الأمان، ومنهم من ابتلعته الأمواج ولم يبلغ غايته. وسقط الآلاف من اللاجئين الفلسطينيين ضحايا الصراع الدائر في سورية بين قتيل، وجريح، ومهجر، واضطر معظم لاجئي مخيم اليرموك للنزوح منه، فيما عانى الباقون من حصار قاسٍ، ومن مجاعة أدت إلى وفاة العشرات منهم.

فعلى صعيد التهجير الداخلي، شهد مخيم الرمل للاجئين الفلسطينيين في مدينة اللاذقية أول عمليات النزوح والتهجير الداخلي والخارجي في 16/8/2011، حيث طلب الجيش السوري من سكان المخيم المغادرة، وهدد كل ما يبقى بأنه سيعدُّه معادياً للجيش.

وقال المتحدث باسم وكالة الأونروا كريس جانيس “إن ما بين 5 و10 آلاف من سكان المخيم من اللاجئين الفلسطينيين غادروه، إما هرباً من إطلاق النار وإما بناءً على أوامر من السلطات السورية”.

وزاد وضع اللاجئين الفلسطينيين في سورية سوءاً بعد صيف سنة 2012، وخصوصاً في مخيم درعا ومنطقتي الحجر الأسود والتضامن، غربي وشرقي مخيم اليرموك الذي هُجر أكثر من ثلثي سكانه، بعد قصف طائرات الميج الروسية الصنع مسجد عبد القادر الحسيني، الكائن في وسطه في 16/12/2012.

خارطة توزيع اللاجئين الفلسطينيين من سوريا:

* مصر: سمحت الحكومة المصرية خلال حكم الرئيس السابق محمد مرسي للاجئين الفلسطينيين بالدخول إلى الأراضي المصرية خاصة لحملة الوثائق المصرية؛ وذلك للمكوث مؤقتًا في مصر إلى حين انتهاء الأزمة في سورية، لكن الأمر اختلف مؤخرًا في ظل التغيير السياسي في مصر، حيث أصبح يتعذّر السماح لفلسطينيي سورية من حملة الوثائق السفر إلى مصر من مطار  بيروت، وذلك بناء على تعليمات من السلطات المصرية. وعلى صعيد آخر رحبت بعض الدول الأوروبية مثل السويد والنرويج بهجرة اللاجئين الفلسطينيين إلى أراضيها وقدمت لهم تسهيلات كبيرة في إجراءات الهجرة مع توفير لهم الدعم الإنساني والمساعدة القانونية.


* لبنان:
يزداد الأمر تعقيدا أكثر في لبنان الذي يشعر بالانزعاج من وجود اللاجئين الفلسطينيين في مخيماته منذ زمن طويل، والذي شهد منذ ارتفاع وتيرة العنف في مخيم اليرموك في كانون الأول/ديسمبر2012، وخلال العامين 2013 و2014، تدفق أعداد كبيرة من اللاجئين الفلسطينيين من سوريا إلى أراضيه، حيث يتم حاليا إيواء أكثر من نصف اللاجئين الفلسطينيين من سوريا في مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في لبنان التي تعاني بالأصل من الاكتظاظ، ويكافح  فيها اللاجئون في خضم وضع يتسم أصلاً بالقيود على حقوقهم ونقص الوصول إلى الخدمات العامة أو فرص العمل.

* الأردن: شددت السلطات الأردنية منذ بداية الأزمة السورية على منع دخول أي لاجئ فلسطيني إلى أراضيها، وعدت هذا الأمر “خطاً أحمر” لا يُسمح بتجاوزه، تحت حجج مخاوف الوطن البديل تارة وتصدير الأزمة السورية تارة أخرى، وعدم قدرة الأردن على تحمل المسؤولية تجاه اللاجئين الفلسطينيين، ويتركز وجود اللاجئين الفلسطينيين في الأردن في سكن سايبر ستي الواقع شمال البلاد بالقرب من الحدود السورية (المؤلف من بناية سكنية واحدة من ست طبقات تحوي 140 غرفة)، وتفرض السلطات على سكانه إقامة جبرية داخل المجمع، ولا يسمح لهم بالخروج إلا ضمن قيود مشددة وكفالات ليوم أو يومين.

* ليبيا: تشير المعطيات إلى أن العائلات الفلسطينية التي لجأت من سورية إلى مصر ومن ثم إلى ليبيا، واجهت صعوبات جمة، منها معاناتهم في الانتظار على المعبر لساعات طويلة في البرد والمطر حتى سمح لهم بدخول الأراضي الليبية، ويشار أن السلطات الليبية أصدرت في نهاية نوفمبر 2012 قراراً تمنع بموجبه دخول الفلسطينيين الذين يحملون وثائق سفر سورية إلى ليبيا، وحسب إحصائيات الأونروا الصادرة في فبراير 2015 يوجد في ليبيا 1100 لاجئ فلسطيني من سورية، وبحسب مجموعة العمل من أجل فلسطينيي فإن هؤلاء اللاجئين يعيشون أوضاعاً معيشية قاسية، وذلك بسبب عدم الاستقرار الأمني الليبي فقد تعرض بعضهم للخطف والقتل من الأطراف المتناحرة فيها، ما يدفعهم للتفكير بركوب البحر من أجل الهجرة إلى الدول الأوروبية.

* تركيا: لم تكن تركيا بلد استقرار للاجئ الفلسطيني من سورية بقدر ما كانت محطة من محطات اللجوء إلى أوروبا، لذلك لا يوجد أي وثيقة رسمية تحدد بدقة أعداد الفلسطينيين في  تركيا، وتشير التقديرات إلى أن العدد الرسمي والتقريبي لهم يتراوح بين ثلاثة آلاف وخمسة آلاف شخص، حيث لا توجد إقامات لهم في حين أن المستوصفات والمشافي والجهات غير الرسمية تتعامل معهم كالسوريين، غير أن مؤسسات فلسطينية مدنية استطاعت تحريك ملف اللاجئين لدى الحكومة التركية، ونتج عن ذلك صدور قرار في 19/2/2014 يسمح للفلسطينيين الداخلين إلى تركيا بطريقة غير شرعية بالحصول على تسوية وضع، أي ختم دخول مع إقامة لمدة ستة أشهر أو سنة.

ضحايا عرض البحر: 

 تتابعت رحلات اللجوء إلى أوروبا عبر السواحل التركية والمصرية والليبية إلى إيطاليا، ومنها إلى بقية دول الاتحاد الأوروبي بعد نجاح بعض الرحلات بالوصول بسلام إلى إيطاليا، إلا أن البعض الآخر قد فشل بذلك، وألقي القبض عليه وزُجّ في السجون بظروف احتجاز سيئة جداً، وتجاهل تام لنداءات الاستغاثة التي وجهها اللاجئون والجهات المعنية بحقوق الإنسان.

وتعددت حوادث غرق المراكب في عرض البحر الأبيض المتوسط، وما ترافق معها من حالات التوقيف والترحيل والاعتقال، ففي 6/9/2014 غرق مركب يقلّ نحو 400 مهاجر من اللاجئين الفلسطينيين من سوريا وسوريين وفلسطينيين من قطاع غزة، لم ينج منهم سوى 11 شخصًا، كما وثقت مجموعة العمل من أجل فلسطينيي سوريا في فبراير 2015 الكثير من حالات الاعتقال في: مقدونيا (300 شخص)، وبولندا (12 شخصاً)، وصربيا (29 شخصاً)، واليونان (108 أشخاص)، وألبانيا (21 شخصاً)، وقبرص (345 شخصاً)، وتعاملت سلطات هذه الدول بطريقة غير إنسانية معهم.

ضحايا الأزمة السورية.. حقائق وأرقام:
أفادت مجموعة العمل من أجل فلسطينيي سورية، أنها أصدرت تقريراً توثيقياً بعنوان “الإحصائيات التفصيلية للضحايا والمعتقلين والمهجرين من ‏اللاجئين الفلسطينيين في سورية منذ آذار ٢٠١١ بداية الأحداث في سورية حتى نهاية آذار 2016”.

ووثق التقرير سقوط (3191) ضحية من اللاجئين الفلسطينيين السوريين، قضوا لأسباب مباشرة كالقصف والاشتباكات والتعذيب في المعتقلات والتفجيرات والحصار، وأسباب غير مباشرة كالغرق أثناء محاولات الوصول إلى أوروبا عبر ما بات يعرف بـ“قوارب الموت“.

ويبين التقرير أن نسبة الضحايا من الأطفال بلغت 6% من الإجمالي العام للضحايا بما يعادل (200) ضحية قضوا خلال الفترة 2011-مارس/2016. كما وثق التقرير الإحصائيات التفصيلية للضحايا الفلسطينيين الذين قضوا خلال الربع الأول من عام 2016.

وأفاد أن (14%) من الضحايا الفلسطينيين الذين قضوا خلال الحرب الدائرة في سورية من الإناث، حيث وثق (444) ضحية من الإناث في الفترة ما بين 2011 – مارس 2016.

وأشار إلى أن (1751) ضحية توزعوا على جميع المخيمات الفلسطينية في سورية، من درعا جنوباً، مروراً بخان دنون، وخان الشيح، والسيدة زينب، واليرموك، وجرمانا، والسبينة، والحسينية، والعائدين بحمص وحماة، والرمل، إلى حندراتور النيرب شمالاً، ذاكرًا عدد الضحايا الذين قضوا خارج مخيماتهم في مختلف المدن السورية، والذين قضوا خارج سورية، كما وثق الأسباب غير الاعتيادية التي أدت إلى وفاة اللاجئين الفلسطينيين.

……………………….
المراجع:
“واقع اللاجئين الفلسطينيين في سوريا 2011_2015″، محسن محمد صالح، تقرير معلومات، مركز الزيتونة للدراسات.
“الفلسطينيون في سوريا بين جحيم المخيم وضياع القضية”، فرانتزغلاسمان، أستاذ علوم سياسية فرنسي.
“اللاجئون الفلسطينيون بسوريا والمصير المجهول”، رهام عودة، قضايا الشرق الأوسط – THE MIDDLE EAST.
“ثورة السوريين وأثرها على مجتمع اللاجئين الفلسطينيين في سوريا”، ماجد كيالي.
“الفلسطينيون في سوريا.. حقائق وأرقام”، سكاي نيوز عربية.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات

مواجهات عقب هجوم للمستوطنين جنوب نابلس

مواجهات عقب هجوم للمستوطنين جنوب نابلس

نابلس – المركز الفلسطيني للإعلام اندلعت مساء اليوم الاحد، مواجهات بين المواطنين والمستوطنين وقوات الاحتلال في بلدة قصرة جنوب شرق نابلس....