الأربعاء 22/مايو/2024

لاجئو لبنان.. معاناة الشتات والهجرة المتجددة

لاجئو لبنان.. معاناة الشتات والهجرة المتجددة

يعيش اللاجئون الفلسطينيون في لبنان في 12 مخيما رسميا تأسست بين عامي 1948 و1955، يقيم فيها 48% من عدد اللاجئين، ويعيش ما تبقى منهم في عدد من التجمعات التي تأسست خلال المدة الزمنية نفسها وعدد آخر من التجمعات التي نشأت بفعل تدمير مخيمات النبطية في العام 1974، وتل الزعتر والدكوانة في العام 1976 بالإضافة الى إقامة عدد آخر من اللاجئين ببعض المدن والقرى اللبنانية.

لكن ما لا يعلمه الكثيرون هو أن اللاجئين الفلسطينيين في لبنان محرومون من حقوقهم المدنية والاجتماعية، وأن أوضاعهم الإنسانية تزداد سوءاً يوماً بعد يوم 

لكن ما لا يعلمه الكثيرون هو أن اللاجئين الفلسطينيين في لبنان محرومون من حقوقهم المدنية والاجتماعية، وأن أوضاعهم الإنسانية تزداد سوءاً يوماً بعد يوم، ولاسيما وأن نسبة البطالة قد تجاوزت 60% في بعض المخيمات، وأن نسبة الفقر قد ارتفعت كثيراً في السنوات الأخيرة، وأن نسبة السكان قد تضاعفت لأكثر من ثلاث مرات منذ النكبة يعيشون في بقعة جغرافية محددة، إذ ممنوع عليهم التمدد الأفقي. فقد وصل عدد اللاجئين الفلسطينيين الذين وفدوا إلى لبنان حتى نهاية عام 1950 إلى نحو مائة ألف (لا يوجد احصاءات دقيقة)، واليوم وصل عدد المسجلين لدى سجلات الأونروا يبلغ 483 ألف لاجئ، بينهم 210 آلاف لاجئ يقيمون داخل المخيمات، بينما يعيش 273 ألفًا في 58 تجمعًا ومناطق متفرقة خارج المخيمات.

معلومات ديموغرافية
• عدد اللاجئين الفلسطينيين المقيمين في لبنان يتراوح بين 260 ألفا و 280 ألفا.
• نصف السكان دون سن الـ25 سنة.
• متوسط عدد أفراد الأسرة 4.5 أفراد.
• 53% من اللاجئين هم من النساء.
• المعدّل العمري للفلسطينيين هو 30 سنة.
• يعيش ثلثا الفلسطينيين داخل المخيمات، والثلث المتبقي في التجمعات (ولا سيما في محيط المخيمات).
• يعيش نصف اللاجئين في جنوب لبنان (صور وصيدا).
• يعيش الخُمس في بيروت وخُمس آخر في الشمال.
• يعيش 4% من اللاجئين في البقاع (شرق لبنان).

تعاملت الدولة اللبنانية مع الملف الفلسطيني لفترات طويلة باعتباره ملفاً أمنياً، وتجاهلت جوانبه الإنسانية

ارتكزت السياسات الرسمية اللبنانية تجاه اللاجئين الفلسطينيين على:
1. السيطرة وتكريس سيادة الدولة على اللاجئين ومخيماتهم، والإعادة التدريجية للسيطرة التي فُقدت نتيجة تواجد الثورة الفلسطينية وفصائلها. ويدخل في ذلك موضوع تنظيم السلاح في المخيمات ومسؤولية الدولة اللبنانية القانونية والبلدية والإدارية والاقتصادية والتعليمية والصحية تجاه هذه المخيمات. وهي مسائل يختلف الفرقاء اللبنانيون والفلسطينيون حول أولوياتها وطريقة تنفيذها، والصلاحيات المعطاة لأي من الطرفين، وضمانات التنفيذ غير المتعسف وغير الضار بأي من الطرفين.

2. رفض التوطين، وهي محل إجماع لبناني – فلسطيني.

3. القيام بإجراءات قانونية واقتصادية وإدارية مختلفة تهدف إلى التضييق على الفلسطينيين، ودفع أكبر أعداد ممكنة منهم للهجرة من لبنان.

كما تعاملت الدولة اللبنانية مع الملف الفلسطيني لفترات طويلة باعتباره ملفاً أمنياً، وتجاهلت جوانبه الإنسانية، ولم تُصدر القرارات والتشريعات الناظمة لهذا الوجود وفق قواعد القانون الدولي؛ وتركت الخيار لبعض الوزراء والمدراء العامّين (لا سيّما في المؤسسة الأمنية) ليضعوا قرارات تتعاطى بشكل جزئي مع اللاجئين. كما تمّ تجاهل قرارات القمم العربية وجامعة الدول العربية، المتعلقة بمعاملة اللاجئين الفلسطينيين وخصوصاً اتفاقية الدار البيضاء لسنة 1965.

ملامح الأوضاع الإنسانية  
1- عدم تناسب عدد الساكنين مع مساحة الأرض المقام عليها المخيم (مساحة مخيم شاتيلا 39567 متر مربع ويقدر عدد اللاجئين المقيمين ب 12335 نسمة) مما أدى لانتشار البناء العشوائي، ومع غياب الرقابة المختصة فإن معظم الأبنية أقيمت على أساسات ضعيفة مما يجعلها مهددة بالانهيار، ولضيق مساحة الأرض فان معظم الأبنية متلاصقة بعضها ببعض.

2- غياب الرقابة البيئية والصحية أدت إلى ضعف بنية الصرف الصحي وإهمال صيانة شبكات المياه والمجاري رغم اهتراؤها مما أدى لاختلاط وتلوث مياه الشرب بالمياه الآسنة مؤدية إلى انتشار الأوبئة والأمراض الخطيرة في صفوف سكان المخيمات وبشكل خاص الاطفال.

3- غياب الخدمات البلدية أدت إلى انتشار النفايات بين المنازل وامتلأت الطرقات الضيقة بالحفر، وتحولت شوارع وأزقة المخيمات إلى بحيرات صغيرة تتجمع فيها المياه الآسنة، ويدخل قسم كبير منها (خصوصاّ في فصل الشتاء) إلى المنازل والمحلات والمخازن.

4- الخدمات الطبية والصحية: إن غالبية اللاجئين يعانون من مشاكل العلاج وتأمين المال اللازم له مما اضطرهم إلى طلب العون من الجمعيات الأهلية وحتى إلى التسول في بعض الأحيان (إن الإجراءات التعسفية اللبنانية تمنع على الفلسطينيين الحصول على العناية الطبية في المستشفيات والعيادات الحكومية) ومع خروج منظمة التحرير الفلسطينية وتقليص الأونروا لخدماتها أصبحت الخدمات والرعاية الصحية في أدنى مستوياتها ففي المخيمات، لا توجد مراكز صحية كافية تتناسب مع عدد السكان (مخيم عين الحلوة عدد سكانه 60000 نسمة فيه عيادتان فقط وعدد الأطباء في العيادتين لا يتجاوز عشرة أطباء).

تعرض الفلسطينيون، ومعهم اللبنانيون، على مدى عقود إلى حملات عسكرية إسرائيلية طالت البشر والحجر ودمرت موارد الرزق

5- التربية والتعليم:
• نصف الشباب الذين هم في سن المرحلة الثانوية من الدراسة (بين 16 و18 سنة) يرتادون المدرسة أو معاهد التدريب المهني.
• إن المعدلات المرتفعة من التسرّب المدرسي والمهارات غير الكافية، فضلاً عن قيود ملحوظة على سوق العمل، تعوق قدرة اللاجئين على إيجاد عمل مناسب.
• يُعدّ التحصيل العلمي مؤشراً جيداً للأسرة، بحيث يؤثر على الوضع الاقتصادي الاجتماعي وعلى الأمن الغذائي لها.
• عندما يكون التحصيل العلمي لرب الأسرة أكثر من الابتدائي، يتراجع معدّل الفقر إلى 60.5%، ويتراجع معدّل الفقر الشديد إلى النصف.
• 8% من اللاجئين الفلسطينيين الذين هم في سن الذهاب إلى المدرسة (بين 7 و15 سنة) لم يرتادوا أي مدرسة في عام 2010.
• 6% من الفلسطينيين يحملون شهادة جامعية (مقابل 20% للبنانيين).

6- السكن: بما في ذلك: 
• منع إعادة بناء مخيمات مدمرة.
• منع إنشاء مخيمات جديدة.
• منع البناء في أراضٍ خالية مجاورة للمخيمات.
• منع قيام الأونروا بعمليات إعادة الإعمار إلا في حالات محدودة.
• منع إدخال مواد البناء والترميم لعدد من المخيمات.
• إلغاء الحق في الملكية العقارية حسب القانون الصادر في 5/4/2001، الذي منع تملك العقارات ومنع الإرث عمّن كان متملّكاً.

7- العمل: التضييق الشديد على ممارسة العمل، حيث منع الفلسطينيون منذ البداية من ممارسة أنواع كثيرة من العمل، وطُلب منهم الحصول على أذونات لمعظم الأنواع الأخرى. وزاد الوضع تعقيداً بالقرارات التي صدرت في أعقاب الاجتياح الإسرائيلي للبنان سنة 1982، والتي رفعت الوظائف وأنواع المهن الممنوعة على الفلسطينيين إلى 72 وظيفة. 

8- الضمان الاجتماعي: حيث يُمنع الفلسطينيون من الضمان الاجتماعي، حتى لو حصلوا على إذن العمل، وخصمت منهم مستحقات الضمان.

9- حقّ التنقل: حيث وضعت في فترات مختلفة عقبات على تنقل الفلسطينيين واستخراجهم وثائق سفر خاصة بهم. وكان قد صدر قرار من وزير الداخلية في  23/9/1995 بمنع عودة اللاجئين المقيمين خارج لبنان إلا بسمة عودة “فيزا”. وهكذا، وجد نحو 100 ألف فلسطيني مطرودين عملياً، حيث إن التطبيقات الإدارية لا تمنح بشكل عام تأشيرات لهؤلاء…. ولم يتم إيقاف العمل بهذا القرار إلا في 12-1-1999 وبعد مداولات طويلة.

10- كما تمّ القيام بشطب وثائق سفر أو إقامة اللاجئين الفلسطينيين الذين حصلوا على جوازات سفر أخرى، وأشارت بعض التقديرات إلى شطب أسماء ما مجموعه 25 ألف فلسطيني حتى سنة 1995…، غير أن مديرية اللاجئين قالت بأن هذه الإجراءات قد أوقفت، بينما تذكر مصادر فلسطينية أن العمل بها قد استمر.

11- النقابات المهنية: يحرم الفلسطينيون بشكل عام من الحصول على عضوية نقابات المحامين والأطباء والصيادلة والمهندسين، وبالتالي يحرمون من العمل القانوني في هذه المجالات.

هناك نقاط أخرى لا بد من مراعاتها وأخذها بعين الاعتبار، أبرزها توفير الشخصية القانونية لأكثر من 3500 فلسطيني موجود في لبنان من فاقدي الأوراق الثبوتية، لا يستطيعون التنقل والعمل والتعليم والاستشفاء، وحتى الزواج

مطالب تتجدد
بالإضافة إلى المطالبة بتوفير الحقوق المدنية والاجتماعية للاجئين الفلسطينيين في لبنان، هناك نقاط أخرى لا بد من مراعاتها وأخذها بعين الاعتبار، أبرزها توفير الشخصية القانونية لأكثر من 3500 فلسطيني موجود في لبنان من فاقدي الأوراق الثبوتية، لا يستطيعون التنقل والعمل والتعليم والاستشفاء، وحتى الزواج. هؤلاء قدموا إلى لبنان بعد نكسة عام 67 وأحداث الأردن في عام 70.

أما الأمر الثاني، فإن معظم المراقبين للحالة الفلسطينية في لبنان يتساءلون عن مبرر حرمان مخيمات الجنوب (الرشيدية، البص، برج الشمالي، عين الحلوة والمية ومية) من دخول مواد البناء منذ 1-1-1997 إلا بعد الحصول على إذن من قيادة الجيش اللبناني في صيدا.

محو وجود
وقد تعرض الفلسطينيون، ومعهم اللبنانيون، على مدى عقود إلى حملات عسكرية إسرائيلية طالت البشر والحجر ودمرت موارد الرزق. وعانى اللاجئون من ويلات الحرب الأهلية اللبنانية، واضطروا للدخول في مواجهات دموية؛ لمواجهة ما كانوا يعتقدون أنه مؤامرة تستهدف وجودهم ومحو قضيتهم. الأمر الذي أنهك الفلسطينيين في لبنان، وأوجد الكثير من المخاوف والحساسيات المتبادلة مع البيئة المحلية.

كما وشكّل هذا الواقع بيئة طاردة للاجئين، أدت إلى هجرات داخلية من المخيمات إلى مدن وقرى في لبنان، وهجرات خارجية إلى منافٍ جديدة، حيث تميزت بأنها هجرات نوعية للكفاءات والطاقات وخريجي الجامعات. لذلك، تشير التقديرات الحالية إلى أنه يعيش من الناحية الفعلية في لبنان نحو 300 ألف فلسطيني فقط.

ويمثل النموذج المأساوي لمخيم نهر البارد شبحاً مخيفاً لمستقبل فلسطينيي لبنان. فقد تعرض المخيم لدمار هائل واضطر عدد كبير من أهله للهجرة داخل الأراضي اللبنانية، واضطر بعضهم الآخر للهجرة إلى خارجها. وما يزال مستقبل هذا المخيم غامضاً. وهو ما يعني بأن المخيم الذي يعدّ حاضنة لمجتمع اللاجئين منذ النكبة، بات مهدداً بالتلاشي والإزالة، مما يفتح الباب على سؤال جوهري يتعلق بمهمة الأونروا، ومستقبل دورها السياسي المتعلق باللاجئين؛ خصوصاً وأنها تمرّ بمرحلة تقليص خدماتها.

وعلى المستوى القانوني، اختلفت معاملة السلطات اللبنانية للاجئين بين فترة وأخرى؛ ففي أوقات، عدّتهم أجانب، وفي مراحل لاحقة صنّفتهم لاجئين يتمتعون بحالة إقامة خاصة. وفي الخمسينيات خضع اللاجئون الفلسطينيون لقوانين الأجانب غير المقيمين. وبعدها أنشأت الدولة اللبنانية عام 1950 “اللجنة

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات