عاجل

الجمعة 03/مايو/2024

المتشائلون من المصالحة

إياد القرا

كلما تم الحديث عن المصالحة تصيب الشارع الفلسطيني حالة غريبة من عدم الثقة، وتبرز القضايا الحياتية اليومية التي يعاني منها نتيجة الانقسام الداخلي، ويحاول المواطنون جاهدين أن يربطوا بين معاناتهم والمصالحة، لكن لا تطاوعهم عقولهم ولا قلوبهم على تعليق الآمال على نتائج المباحثات.

“الإحباط” هو الوصف الأقرب لحالة المواطن، لكن يمكن رفعها إلى “المتشائل” مما يسمع عن المصالحة، فلا مع هؤلاء المتفائلين وهم قلة ولا مع المحبطين وهم كثرة، لكنه يقول لعل وعسى تصلح الدوحة ما أفسده الانقسام والمستفيدون منه.

حفظ المواطن الأسطوانة، ويدرك أبعاد إحباطه، وهنا يتم الحديث عن التفاصيل، فيقف أمامه معبر رفح وتعقيداته وأطرافه بين حماس التي ترغب بفتحه على مصراعيه، و مصر التي تغلقه تحت عنوان تواجد الشرعية وهنا تعني السلطة في رام الله وهدوء الأوضاع الأمنية في سيناء، وتحت الطاولة الرغبة المصرية في تعاون حماس مع مصر في مساعدتها فيما يتعلق بسيناء.

ليست هذه الأطراف فقط، فعباس له حساباته، وهل هو على استعداد لذلك ليهدي حماس فتحا مريحا لمعبر رفح دون وجود سيطرة له على غزة أو لأجهزته الأمنية؟ وهل يوافق على تواجد الموظفين من الحكومة بغزة في المعبر.

المتربص الآخر والأهم والذي يقف خلف الحصار هو الاحتلال الإسرائيلي، فهل سيوافق على مصالحة فلسطينية تعطي فرصة لحماس أن تلتقط أنفاسها؟ قطعا لن يسمح، وخاصة في هذه المرحلة، لدور حماس في انتفاضة القدس وتهديداتها فيما يتعلق بأنفاق غزة، ولن يقبل بفك الحصار عن حماس والسماح لها بالتحرك إقليميا.

إذًا نحن أمام ملف واحد وهو معبر رفح وتشابكاته، وسريعا يمكن لك أن تذهب إلى ملف الموظفين، وقد يمتلك عباس القدرة على التحرك به وفكفكته، لكنه لا يريد ذلك إلا وفق رؤية إقصائية يتم بموجبها تشكيل لجان تعمل على فلترة الأجهزة الرسمية من موظفين يتبعون لحماس كي لا يعطيهم فرصة للعمل تحت عباءة الحكومة.

إذا أردت أكثر تعقيدا اذهب لملف الكهرباء، وستجد عجبا يدفع ثمنه المواطن ويحترق بناره كل ساعة على الرغم من إمكانية حله من خلال دور الحكومة وتولي مسؤولياتها في قطاع غزة، وتوفير سبب العيش الكريم للمواطن المنهك الذي خرج من الحرب وعينه على إعادة الإعمار وأخرى على تهديدات الاحتلال بتكرار عدوانه.

إرادة المصالحة غائبة لأسباب كثيرة والتشاؤل هو سيد الموقف هروبا من التشاؤم وخشية التفاؤل الذي تحول إلى الإحباط من حديث المصالحة.

لعل الله يحدث أمرا يخالف كل التوقعات، وتسير عربة المصالحة لتعيد الأمل مجددا للشارع الفلسطيني، وتحل أزماته اليومية والحياتية، وهي البوابة والسبيل الوحيد لمن أراد أن يخفف عن المواطن همه ويفك كربته.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات