السبت 11/مايو/2024

دبس العنب الخليلي.. مؤونة الشتاء وتراث يأبى الاندثار

دبس العنب الخليلي.. مؤونة الشتاء وتراث يأبى الاندثار

مع انتهاء فصل الصيف وبداية فصل الخريف تبدأ العائلات الفلسطينية في محافظة الخليل، بحفلة تراثية تعرف بـ”صناعة الدبس”، تسودها أجواء فرح وتعاون يشرف عليها الأجداد ويشارك فيها الأبناء والأحفاد وتعود بهم إلى زمن يأبى عليهم نسيانه وفق خطوات تستمر لعدة أيام.

تراث خليلياشتهرت مدينة الخليل بالعنب الذي تغنى فيه الشعراء، بجمال حباته وعناقيده، وبحلاوة طمعه وطيب مذاقه، ليرتبط هذا النوع من الفاكهة بتراث المدينة وتاريخها، ويصبح جزءا أصيلا من حضارتها، كما أنه يشكل دخلا اقتصاديا للعديد من العائلات التي اعتنت به وحافظت عليه.

يشكل العنب الخليلي 12% من الإنتاج المحلي الزراعي في فلسطين، وتقدر مساحة الأراضي المزروعة بالعنب في الخليل بـ45 ألف دونم، كما تقدر نسبة الإنتاج السنوية لمحصول العنب بـ 80 ألف طن، وهذا يؤكد على اعتماد الكثير من العائلات الفلسطينية بشكل كلي وجزئي في دخلها واقتصادها على هذا المحصول.

مؤونة الشتاءفي  منزله في حي واد البساتين في مدينة الخليل، التقينا بالحاج السبعيني أبو نضال مجاهد، وهو يقف بجانب قِدر كبير يسمى بـ “الدست” الذي وضع على موقد من الحطب المشتعل وبداخله عصير العنب الذي يمر قبل طبخه بمراحل.

يقول أبو نضال مجاهد، في حديث خاص لـ“المركز الفلسطيني للإعلام”: “اختلفت صناعة منتجات العنب عما كنا عليه سابقًا؛ حيث كنا في السابق نجمع العنب من البساتين ونغسله ونضعه في كيس مصنوع من الخيش، ونضيف إليه نوعًا من التراب، لونه أصفر، ويحضر من الكهوف يسمى “حور”، وذلك لأهميته في إزالة الحموضة من العنب وتكريره وتصفيته، وكانت المعصرة في الماضي محفورة في الصخور في تلك الأوقات بحيث تكون على شكل حوضين متلاصقين، أحدهما أعلى ارتفاعًا من الآخر، لتنساب مياه العنب إلى الحوض الآخر بسهولة، ويضغط عليه باليدين بقوة، ومن ثم يوضع حجارة عليه لتصفية ما تبقى منه”.

تطوير صناعة الدبسويضيف الحاج أبو نضال: “اليوم لم يعد توجد معاصر محفورة في الصخور والحجارة لزيادة التوسع السكاني وقلة عدد الأراضي والجبال، حيث استطعنا البحث عن بديل من خلال العصر بأوعية وبراميل وضعت بشكل يشبه المعصرة الحجرية، وبعد الحصول على عصير العنب، يعلق ما بقي من العنب المدعوك بكيس الخيش على شيء مرتفع، ويوضع تحته وعاء من أجل تصفيته، لتنتهي هذه المرحلة التي تتمثل بفصل المياه عن اللب فهي الأصعب والأكثر إرهاقًا في صناعة الدبس”.

وتتابع الحاجة أم نضال، التي وقفت بجانب زوجها، القول: “نعمل على وضع عصير العنب الذي حصلنا عليه في المرحلة الأولى في وعاء معدني كبير يسمى “الدست” بعد تصفيته بقطع القماش المتوفرة، ونسمي هذه العملية (الزلزلة)، ثم يوضع على النار، للوصول إلى مرحلة تسمى (السلق)؛ حيث تستغرق من الوقت نحو 4 ساعات”.

فن طبخ الدبسوتتابع أم نضال: “نقوم في اليوم التالي بزلزلة العصير المسلوق مرة أخرى، من أجل التخلص من جميع الترسبات الناتجة عن ( الحور)، إضافة إلى التخلص من الشوائب التي تظهر على شكل مادة تسمى (قوشة)، والتي تزال بمصفاة حديد كبيرة.

ويوضح الحاج أبو نضال: “بعد الانتهاء من مرحلة الزلزلة، تبدأ مرحلة الطهي التي تستمر لساعات طويلة، يوضع خلالها الدست على قاعدة مصنوعة من الحديد ونبدأ بوضع الحطب أسفلها بحذر؛ حيث أي زيادة في الحرارة  تؤدي إما إلى حرقه أو فورانه خارج الوعاء”.

وتختم أم نضال حديثها فتقول: “تنتهي هذه الرحلة بفحص الدبس من خلال كثافته، فإذا كانت كثافته عالية يكون جاهزًا، ويعرف ذلك من خلال وضع كمية قليلة منه  قدر ملعقة أو اثنتين في صينية وعمل خطوط، إذا لم يلتق الخطان فهذا مؤشر على أنه جاهز، ويمكن ملاحظته بالعين ومن خلال الطعم أيضًا”.

 ويعد الدبس سلعة تجارية غالية الثمن حيث يباع الكيلو الواحد منه بثلاثين شيكلا أي ثمانية دولارات، وأحيانًا تبحث عنه فلا تجده لشح العنب في ذلك العام، أو لقلة إنتاج الدبس، فالذين يشتغلون في صناعة الدبس قلائل، ولا يتقنه إلا الخبراء من كبار السن.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات

صحة غزة: حصيلة العدوان ترتفع إلى 34943 شهيدًا

صحة غزة: حصيلة العدوان ترتفع إلى 34943 شهيدًا

غزة – المركز الفلسطيني للإعلام قالت وزارة الصحة الفلسطينية في قطاع غزة، اليوم الجمعة، إن الاحتلال الإسرائيلي ارتكب 6 مجازر جديدة ضد العائلات في قطاع...