الأربعاء 08/مايو/2024

دوما.. جريمة جديدة لإسكات الشاهد الوحيد

دوما.. جريمة جديدة لإسكات الشاهد الوحيد

للمرة الثانية في غضون ثمانية شهور، قُدِّرَ لإبراهيم دوابشة أن يكون شاهدا على جريمة جديدة للمستوطنين، لكن هذه المرة كان هو ذاته المستهدف، ولولا عناية الله لأشرقت شمس الصباح على فاجعة ثانية لا تقل بشاعة عن سابقتها.

إبراهيم كان أول الواصلين إلى منزل الشهيد سعد دوابشة فجر اليوم الأخير من شهر تموز/ يوليو 2015، وشاهد المجرمين قبل أن يفروا بجريمتهم، هي ذات الصفة التي جعلت منه هدفا لعصابات المستوطنين، في محاولة لإسكات الشاهد وقتل القضية.

كانت علامات الفزع والإرهاق واضحة على وجه يقين دوابشة، زوجة إبراهيم، وهي تروي تفاصيل ليلتهم القاسية.

تقول دوابشة لمراسل “المركز الفلسطيني للإعلام“: “منذ ثلاثة أيام لم نستطع النوم بسبب سماعنا أصواتا غريبة في محيط المنزل، لكن في هذه الليلة غلبنا النعاس بعد منتصف الليل”.

يقين التي لم يمض على زواجها سوى خمسة شهور، استيقظت على صوت زوجها يطلب منها الخروج من المنزل حالاً، والذهاب لطلب المساعدة من عائلته التي تسكن بجواره.

لم تستطع يقين أن تتمالك نفسها أمام منزل حماها، لتستقبلها والدة زوجها، وتسندها إلى داخل منزلهم.

في تلك اللحظات كانت النيران قد التهمت غرفة النوم وأتت على معظم الأثاث، ولم يكن باستطاعة إبراهيم ومن حضر من الجيران إخمادها، لتصل لاحقا طواقم الدفاع المدني التي أوقفت امتداد النيران.
 
جريمة مدبّرة
وتشير يقين إلى أن المخابرات الصهيونية طلبت من زوجها أخذ الاحتياطات اللازمة؛ لأن المستوطنين سيحاولون استهدافه كونه الشاهد الرئيس في القضية السابقة.

وأكدت أنهم اعتادوا سماع أصواتٍ حول المنزل، لكنهم لم يستطيعوا تحديد مصدر تلك الأصوات.

ويقول مسؤول ملف الاستيطان في شمال الضفة الغربية غسان دغلس أن كل الدلائل تشير إلى هذه الجريمة تقف خلفها مجموعة منظمة راقبت المنزل على مدى أسابيع، وحددت موقع غرفة نوم إبراهيم، واستخدمت معدات وسلالم في الوصول للهدف.

وأكد خلال مؤتمر صحفي أن الهدف من هذه الجريمة هو منع إبراهيم من الوصول إلى المحكمة لمنع إدانة المتهم الرئيس ومن يقف خلفه ويوفر له المساعدة في الجيش و”الشاباك”.
 
ماذا يريدون منا؟
لم تملك عائشة، والدة إبراهيم، نفسها عندما رأت جنود الاحتلال يحتجزون ابنها فور عودته من مستشفى رفيديا بعد أن تلقى العلاج هو وزوجته، وأخذت تبكي وتصرخ.

وبعيونٍ يملؤها القلق قالت لمراسل “المركز الفلسطيني للإعلام“: “ماذا يريدون منا بعد كل ما فعلوه؟ ألم يكفهم ما فعلوه بعائلة سعد دوابشة؟ ابني يعاني من أزمةٍ في التنفس ويكفيه ما يعانيه من آلام”.

واحتجزت قوات الاحتلال إبراهيم ووالده والسائق الذي نقله إلى المستشفى وأحد جيرانه، وأخضعتهم لاستجواب مطوّل استمر عدة ساعات.
 
من يتحمل التقصير؟
بات واضحا أن استهداف إبراهيم ومنزله لم يكن صدفة؛ فهو الشاهد الرئيس الذي من المقرر أن يحضر جلسة للمحكمة في الثاني عشر من شهر نيسان/ أبريل المقبل، وإسكات هذا الشاهد ربما يكون الحل الوحيد المتاح لعصابات المستوطنين ومن يقف خلفه لإبعاد التهمة عن المنفذين وتبرئة المستوطنين.

لكن وقوع الجريمة الجديدة بنفس الأسلوب، ونجاح الفاعلين بالوصول إلى قلب دوما رغم كل التحذيرات، يفتح المجال مشرعا حول دور لجان الحراسة الشعبية التي تم تشكيلها في قرى جنوب نابلس التي تتعرض دائماً لاعتداءات الاحتلال ومستوطنيه، ومنها دوما.

رئيس المجلس القروي عبد السلام دوابشة أكد لمراسل “المركز الفلسطيني للإعلام” أن لجان الحراسة كانت موجودة حتى قبل عدة أشهر، لكن توقف نشاطها في فصل الشتاء.

وأوضح أن لجان الحراسة مهمتها مراقبة مداخل البلدة ومن يدخل إليها ليلا، لكن من الصعوبة ضبط حقول الزيتون التي يرجح أن المستوطنين دخلوا البلدة من خلالها.

واشتكى دوابشة من نقص الإمكانات المتوفرة لدى اللجان، مشيرًا إلى أنه تم طلب أدوات بسيطة كالهراوات والعصي، وتوفير كشافات مناسبة لبيئة القرية الجبلية والتي تحيط بها المستوطنات من كل الجوانب، لكن لم يكن هناك استجابة.

من جانبه، يقول دغلس أن لجان الحراسة في القرى لعبت دورا مهما في السنوات الأخيرة، لكن أصابها الفتور منذ الانتفاضة الحالية بعد أن أصبح المستوطنون يخشون الاقتراب من القرى.

جريمة ثانية تشهدها دوما، وما يزال لدى القتلة متسع من الوقت ليدخلوا ويعربدوا فيها، وسط تواطؤ رسمي صهيوني من أعلى المستويات، وعجزٍ وتراخٍ فلسطيني لا يمكن تبريره.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات