السبت 27/أبريل/2024

عقلية الغيتو.. الاحتلال يتقوقع بحثا عن الأمان

عقلية الغيتو.. الاحتلال يتقوقع بحثا عن الأمان

عقلية “القلعة والغيتو”.. هذا ما أطلقه خبراء الاستيطان على تحركات الاحتلال الصهيوني على حدوده حيث بناء الجدر وزيادة ارتفاعاتها ووضع المزيد من وسائل التكنولوجيا لمحاولة إشعار المستوطنين بالأمان، الأمر الذي يكشف حجم المخاوف التي تعشش في رؤوس القادة السياسيين والعسكريين الصهاينة.

آخر تلك التحركات هي قرار سلطات الاحتلال بزيادة ارتفاع جدار الفصل العنصري في محيط مدينة القدس المحتلة وإغلاق الفتحات الصغيرة التي كانت تستخدم لرفع أجزاء الجدار، ونصب شبكة من الكاميرات عالية الحساسية متصلة بالأسلاك الشائكة التي تعلوه لمنع اجتيازه وتقطيعه.

فقد قالت شعبة الهندسة في جيش الاحتلال التي تشرف على بناء الجدار على الحدود الجنوبية مع مصر والشرقية مع الأردن: “إنه تقرر وضع مجسات إلكترونية تحدد المناطق التي يتم منها تجاوز الجدار في القدس، وخاصة قرب معبر قلنديا (عطروت) وعلى امتداد المنطقة حتى قيادة (المركز) في منطقة بيت حنينا، وتركيب كاميرات مطورة يجري التحكم بها عن بعد ذات حساسية عالية لكشف أماكن قص الأسلاك الشائكة فيها، ومتابعة ذلك عبر شاشات تحدد المنطقة وتوجه قوات خاصة لاعتقال الشبان الفلسطينيين الذين يتمكنون من تسلق الجدار وقص الشبك والدخول إلى المدينة.

مخاوف من انتفاضة القدس

وأوضحت مصادر عسكرية أن الجيش اعتقل خلال الشهرين الماضيين العشرات من الشبان الفلسطينيين من سكان الضفة الغربية بعد قفزهم عن الجدار، وتوجههم إلى القدس أو إلى مناطق داخل الخط الأخضر للعمل بالتعاون مع الشرطة والمخابرات الإسرائيلية، مشيرة إلى أن هناك خطورة وخوفا من اجتياز هؤلاء العمال وخاصة الشبان منهم للجدار لتنفيذ عمليات طعن أو تفجيرات، الأمر الذي دفع الجيش إلى تعزيز الحراسة في هذه المناطق الحساسة، ورفع القدرة التكنولوجية من خلال الكاميرات والمجسات الإلكترونية.

بيد أن المسؤول الصهيوني شدد على أنه رغم استخدام وسائل تقنية مطورة إلا أن جيش الاحتلال يتابع بعناصره العمل في المناطق، خاصة التي في منطقة المركز – أي منطقة القدس المحتلة- ومناطق التماس ذات الحساسية والقريبة جداً من الجدار، مثل مناطق أبو ديس والعيزرية والرام وضاحية البريد؛ حيث المسافة قريبة بين الجدار ومنازل المواطنين الفلسطينيين، وهناك خروقات خطيرة ومناطق تبين أن الجدار فيها “ضعيف”.

يشار إلى أن جيش الاحتلال، قد شرع حديثا بهجمة شرسة على العمال الفلسطينيين الذين لا يحملون تصاريح، في محاولة منه لوقف ظاهرة العمليات الفردية المستمرة، بالتزامن مع حملات التفتيش والاعتقال الواسعة التي يتعرض لها العمال الفلسطينيون، أقرّ الكنيست، بغالبية 44 صوتاً، مشروع قانون جديد يشدّد العقوبات، التي ستفرضها سلطات الاحتلال على كل من يقبل بتشغيل أو إيواء عمال فلسطينيين داخل الخط الاخضر من دون تصاريح.

وزعم وزير الأمن الداخلي الصهيوني، غلعاد إردان، بأن “القانون يأتي لعدم تكرار موجة الإرهاب”.

وحسب إحصاءات غير رسمية يبلغ عدد العمال الفلسطينيين الذين يعملون دون تصاريح في الداخل الفلسطيني، في العام 2015 نحو 37 ألف عامل وعاملة.

من جهة أخرى، قال مصدر عسكري صهيوني حول بناء الجدران حول القدس والحدود الأردنية والمصرية وفي هضبة الجولان السورية المحتلة: “إن الهدف هو “حماية “الإسرائيليين” من أي تهديد قادم من خلف هذه الجدران”، مشيرا إلى أن الجدار من حيث الشكل واحد، ولكن حسب طيبوغرافية المنطقة التي سيوضع فيها، فالحدود المصرية ليست مثل الحدود الأردنية، وكذلك منطقة القدس والمركز التي يستطيع المتسلل خلال ثوان الوصول إلى العمق الصهيوني.

وأوضح أن الجدار مع الأردن في المنطقة الشرقية سيكون مثل الجدارين القائمين على الحدود مع مصر والجولان، وسوف يشمل أبراج مراقبة ووسائل تقنية متطورة، وبدء تشييد جدار مع الأردن يبلغ طوله ٣٠ كيلومترا بتكلفة 75 مليون دولار.

وشدد على أن فريقا من دائرة البناء والهندسة في جيش الاحتلال هو من يحدد المواصفات المطلوبة والوسائل التقنية المطورة التي سوف توضع على الجدار على الحدود مع الأردنية وكذلك في الجولان”.

من جانبه صرح العميد عرن أوفير الذي أشرف على بناء الجدار على الحدود المصرية، إن نصب الجدار سيستغرق عدة أشهر، وبعدها سيتم الانتهاء من وضع كاميرات مراقبة على طول الحدود مع الأردن، كما سيتم وضع أبراج مراقبة بالجدار لزيادة حماية الحدود.

وعن الدور المصري والأردني والفلسطيني في وضع هذه الجدران، زعم المصدر العسكري الصهيوني أن “ما قامت به “إسرائيل” شأن داخلي لأن الجدار داخل حدودها”.

ولفت المصدر العسكري إلى بناء الجدار جنوب الضفة الغربية فيما سمي بمواصفات المرحلة الثالثة:”أسلاك شائكة لولبية، وهي أول عائق في الجدار، وخندق بعرض أربعة أمتار وعمق خمسة أمتار يأتي مباشرة عقب الأسلاك، شارع مسفلت بعرض 12 م، بغرض عمليات المراقبة والاستطلاع، يليه شارع مغطى بالتراب والرمل الناعم بعرض 4 م لكشف آثار المتسللين، ثم الجدار، وهو جدار أسمنتي يعلوه سياج معدني إلكتروني بارتفاع أكثر من ثلاثة أمتار، مركبة عليه أجهزة إنذار إلكترونية وكاميرات وأضواء كاشفة.

وتوجد هذه المنشآت نفسها من الجانب الآخر للجدار. كما عمد الصهاينة إلى تثبيت رشاشات بالجدار ذات مناظير عبارة عن كاميرات تلفزيونية صغيرة يمكن التحكم فيها من مواقع للمراقبة عن بعد.

وأوضح المصدر اأن كل هذه الإجراءات كانت أصلاً موجودة في خطة الجدار منذ البداية، وهناك (الخط الأحمر) الذي يمثل المرحلة الأولى من الجدار، 20 كم إضافية في شمال وجنوب الحدود البلدية للقدس، تشكل جزءاً مما يسمى “غلاف القدس”.

وقال نحن نتحدث عن منطقة تم الانتهاء من جدارها مطلع 2004 ولكن أصبحت بعد 12عاماً بحاجة إلى صيانة ومراجعة الإجراءات فيها،على ضوء عمليات التسلل الفلسطينية.

عقلية القلعة

وعقب خبير الاستيطان في جمعية الدراسات العربية خليل التفكجي على هذه الخطة وزيادة ارتفاع الجدار والوسائل التكنولوجية وخطورتها على الوضع الفلسطيني بالقول: “إنها عقلية القلعة والـ(غيتو) التي تعشش في رؤوس القادة السياسيين والعسكريين الصهاينة منذ ولادة “إسرائيل” على حساب شعب فلسطين وأرضه المحتلة 1948 و 1967.

وقال التفكجي في تصريحات لمراسلنا: “ما يجري اليوم هي أفكار وزير الجيش الأسبق شاؤول موفاز الذي صرح بكل وضوح لصحيفة “الجارديان” البريطانية في آذار 2003 بأن حكومة الاحتلال تبلور رؤية لدولة فلسطينية مقسمة إلى سبعة كانتونات في المدن الفلسطينية الرئيسية، كلها مغلقة من قبل جيش الاحتلال ومعزولة عن باقي أراض الضفة الغربية التي ستصبح تابعة للكيان الصهيوني، وبالفعل فإن بناء الجدار وعشرات المستوطنات الصغيرة والمبعثرة بطريقة مدروسة قسمت الضفة الغربية إلى كانتونات منفصلة عن بعضهما البعض وعن باقي أراضي الضفة. مشيراً إلى أن بناء الجدار أدى إلى مصادرة مساحة كبيرة من الأراضي الفلسطينية وضمها للكيان”.

وأضاف “إن حكومة نتنياهو تطبق مشروع ألون لحشر الوجود الفلسطيني بين خطين متوازيين من شمال الضفة إلى جنوبها، حيث يتركز مشروع الجدار على إقامة حزامين عازلين طوليين؛ حزام في شرق الضفة بطول غور الأردن، وحزام آخر غرب الضفة على طول الخط الأخضر بعمق 5-10كم، وكذلك إقامة حزامات عرضية بين الحزامين الطوليين، وتكون بمثابة ممر بين منطقة جنوب “طولكرم” ومنطقة “نابلس” حتى غور الأردن، مما يؤدي إلى تقسيم المناطق الفلسطينية إلى 4 كتل رئيسة جنين -نابلس ورام الله، وبين بيت لحم والخليل، وتهدف هذه إلى خلق فاصل مادي بين كتل المناطق تحت السيطرة الصهيونية في قطاع غزة والضفة الغربية وبين المناطق الفلسطينية مع بقاء المستوطنات على حالها.

وأضاف إن الجدار والمستوطنات شكلت طوقا حول مدن طولكرم وقلقيلية والقدس بالكامل ويعزلها عن محيطها الطبيعي في الضفة الغربية، وبذلك تنجح قوات الاحتلال في عزل مناطق تركز السكان الفلسطينيين عن بعضها البعض وتقيد حرية التنقل والحركة للفلسطينيين ناهيك عن نزوح سكان المناطق المتاخمة للجدار، آلاف الفلسطينيين تركوا قلقيلية والقدس جراء الجدار والحواجز العسكرية، مشيراً إلى أن القدس تعاني أزمة إسكان خانقة، وحسب كل الدراسات الأولية؛ المدينة المقدسة بحاجة إلى ٢٠ ألف وحدة سكنية لوقف نزوح الأزواج الشابة إلى خلف الجدار.

وأكد التفكجي أن قوات الاحتلال ضمت أكثر من 11% من الأراضي الفلسطينية الأكثر خصوبة وغنى بالماء في الضفة الغربية من خلال الجدار، وعملت جاهدة من أجل ترسيخ وجودها واستيطانها في مناطق (ج) للاستيلاء على أكثر من 50% من مساحة الضفة.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات