ديوان آل الخياط .. كيف احترق تاريخ 800 عام بنابلس؟

كانت أعين أهالي نابلس شمال الضفة الغربية تنظر بقلق بالغ، عندما شاهدوا أعمدة النيران تشتعل في قلب حارة العقبة، خلال اقتحام قوات أمن السلطة فجر أمس الجمعة، لتكون حصيلة الاقتحام مقتل شابين، واحتراق ديوان عائلة الخياط المشيد منذ 800 عام، وفرن مجاور له.

مع بزوغ أشعة الشمس الأولى للنهار، ووصول طاقم الإطفائية إلى المكان، أضحت الصورة واضحة أن النيران أتت على كل محتويات الديوان، وحولته إلى كتلة سوداء.

وقتل صباح الجمعة الماضي، فلسطينيان اثنان في مدينة نابلس شمالي الضفة الغربية، برصاص أمن السلطة الفلسطينية، خلال محاولة اعتقالهم، وذلك بعد “اغتيال” ضابطين من أمن السلطة، مساء الخميس، على يد مسلحين مجهولين.

وحسب مصادر مطلعة أبلغت مراسلنا فإن حريق الديوان كان من أجهزة الأمن التابعة للسلطة، لاعتقادها أن مجموعة المطلوبين تعتبر الديوان مقرا لها منذ أشهر عدة، خاصة لتنظيمات فتح العسكرية، في القسم الشرقي للبلدة القديمة، والذي يضم حارات العقبة وقيسارية والشيخ مسلم.

وقال نمير الخياط، من وجوه العائلة والمشرفين على الديوان، إن الحريق أتى على الديوان بالكامل خلال الأحداث المؤسفة التي شهدتها منطقة حارة العقبة، مشيرا إلى أنه تم توارثه أبا عن جد منذ أكثر من 800 عام.

من المسؤول؟
وقال ناشط شبابي من عائلة الخياط، إن مشاعر الغضب لدى أبناء العائلة إن الحريق لم يكن بأيدي الاحتلال وإنما بأيد فلسطينية معروفة، وأن الخسارة ليست بأكبر من الدم الذي نزف، لكنها أيضا لا يمكن تعويضها.

وأضاف إن أيا من المسئولين لم يتوجه للعائلة لتوضيح ما حدث هناك، أو أبدى استعداده للتحقيق أو المشاركة في الترميم.

ورفض مسئولو دائرة الإطفاء في بلدية نابلس الإفصاح عن طبيعة الحريق وأسبابه، ولم ينشروا أية معطيات عنه كعادتهم على صفحة الفيس بوك التابعة للدائرة، مما أثار استغراب المواطنين.

ولفت الناشط إلى أن الديوان كغيره من المعالم شيدت، وعاشت قرونا بعرق ودماء أبناء هذه المدينة الجميلة، وأنه بدون تضافر كافة الجهود المؤسساتية والفردية والجماعية، لن يعاد تشييده وفتحه من جديد.

ووفق صفحة الديوان على “فيسبوك” فإن آل الخياط امتلكوا الديوان عام 1187 ميلادي وجدد عام 1363 هجري الموافق 1944 تقريبا.

إحباط شعبي
وقال سامر عنبتاوي منسق تجمع مؤسسات المجتمع المدني في محافظة نابلس، إن حريق الديوان أصاب قلوب أهالي نابلس بأكملها، وساهم في زيادة مشاعر الإحباط وفقدان الأمل، جراء تداعيات الفلتان الأمني وسيشجع الرغبة في الرحيل من البلد.

وتابع مخاطبا عائلة الخياط: “نتقدم بالاعتذار من آل الخياط الذين سيعاد لهم  ترميم الديوان العتيد بأيدٍ نابلسية، ولكن من سيرمم ما أصاب قلوب وعقول أبناء المدينة، ومن سيرمم النسيج الاجتماعي، ويعيد جمال وصفاء و بساطة البلدة القديمة، ومن سيضمن أن يكون ديوانكم آخر الشهداء على درب الخلاص من التراجع القيمي والفكري والوطني ؟! من سيفعل ذلك؟” يقول عنبتاوي.