عاجل

الجمعة 03/مايو/2024

100 يوم والانتفاضة مستمرة

إياد القرا

قدرت أجهزة المخابرات المختلفة أن انتفاضة القدس الحالية لن تتجاوز في أفضل الأحوال الـ(100) يوم، وراهن البعض على جهود أمنية واستخباراتية إسرائيلية وإقليمية، أنها ستنجح في إخماد الانتفاضة قبل بلوغها ذلك اليوم، ومنهم من قدم وعوداً مكتوبة بذلك، لكننا نجدها اليوم قد تجاوزت ذلك، وها هي المائة الثانية، وهي في شهرها الرابع، وتسير بخطى ثابتة وتزداد اشتعالاً وينضم لها مقاومون جدد، وتتنوع أساليبها ووسائلها، ويسجل في هذا الشأن عدة قضايا تستحق التوقف عندها:

إن انتفاضة القدس الحالية هي امتداد لمسيرة النضال الوطني الفلسطيني، وتراكم ما حققته انتفاضة الحجارة وانتفاضة الأقصى من إنجازات في سبيل التحرر من نير الاحتلال، وتطوير أساليب مواجهته في سبيل إنهاء وجوده.

جرياً على انطلاق انتفاضة الأقصى التي كانت بسبب تدنيس المسجد الأقصى، جاءت انتفاضة القدس لنفس السبب، لكن هذه المرة كانت الشرارة قد انطلقت من القدس وبزخم كبير ومشاركة واسعة، عبر سلسلة من العمليات التي قام بها الشبان المقدسيون، سرعان ما انضمت لها مدن الضفة الغربية وقطاع غزة والداخل المحتل.

تتميز الانتفاضة الثالثة بزخم شعبي واسع عبر المشاركة في عمليات المقاومة الفردية، حيث تشير آخر الإحصاءات إلى أن عدد العمليات التي تم تنفيذها بلغ 77 عملية طعن و44 محاولة طعن، و 77 عملية إطلاق نار، وتنفيذ 19 عملية دعس، استشهد خلالها 152 فلسطينياً وقُتل 27 إسرائيليًّا.

المشاركة الشعبية لم تقتصر على تنفيذ العمليات من قبل الشبان والفتيات بشكل فردي، بل وجدت حاضنة شعبية، توفر الدعم المباشر لهم ولعائلاتهم، وتعيد بناء البيوت التي يتم هدمها، مما شجع الشبان على تنفيذ العمليات، كما وفر الدعم المعنوي لعائلاتهم.

تهاوت نظرية الجغرافيا التي حاول البعض ترسيخها خلال السنوات الأخيرة، عبر اقتصار المشهد على الانقسام الداخلي، فجاءت الانتفاضة لتعيد الوحدة الوطنية عبر الدم من الضفة وغزة والداخل المحتل، عبر وحدة الشهداء والمقاومين، حيث تشمل كافة مدن الضفة الغربية، وحدود غزة، وقيام الشبان بعمليات مشابهة في الضفة الغربية، مما أثّر بشكل كبير على الأمن الشخصي لسكان المدن لدى الاحتلال.

تشعر حركة حماس بالنشوة مما يحدث لأسباب مهمة ترتبط بنجاح رهانها على أن مشروع المقاومة هو السائد في الضفة الغربية، وسقوط نظرية الفلسطيني الجديد، حيث تجد البيئة الحالية ضمانًا لنجاح مشروعها في المقاومة، لذلك تدعم ذلك بقوة، وهو ما يزعج الاحتلال ويجعله يصدر التهديدات المتتابعة ضد قيادتها السياسية في غزة والخارج، ويشاركها بقوة في هذا الشأن، حركة الجهاد الاسلامي التي تقف جنباً إلى جنب بجوار حركة حماس، بأن المقاومة المسلحة في الضفة هي خيار أساسي في مواجهة الاحتلال.

ولا شك أن بعض الفصائل التي تشارك بقوة في ذلك هي الجبهة الشعبية، وأن توجهاتها خلال السنوات الأخيرة نحو المقاومة المسلحة باعتبارها السبيل للتخلص من الاحتلال، وأن مشاركتها في السلطة إلى جانب عباس أفقدتها الكثير من قوتها، وكذلك فشل مشروع التسوية الذي تقوده منظمة التحرير.

غزة تقدم كل الدعم الممكن على كافة الصعد لتأجيج الانتفاضة وهذا ليس سراً في سبيل الوصول إلى مرحلة العمل العسكري الواسع في الضفة، وتجاوز انتفاضة القدس الـ(100) يوم يشجعها على ذلك، وهي لم تكتفِ بذلك، بل تشارك من خلال المظاهرات الدائمة على حدود غزة التي ارتقى خلالها 22 شهيدًا، ومئات الجرحى.

يدرك الاحتلال أن انتفاضة القدس دخلت مرحلة مهمة وحساسة، وأكثر ما يخشاه هو الوصول للعمل المسلح الكامل بعد عجزه عن التعامل مع ذلك، والعمليات الفردية التي تقع، مثل قناص الخليل، وعجزه عن الوصول إلى الشهيد نشأت ملحم بعد أسبوع من تنفيذه عملية إطلاق نار وسط تل أبيب، وفي حال تكرار ذلك قد يجد نفسه أمام الكابوس وهو العمليات الاستشهادية التي يتضح أنه أصبح تنفيذها مسألة وقت.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات