الأحد 16/يونيو/2024

على الساحة الفلسطينية.. مشهدان وأربعة استنتاجات

عدنان سليم أبو هليل

في الساحة الفلسطينية اليوم مشهدان؛ هما مشهد المؤامرة التي تحوكها -كما يقول السيد “خالد مشعل”، رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية “حماس”- دول عربية إقليمية تعمل على كسر مشروع المقاومة وصناعة وفرض قيادة بديلة للشعب الفلسطيني ثم التحكم فيها وفق مقاسات إقليمية وليس وفق متطلبات ومصالح الشعب الفلسطيني.

ومشهد آخر هو إبرام تركيا تفاهما مع الكيان الصهيوني يتضمن تمكينها من نقل جميع المعدات والمساعدات الإنسانية التي ترغب بها إلى غزة عن طريق ميناء أشدود، وبناء محطة لتوليد الكهرباء فيها، ومحطة أخرى لتحلية المياه، وبناء مستشفى جديد، واستكمال مؤسسة الإسكان التركية مشاريعها في غزة، وتسريع إنشاء المنطقة الصناعية في منطقة جنين.

أما الذين يتدهنون بالعدو الصهيوني ويغرقون حتى ما فوق رؤوسهم في الولاء له فهم يحاولون صرف الأنظار عما في التفاهم من رعاية للمصالح الفلسطينية ويصوبون نظر الناس على ما فيه من مكتسبات للعدو وتجريده من أي معنى سوى إعادة العلاقة بين تركيا والكيان.

وفي مقابل ذلك وجدنا بعض الإسلاميين يعتبرون كل ما تفعله تركيا مبرراً لمجرد أنهم يثقون بالرئيس.. لذلك أرى أن نضع النقاط على الحروف، وأن نقرر جملة حقائق وتنبيهات.. وأقول:

1- في المشهد الأول؛ واضح أن المؤامرة التي تحدث عنها “مشعل” هي محاولة تصليح العلاقة بين محمود عباس والقيادي المفصول من حركته والمتهم رسمياً بالفساد والقتل والعمالة – محمد دحلان – لإرفاقه بعباس تحضيراً لتسويقه كقائد للشعب الفلسطيني بديلاً له.

2– وأما في المشهد الآخر فإن ما حققته تركيا للشعب الفلسطيني من تخفيف الحصار وربط الضفة بغزة وضمان وصول المساعدات في أي وقت دون تدخل من الكيان للحد من تدفقها أو كمياتها فهو ما رفض تحقيقه له محمود عباس ومعه تلك الدول العربية – الشائهة – التي ظلت تحاصر غزة وتراهن على كسر المقاومة فيها به؛ بالتالي فلا منطق لمن لا يرى الجذع في عينه ولكنه يبصر القذى في عيون الآخرين.

3- ولا بد من النظر للعلاقة التركية الصهيونية من خمس نواحٍ؛ الأولى: أنها علاقة سبقت وصول الإسلاميين للحكم بأكثر من ثمانين سنة، وأنها كانت على أشد ما تكون العلاقة بما لا يقل عن التحالف المطلق حتى جاء الإسلاميون فلا يتهم بإقامتها الإسلاميون ولا تنسب لهم.

الناحية الثانية: أن وصول الإسلاميين للحكم في تركيا هو اللحظة التي بدأت فيها متاعب العدو مع تركيا والتي بدأت تتجه فيه العلاقات بينهما إلى التجفيف وصولاً للقطيعة شبه الكاملة، الناحية الثالثة: أن تركيا لم تقبل باستعادة العلاقات مع الكيان الصهيوني اختياراً وولاء له كما تفعل دول شائهة (ارتزعت) في السلة الصهيونية، ولكن تحت ضغط مؤامرة أمريكية روسية أوروبية دولية.

الناحية الرابعة: أنها لم تعد هرولة للعدو الصهيوني ولم تتخل عن حركة المقاومة، ولكنها فعلت ما تفعله الدول التي تملك إربها وتتمتع بشخصية سياسية محترمة، وأن ما رفضته في الاتفاق لا يقل أهمية عما فرضته وأنجزته.. الناحية الخامسة: أن الشعب الفلسطيني يكسب من هذا الاتفاق مكاسب استراتيجية على رأسها قدرة تركيا على البقاء في المشهد الفلسطيني، وتخفيف سطوة مصر وتحكمها في شريان حياة غزة، وبالتأكيد تقليل قدرة العدو على استهداف حماس في غزة.. عبّر عن ذلك رئيس الائتلاف الحكومي في الكيان “دافيد بيتان” كما نقلت القناة العبرية الثانية بقوله “إن الاتفاق مع تركيا سيمنح هنية حصانة ضد اغتياله، وإن نتنياهو لن يمس به”.

4- بقي أن ننوّه بأن التفاهم قد حقق للكيان جملة مكتسبات لا يجوز الاستهانة بها، صحيح أنها استثوفيت من تركيا تحت ضغط الظروف الموضوعية التي ألجأتها له ولكن ليس من الصواب أن يبالغ إسلاميون في تبريره إلى حد الإشادة به، كما ليس من الصواب نسيان أن العدو الصهيوني يفكر في إغراق غزة في معادلة اقتصادية تصعب عليها أي حرب قادمة.

آخر القول: السياسة تعرف الثوابت بقدر ما تعرف المناورات، وتعرف المكاسب كما تعرف الخسائر، والأهم من الدفاع عن أردوغان أو مهاجمته هو الإصرار على الثوابت وبقاء الوعي متقداً، وأن ينبني الموقف من أي قضية على الحقائق لا العواطف.

* صحيفة الشرق القطرية

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات

صرخة إلى كل المعمورة.. شمال غزة يموت جوعًا

صرخة إلى كل المعمورة.. شمال غزة يموت جوعًا

غزة -المركز الفلسطيني للإعلامبينما يحتفل المسلمون في أصقاع المعمورة بعيد الأضحى المبارك، يئن سكان شمال قطاع غزة تحت وطأة المجاعة المستمرة، في حين...

يونيسيف: غزة تشهد حربا على الأطفال

يونيسيف: غزة تشهد حربا على الأطفال

غزة - المركز الفلسطيني للإعلام قال المتحدث باسم منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف) جيمس إلدر إن القتل والدمار الذي يمارسه الجيش الإسرائيلي في...