الإثنين 17/يونيو/2024

فنجان قهوة بحضرة الشهيد جمال منصور

خاص - المركز الفلسطيني للإعلام

كانت الساعة تقترب من عصر ذلك اليوم، صعدنا درجات العمارة التي تغرس أساساتها بصخور نابلس، عمارة لو قدر لأي من الأشخاص ذوي المناصب أن يستأجر فيها لرفض ذلك، فدرجها المنهك للصعود لم يعتد عليه أصحاب الهمة الضعيفة.

على المدخل علقت يافطة صغيرة تشير إلى ذلك المركز الإعلامي، الذي كان مكتب العطاء والتضحية، ومكتب الأمل الذي يبث إلى الشباب روح مواجهة الاحتلال، لم تكن المظاهر تتحدث بعظمة من بداخله، أو حتى بصماتهم في التاريخ، دخلنا باحثين عن صاحب الابتسامة.

هي لحظات أو أقل، حتى رحب بنا بمكتبه المتواضع، جمال منصور، يجلس على مكتبه وخلفه تمتزج ملاح الوطن بخارطة تجسده كاملا غير منقوص، فيما تطل إحدى نوافذ مكتبه على وسط مدينة نابلس (جبل النار)، وقلعة “الاستشهاديين” الذين ودعهم منصور وقبلة كثير من القادة.

لم تكن زيارتنا لهدف سياسي أو غيره، وإنما حملنا معنا مجموعة من الاسئلة لبحث دراسي بالجامعة عن العمليات الاستشهادية لنطرحها على جمال منصور لنوثق موقفه حولها؛ فهو صاحب الرؤية والموقف الذي لطالما عبر عنه في لقاءاته مع طلبة الجامعة، أو حتى الجمهور الذي عشقه في لحظات الوداع الأخيرة.

حيّانا بابتسامته، وبادر بسكب فنجان من القهوة لنا بيديه، في تواضع عهدناه عنه.. لحظات وإذا بجرس الهاتف يرن، ليلتقطه ويجيب عليه، فتزداد الابتسامة… الوالدة تطمئن على فلذة كبدها، قلبها لا يكاد يغفو عن النبض بحب الابن الذي تخاف عليه كلما علت أصوات طائرات الاحتلال سماء نابلس، سيما أنه ودع رفاق درب له كثر.

هي ساعة تقريبا، ما بين دخولنا للزيارة حتى مغادرتنا المكتب، أسئلة نقلناها له، فكان في كل إجابة يتحدث بها وكأنه يريد أن يزرع بواعث الأمل من جديد؛ هم يغتالون القادة، ونحن نعمل، لن يتوقف تاريخ النضال الفلسطيني عند الأشخاص، بل هي مسيرة -كما قال- تستمد قوتها من حق متجذر كجبال جرزيم وعيبال.

“ألا تخشى من الاغتيال أو الاستهداف؟”، سؤال وجهناه له بعد أيام على اغتيال رفيق دربة صلاح الدين دروزة، وقبلها بفترة وجيزة إبراهيم بني عودة، وما بينهما الكثير من قادة سطروا تاريخًا نضاليًّا طويلًا من المقاومة، لم يتردد في إجابته، وهو ما يدلل عليه أنه جالس على مكتبه ويستقبل كل من يزوره من صحفيين وشخصيات.

أنهينا لقاءنا، وانطلقنا علنا نشاهده مرة أخرى في تلك المهرجانات أو اللقاءات، لكن هذه المرة شاهدناه محمولا على أكتاف قرابة مليون مودع هو ورفيق دربه الشيخ جمال سليم. 

تلك لحظات مرة عليها 15 عاماً، نستذكرها كما أسماءنا، ونتذوق رشفات القهوة بصحبة الشهيد، كما وأنها ساعات على اللقاء، الذي فصلنا عن موعد وداعه فقط يومان.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات

الرشق: المقاومة فكّكت مجلس الحرب الصهيوني

الرشق: المقاومة فكّكت مجلس الحرب الصهيوني

غزة – المركز الفلسطيني للإعلام قال عضو المكتب السياسي في حركة المقاومة الإسلامية حماس عزت الرشق: إنّ المقاومة وعلى رأسها كتائب القسام فكّكت مجلس...