الثلاثاء 07/مايو/2024

انتفاضة على نار هادئة.. واقع يُقِر به الاحتلال

انتفاضة على نار هادئة.. واقع  يُقِر به الاحتلال

مع استمرار انتفاضة القدس للشهر السادس على التوالي، ونجاح أبطالها في تنفيذ عمليات فدائية على امتداد خارطة الوطن الفلسطيني، بات الاحتلال على ما يبدو يدرك أنها انتفاضة حقيقية بكل معنى الكلمة، وليس مجرد “موجة إرهاب” كما حاول أن يشخصها سابقًا.

“انتفاضة الشبكة الأولى”.. هكذا عنْون رئيس مجلس إدارة القناة العبرية الثانية نحمان شاي، مقاله الذي تناول فيه تأثير شبكات التواصل الاجتماعي على انتفاضة القدس، وهو ما تابعه قسم الترجمة والرصد في “المركز الفلسطيني للإعلام“، ويظهر فيه بوضوح التخوف الصهيوني من تأثير وسائل التواصل الاجتماعي، المتهم الأول بـ”التحريض” كما يزعم الاحتلال.

انتفاضة شبكية
استهلّ الكاتب مقاله بالقول: ما حدث  في الأشهر الأخيرة ليس موجة إرهاب بل انتفاضة حقيقية “الانتفاضة الأولى للعولمة والشبكات الاجتماعية”.

وأضاف نحمان شاي “كانت المفاجأة في الأسبوع الماضي كبيرة ومزدوجة؛ في الشهر حدث تراجع بطيء لكنه مستقر في العمليات الإرهابية (الفدائية)، وكان يبدو أن الموجة تتلاشى، لاسيما لمن اعتقد أن الحديث يدور عن موجة فقط”.

وأشار إلى أن “الهدوء النسبي انهار وأخلى مكانه للتعريف الحقيقي والواقعي بأننا أمام انتفاضة بكل معنى الكلمة، إذاً توجد لنا نسخة معدلة، وكانت المفاجأة – حجم الإرهاب (العمل الفدائي) المتجدد وانتشاره الواسع بما في ذلك وراء الخط الأخضر (داخل الأراضي المحتلة منذ عام 1948) وعدد المصابين الكبير نسبيا، كل شيء يتكرر”.

الموضوع ليس كلاميا فقط وتحديد مفاهيم وأسماء؛ بل إن “إسرائيل” لا تجد إجابة على هذه العمليات على حد وصف الكاتب، قائلاً: “هذه هي الحقيقة المحزنة، إن التحليل العميق للأحداث الإرهابية (العمليات الفدائية) يكشف أن الانتفاضة الحالية تستند إلى مجموعة كبيرة من العمليات البدائية في معظمها، الطعن بالسكين والدهس بالسيارة، واستخدام للسلاح الحي.. إسرائيل تجد صعوبة في مواجهة الإرهاب (العمل الفدائي) على نار هادئة”.

ويتابع شاي “للوهلة الأولى يبدو أنه كلما كان الإرهاب أقل عنفا كلما كان من السهل أكثر محاربته، ولكن يتبين أن النتيجة معكوسة؛ لماذا يصعب القضاء على موجة الإرهاب الأخيرة؟ كلمة السر هنا هي “الشبكة”، هذه الانتفاضة هي انتفاضة شبكية، وهي تشبه إلى حد كبير العالم الجديد الذي نعيش فيه، والتطور الذي مرت به التنظيمات الكبرى التي تعمل في المنطقة”.

تحسس في العتمة
ويزعم الكاتب أن جيش الاحتلال انتصر في الانتفاضة الثانية؛ عملية “السور الواقي” (من آذار حتى أيار 2002) فاجأت الفلسطينيين وأضرت بالمجموعات، لكن هذا الأمر احتاج أربع سنوات من أجل القضاء كليا على موجة العمليات واعتقال من يقف وراءها.

وأضاف “لكن هذا النجاح بالتحديد تكمن بذور الإرهاب (العمل الفدائي) القادم الذي وجد تعبيره الآن، في ظل غياب القيادة وبدون بنية تحتية لتحركه، إن الشباب الذين يختارون الإرهاب متشابهون، لكنهم ليسوا على صلة ولا يعرفون بعضهم البعض، يعملون بنفس النمط وبدون تنسيق”.

وأكد شاي على أن قوات الأمن والجيش الصهيوني و”الشباك” وحرس الحدود وشرطة الاحتلال لا حول لهم ولا قوة، يتحسسون بالعتمة، ومحاولات الإحباط لم تعد ناجعة، وحتى حينما تبحث قوات الأمن عن الإرهاب ومنفذيه بشكل علني فإنها لا تستطيع تحديده، “لقد هربت الخيول من الإسطبل”.

أهداف وهمية
وأشار الكاتب بأن الأخطر من ذلك هو أن “الادعاءات حول التحريض لا يمكن علاجها، حتى لو تم إغلاق وسائل الإعلام العلنية كالراديو والتلفاز، فليس هناك طريقة لمنع جيل الشباب من الدخول إلى الشبكات الاجتماعية، وكل محاولة لمراقبة ذلك فشلت، والتوجه لشركات “غوغل” والفيس بوك رُفضت،  فهما لا تعملان في خدمة حكومة إسرائيل، ولن تتنازل عن استقلالية شبكتيهما”.

وأضاف “الإرهاب لم يعد وحيدا، فوسائل الإعلام الحديثة والتقليدية تقوم برفعه بسهولة نسبية وعرضه على الكثير من المشاهدين الجدد وتقوم بجذبهم، أصبح الإرهاب هو الوقود الذي يحرك المعركة الدولية المتداخلة ضد إسرائيل”.

وأشار إلى أنها معركة سياسية اقتصادية قانونية أكاديمية ودعائية، “بل هي مبنية على شبكات دولية تغذي نفسها من خلال العنف الجسدي، ولكن بدل العمليات التفجيرية الشديدة يكفي الإرهاب المقلص الذي تتم تغطيته بشكل كبير لتغذية الحملات الدولية”، على حد تعبيره.

ويرى نحمان شاي أن “إسرائيل” لم تكشف في الوقت المناسب الصلة بين هذه الدوائر ولا الزاوية الجديدة التي حصلت عليها، لقد تم استغلال المصادر باتجاه إحباط العمليات ومنعها واستيعابها، أما المعركة الدولية فقد تم تنحيتها جانبا. في الوقت الحالي ينقلب كل شيء، و”إسرائيل” بحاجة إلى تفكير جديد في صراعها ضد العمليات، والكنانة مليئة بالسهام؛ لكنّ أحدًا منها لا يمكنه إصابة أهداف وهمية.

 ويرى نحمان شاي أنه على “إسرائيل” الدخول إلى الشبكات واتخاذ إجراءات لإضعاف عملها، مقرًّا أن “هذا غير سهل أبدا؛ ومرة أخرى سنكون أول من جرب وسائل محاربة الإرهاب (العمل الفدائي) كما فعلنا في السابق من خلال الإفشال الموضعي؛  وإجراءات كهذه من شأنها ردع الشباب ونقش نتائج الإرهاب الشخصي والعام في وعيهم، الحرب هي على الوعي.. بداية فصل جديد”.

الواقع الجديد
ويرى محلل الشؤون الصهيونية في “المركز الفلسطيني للإعلام” في مقال نحمان شاي أن الاحتلال استسلم لحقيقة أن هذه الأحداث الجارية حاليا هي انتفاضة وليست موجة من العنف، كما ادعى لمدة ستة أشهر هي عمر الانتفاضة، حاول خلالها طمأنة المجتمع الصهيوني بعد سيطرة الرعب على أركان حياته.

وأضاف “لا ينكر أحد الدور الذي لعبته وسائل التواصل الاجتماعي في إذكاء روح المقاومة في نفوس الشباب الفلسطيني، لكن المحرك الرئيس لهذه الانتفاضة هو ممارسات الاحتلال بحق الشعب الفلسطيني، وخاصة الانتهاكات المتكررة والدائمة بحق الأقصى على وجه الخصوص والقدس بشكل عام”.

وتوقع المحلل أن يقوم الكيان بعدة وسائل لمكافحة هذا النشاط الإلكتروني؛ من خلال التشديد على المواد المنشورة وملاحقة كاتبيها بإصدار قانون يلاحق “المحرّضين” ومعاقبتهم، واستكمال المشاورات مع بعض الدول للحدّ من الانتشار الواسع “للمواد المحرضة” على الكيان.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات