الخميس 09/مايو/2024

فداء زعتر.. فلسطينية ضمن أفضل 50 مدرسا في العالم

فداء زعتر.. فلسطينية ضمن أفضل 50 مدرسا في العالم

لم يكن “فصلا” اعتياديا كباقي الفصول في أي مدرسة ابتدائية، ولا كواحدة من تلك الحصص الدراسية التقليدية، بل إن “صف” الأول الابتدائي في مدرسة الخنساء الأساسية في مدينة نابلس كان نموذجا لأفضل الفصول الدراسية بالعالم.

فالقاعة التدريسية، مزدانة بوسائل تعليمية جذابة، والمقاعد امتلأت بصغيرات مفعمات بالنشاط وحب الإطلاع، “صف” غير صورا  نمطية عن المدارس الفلسطينية.

“فداء زعتر”، والتي أعلن عن فوزها ضمن أفضل (50) معلما ومعلمة على مستوى العالم في المسابقة التي نظمتها مؤسسة “فاركي فانديشن” في بريطانيا تحدثت إلى “المركز الفلسطيني للإعلام” عن أسلوبها المتميز الذي اتبعته على مدار (15 عاما) كمعلمة للصفوف الابتدائية، والذي كان محصلته نجاح وتميز على مستوى العالم.

تقول زعتر الحاصلة على دبلوم تربية ابتدائية من كلية دار معلمات رام الله، إنها طبقت عدة مشاريع تتضمن أساليب حديثة ومبتكرة خلال شرحها للمواد التعليمية، كاستخدام الموسيقى واللعب والمسابقات والرقص في حلقات على أنغام أناشيد الأطفال.

وسهلت هذه الأجواء المليئة بالمرح وروح المنافسة إيصال المعلومة بشكل سلس إلى الطالب بعيدا عن الأجواء الروتينية المملة.

مشروع الصف
مشروع الصف النشط أحد أبرز وأنجح الأساليب التي جرى تطبيقها عملياً على صفوف مدرسة الخنساء ابتداء من الصف الأول، حيث يتم تقسيم الطالبات إلى عدة مجموعات مختلفة من حيث المستويات، وبناء عليها يتم توزيع الأنشطة وشرح المهارة، في أجواء تعليمية مفعمة بالنشاط وحب اكتساب كل ما هو جديد.

وتتابع زعتر حديثها لمراسلنا، طبق هذا الأسلوب بعد عودتي من زيارة إلى بريطانيا، وتم عرضه من قبلي ومناقشته على مستوى وزارة التربية والتعليم، وتلقيت دعما كبيراً من قبل مديرة المدرسة وزميلاتي المعلمات اللواتي لم تبخلن علي بالنصائح والتوجيهات، بحيث استطعت بواسطة دعم الجميع تطوير نظمها التعليمية والارتقاء بصفها إلى مستوى التميز.
 
صعوبات
شح الإمكانيات والموارد المادية كانت من أكبر الصعوبات التي واجهت المربية زعتر خلال اتباع أساليب الحديثة والمتطورة، بالإضافة إلى قلة وعي وربما عدم تقبل البعض لما هو بعيد عن الأساليب التقليدية البعيدة عن التلقين، إلا أن المعلمة الطموحة استطاعت تخطي العقبات في سبيل تحقيقها لحلمها في تطوير التعليم الفلسطيني وإحداث نقلة نوعية في أساليبه.

حب الطالبات لمعلمتهن وتعلقهن بها كانت أحد الثمار التي جنتها المعلمة زعتر في مسيرة عطائها وتميزها، فتهافتهن عليها حين قدومها للمدرسة صباحاً، وتجمهر الصغيرات في باحة المدرسة حولها، ولهفتهم الواضحة للحديث معها والنهل من علمها شكلت لها دافعا للأمام، وحافزا قويا للمضي قدما في مسيرة تحقيق هدفها.

شخصية الطالبات
وخلال حوار مقتضب لأحدى تلميذاتها مع مراسلنا، قالت إنها تشعر بالبهجة والسعادة في حصص معلمتها فداء، ولا تجد أي صعوبة في تعلم المواد الدراسية، كما أنها شديدة التعلق بمعلمتها وبصفها.

من جانبها توضح إحدى أولياء أمور الطالبات، إلى أن أسلوب المعلمة لم ينعكس على التحصيل العلمي فحسب، بل إن ذلك أثر على شخصية ابنتها في البيت، فانعكس ذلك ايجابيا على نظامها وسلوكها ونمط حياتها في المنزل وتعاملها مع أفراد العائلة والأقارب.

توجيهات “زعتر”
وترى زعتر في عيون أطفال فلسطين الرغبة في التحدي والحياة، وهذا ما يجعلهم محط اهتمامها الدائم ومصدر إلهام في سعيها المتواصل الدؤوب للرقي بهم وإظهار تمييزهم للعالم أجمع.

وتضيف بهذا الصدد: “لم يعط الطفل الفلسطيني، في ظل ما نعيشه من ظروف سياسية واقتصادية صعبة جراء الاحتلال الجاثم فوق أرضنا على مر سنوات طوال، أدنى حقوقه كطفل على غرار ما يتوافر لجميع أقرانه في بقية دول العالم خاصة العربي، وطالما عانى أطفالنا من تبعات الاحتلال من الأسر والاعتقال والدمار، وهنا يأتي دور مربي الأجيال في تفريغ كبت الطالب والتخفيف عنه.

ومن هنا ومن خلال تجربتها تدعو زعتر المعلم الفلسطيني إلى ضرورة توجيه ما لديه من طاقات وقدرات كامنة من أجل الرقي بأطفالنا وإخراجهم من رتابة الروتين الاعتيادي، والعمل على اتباع كل ما من شأنه أن يجذبهم أكثر إلى المعلومة النافعة له من خلال أساليب تعليمية تعتمد على اللعب والموسيقى والمرح.
 
وبعد اختيارها مع مدرسين اثنين ضمن أفضل خمسين معلما في العالم من بين أكثر من 6 آلاف معلم، تطمح زعيتر إلى الحصول على المركز الأول، مؤكدة أنها ستستغل الجائزة المقدرة بمليون دولار في إنشاء مدرسة للبنات والبنين ذات مواصفات عالية.

إبداع المعلم الفلسطيني 
من جهته يرى الأستاذ مخلص سمارة المدرب في التنمية البشرية والمختص في الشؤون التربوية، أن ما حققه المعلم الفلسطيني بعد اختيار 3 منهم ضمن الأفضل عالميا، لهو تعبير حقيقي عن واقع الإبداع الكامن لدى أبناء الشعب الفلسطيني، ومدى الطاقات المتوفرة لديه وتابع: “أبدع الفلسطيني في كل الميادين، والمعلم هو صانع  الأجيال، وأثبت عبر السنيين تميزه  عن أنداده  في المجتمع العربي وحتى الغربي، الأمر الذي جعله  محط أنظار كثير  من الدول “.

وأردف خلال حديثه لمراسلنا:  “ما حققته زعتر ليس بالغريب، فهناك قدرات وإمكانيات  كبيرة لدى المعلمين الفلسطينيين، بل والخريجين بشكل عام، كيف لا وقد انتزع أبناء الشعب الفلسطيني النجاح من بين أنياب الصعوبات وتحديات الاحتلال، وهذا بحد ذاته  حافز مهم للتميز والإبداع في كافة الميادين”.

وشدد سماره على أن الإمكانيات وشحها وقلتها هو سبب  في عدم  ظهور الكثير من  النماذج المتميزة وخروجها للعلن، الأمر الذي يؤدي إلى وأد أي فكرة ابتكارية أو رغبة حقيقية للتغيير في الأساليب والطرق التربوية وصولا إلى واقع تعليمي أفضل.

المطلوب الآن بحسب سمارة: “دعم المعلم وتوفير كافة الإمكانيات المعنوية قبل المادية، والعمل على تبني الأفكار الخلاقة، والخروج من زاوية الروتين وصولاً  إلى أنماط من التعليم تهتم بالمعلم والطالب والبيئة بشكل مجتمع دون إهمال أي منها”. 

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات

هل أوقفت واشنطن تزويد إسرائيل بالأسلحة؟

هل أوقفت واشنطن تزويد إسرائيل بالأسلحة؟

غزة - المركز الفلسطيني للإعلام بتصريح علني لافت، خرج الرئيس الأمريكي جو بايدن الراعي الأول لحرب الاحتلال الدامية على قطاع غزة، يعلن فيه أن بلاده لن...