الأربعاء 08/مايو/2024

غزة والضفة.. الدور النضالي في مشروع التحرر

غزة والضفة.. الدور النضالي في مشروع التحرر

استمرت جلسات الندوة السياسية التي نظمها مركز رؤية للتنمية السياسية بعنوان المشروع الوطني الفلسطيني: رؤى وآفاق لليوم الثاني على التوالي، حيث شهد ثلاث جلسات قدمت فيها عدة أوراق للنقاش والتعقيب وفق برنامج الندوة، وتركزت في طرحها على الدور النضالي الذي تلعبه كل من الضفة الغربية وقطاع غزة في مشروع التحرير، وتم التطرق إلى السيناريوهات الوطنية الواقعية لإنهاء الانقسام، فيما اختتمت الندوة بالتوصيات التي قدمها المشاركون لتحقيق رؤية مستقبلية يمكن أن يبنى عليها فيما بعد.

دور الضفة
كانت الجلسة الأولى بعنوان “دور الضفة النضالي في مشروع التحرر: الأهداف والإمكانيات والوسائل”، حيث قدم الدكتور مصطفى البرغوثي الأمين العام للمبادرة الوطنية الفلسطينية ورقته في الندوة وعقب عليها الأستاذ حسام بدران الناطق باسم حركة حماس.

وبدأ البرغوثي حديثه مؤكداً على وحدة الشعب الفلسطيني مهما اختلفت ظروفه، وأشار إلى أن الانتفاضة الثالثة الحالية تمثل جزءًا من الرد الاستراتيجي الشعبي على فشل المفاوضات وفشل اتفاق أوسلو، حيث إن المقاومة لم تأت من فراغ بل قامت على كتفي المقاومة الشعبية المستمرة والصمود البطولي الذي حققه قطاع غزة في وجه حروب الاحتلال.

وفي تحليل للوضع الراهن، أشار البرغوثي إلى أن محاولات “إسرائيل” بتكرار تجربة نكبة 1948 بأشكال مختلفة، حيث تعمل دولة الاحتلال على إنهاء فكرة الدولة الفلسطينية المستقلة مشيراً إلى أن أوسلو لم تكن سوى خدعة وفخ لكسب الوقت، والواقع يقول أن “إسرائيل” لم تتغير أبداً.

وفي الختام أشار البرغوثي إلى أن أهداف المرحلة الحالية تتلخص في إعادة شحن الشعب الفلسطيني وقواه بطاقة المقاومة ووقف الاستيطان وإجبار “إسرائيل” على الإقرار بإنهاء الاحتلال والإفراج عن الأسرى. ونوه أيضاً إلى نقاط ضعف “إسرائيل” التي يجب على الفلسطينيين استغلالها في مواجهة الاحتلال وأهمها الحساسية المفرطة للخسائر البشرية والخسائر الاقتصادية والخسائر الأخلاقية والمعنوية، مشيراً إلى أن أهم معيق أمام الانتفاضة يتمثل في عدم حسم الخيارات الرسمية والتنسيق الأمني وعدم وجود قيادة موحدة، بالإضافة إلى الصراع الإعلامي وعدم اندماج فئات واسعة من الشعب الفلسطيني في إطار أحداث الانتفاضة.

من جهته عقب حسام بدران بالقول إن المقاومة لها ثمن ويجب أن يتم دفعه بأي شكل من الأشكال مؤكداً على أن الوطن هو فلسطين كلها وليس الضفة وغزة فقط أو إحداهما. ومن حيث الواقع هناك اختلاف كبير في الإمكانيات والقدرات والظروف في كل مناطق التواجد الفلسطيني، مشيراً إلى أن الضفة تمثل خاصرة المحتل الضعيفة؛ وهو ما يجعل أي عمل مقاوم فيها له أثر كبير للغاية.

وفي معرض تعليقات الحاضرين على الورقة والتعقيب، قال الأستاذ قدورة فارس إن علينا الانشغال بدعم الأحداث الحالية بدل الانشغال في الاختلاف على تسمية الأحداث. من جهته أشار الأستاذ أحمد غنيم إلى أن الانقسام الجغرافي انتقل إلى انقسام في الوعي وفي الحيز الفكري والثقافي، مشيراً إلى المجتمعات الفلسطينية التي تشكلت في إطار الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي.

أما الدكتور ناصر عبد الجواد فقد أشار إلى أن هناك أزمة ثقة في الضفة الغربية تحول دون تفعيل دور الضفة ضد الاحتلال لإنجاح أي حوار في الضفة. من جهته أشار الدكتور نشأت الأقطش إلى أن “إسرائيل” ستنسحب من الضفة كما انسحبت من غيرها” وعلى الاحتلال أن يصبح مكلفاً حتى يتحقق ذلك.

دور غزة
كانت الجلسة الثانية التي بعنوان “دور قطاع غزة في مشروع التحرر: الأهداف والإمكانيات والوسائل” تحدث بها الدكتور محمد الهندي القيادي في الجهاد الإسلامي، وعقب على ورقته الأستاذ خالد بركات القيادي في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين.

وبدأ الدكتور محمد الهندي حديثه بالإشارة إلى أن الانهيار الجديد في المنطقة ربما يكون أخطر من الانهيار السابق وسيشمل تفتيت الدول في المنطقة، مؤكداً على أن مشروع التحرر الفلسطيني مسألة تتجاوز الفلسطيني إلى كل ما هو عربي ومسلم. وفي معرض الحديث عن المقاومة في غزة، أشار الدكتور الهندي إلى أن الانسحاب الإسرائيلي من غزة كان عاملاً في تطوير أدائها.

وأضاف الهندي أن إمكانات غزة باتت الآن متعلقة بالردع والرد، وهو ما جعل استراتيجية المقاومة في غزة هو تجنب الحرب مع الاستعداد لها، مشيراً إلى الفرصة التاريخية التي فتحت أمام حركة فتح لكي تتصدر المواجهة مجدداً في الضفة الغربية، مذكراً بانخراط السلطة في الانتفاضة الثانية والذي جاء بعد تماسك الرئيس عرفات ودعمه للمقاومة.

وفي تعقيبه على الورقة التي قدمها الدكتور الهندي، أشار الاستاذ خالد بركات إلى ضرورة تعريف المشروع الوطني الفلسطيني، مشيراً إلى أن الوضع المعيشي في غزة صعب للغاية، ويجب على الجميع أن يتذكر دوره تجاه قطاع غزة والقضايا المختلفة فيه.

وأثنى الدكتور خالد على غزة ومقاومتها مؤكداً أنها المشروع الحقيقي والمعنى الكامل ورأس الحربة في مواجهة مشروع الاحتلال، ولولا صمود غزة ما كان لحملة المقاطعة أن تتطور وتأخذ أبعاداً جدية.

وفي إطار التعليقات على الورقة المقدمة، ذكر الدكتور مصطفى البرغوثي بأن الانسحاب الإسرائيلي من غزة لم يكن كاملاً، فالقطاع ما يزال يعيش تحت ضغط وحصار إلكتروني يحاصر كافة مناحي الحياة، فيما أشار الدكتور الهندي مجدداً على أن المقاومة في غزة متاحة للجميع ولا يجرؤ أحد على منع أي فعل مقاوم هناك.

السيناريوهات لانهاء الانقسام
الجلسة الثالثة من الندوة كانت بعنوان “السيناريوهات الوطنية الواقعية لإنهاء الانقسام”، تحدث فيها الأستاذ هاني المصري مدير مركز مسارات وعقب على ورقته الأستاذ محمد الحوراني القيادي في حركة فتح.

وأشار المصري في كلمته إلى أن الهدف الأساسي من انسحاب الاحتلال من غزة كان لخلق الانقسام الواقع، وساعد على ذلك وجود قطبين بقوة متوازية بالساحة الفلسطينية، بالإضافة إلى عدم وجود إيمان حقيقي بالشراكة بين الفصائل كبيرها وصغيرها.

وألمح المصري في حديثه إلى أن الضغوط الدولية عملت على تعزيز الانقسام، مشيراً إلى ضرورة الإجابة عن الهدف من المصالحة والسبب في السعي وراءها. مؤكداً على وجود فئات من الشعب استفادت من الانقسام نفوذاً وسلطة وثروة، وأكد الأستاذ المصري تحذيره من إجراء انتخابات دون خلق مؤسسات وحدوية مؤكداً أن أي انتخابات دون توافق ستؤدي إلى أسوأ مما حدث سابقا.ً

من جهته، قال الأستاذ محمد الحوراني في تعقيبه على ورقة الأستاذ هاني المصري، إن أي اتفاق جزئي لن ينتج عنه حل حقيقي، بل سيزيد من الانقسام وعلينا الاتفاق على نقاط البدء والنهاية. مشيراً إلى أن المصالحة الفلسطينية ليست شأناً فلسطينياً داخلياً فقط، و”إسرائيل” تسعى إلى تخليد حالة الانقسام الراهنة، وأضاف، إن البرنامج السياسي هو المدخل الحقيقي لتحقيق المصالحة.

وأضاف الحوراني إن إنهاء الانقسام يحتم علينا عقد مجلس وطني يقر بإجراء انتخابات رئاسية وتشريعية متزامنة، مؤكداً على أهمية ضمان حقوق الشعب الفلسطيني، وإيجاد نظام سياسي ناجح يضمن تمثيله.

وفي معرض التعقيب على الورقة قال الدكتور سعيد الحاج، الشعب الفلسطيني ملّ الحديث عن المصالحة بسبب تكرار الإخفاقات، والمصالحة ليست معركة نفوذ بين حماس وفتح بل هناك اختلاف حول البرامج. وأشار الأستاذ ماهر عبيد إلى أن استقواء أحد الأطراف بالآخر يجعل المشاركة السياسية صعبة وغير متاحة، والمشكلة أمامنا أن الانتخابات صممت لكي يفوز فريق دون الآخر.

أما الاستاذ أحمد غنيم فأشار إلى إرادة حركة فتح في المصالحة مشيراً إلى أن سعي الطرفين إلى المصالحة حال وجودهم في أزمة بشكل أو بآخر ما جعل التوجه إليها يأتي من واقع الإجبار. مشيراً إلى أن موضوع المعبر ليس متعلقاً بالطرف الفلسطيني فحسب بل متعلق بالآخر الواقف على باب المعبر على الجانب الآخر.

توصيات الندوة
وفي الختام قدم المشاركون توصيات تضمنت عددا من النقاط من بينها:

– ضرورة الخروج من حالة التشرذم والانقسام السياسي.

– صياغة رؤية وطنية شاملة للمشروع الوطني الفلسطيني، يشارك فيها كل مكونات وفصائل الشعب الفلسطيني في الداخل والخارج.

– إعادة تقييم الواقع السياسي الفلسطيني بما يخدم إنهاء الاحتلال وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة.

– ضرورة تحديد والاتفاق على المصالح العليا للشعب الفلسطيني.

– العمل على توفير الغطاء السياسي لانتفاضة القدس والعمل على إسنادها ودعمها.

– التأكيد على أن الشعب الفلسطيني لا زال  يعيش مرحلة تحرر وطني وعلى الفصائل الفلسطينية بناء استراتيجياتها على هذا الأساس.

– ضرورة تشكيل فريق حوار وطني أو طاولة حوار وطني دائم، للوصول إلى رؤى لكافة قضايا الشعب الفلسطيني.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات