السبت 27/أبريل/2024

اليوم الموعود!

حلمي الأسمر

نحن أمام تحولات جارية في المنطقة العربية، ففي الوقت التي تحارب فيه أنظمة عربية كل نَفَس ديني، وتلاحق أصحاب العقيدة، تُفسح “إسرائيل” المجال لاحتضان المتدينين، وتسلمهم أرفع المناصب الخطيرة، خاصة في قطاع الأمن والجيش!

وكما يقول الكاتب الفلسطيني الدكتور صالح النعامي، في الوقت الذي تحذر فيه “إسرائيل” العالم من صعود الإسلاميين وتوليهم مقاليد الأمور في العالمين العربي والإسلامي، فإنها نصّبت متدينين متطرفين على رأس أهم أجهزتها الاستخبارية والأمنية.  

وقد جاء تعيين الجنرال يوسي كوهين رئيساً لجهاز الاستخبارات والمهام الخاصة «الموساد» أخيراً، خطوة إضافية تعكس تغلغل المتدينين الصهاينة في سلم الهيئات القيادية في الجيش والأجهزة الأمنية.

وعلى الرغم من أن كوهين لا يعتمر القبعة الدينية بسبب طابع عمله الاستخباري في الخارج، فإنه معروف بتطرفه الديني، حيث إنه تلقى تعليمه في مدرسة «أور تسيون» الدينية، التي يديرها الحاخام حاييم دروكمان، أحد أبرز المرجعيات الدينية اليهودية وأكثرها تطرفاً.

صحيفة «يديعوت أحرنوت» كشفت أن كوهين يحرص على إلقاء المحاضرات أمام طلاب مدرسة «أور تسيون»، علاوة على تصميمه على تلقي «النصائح» من الحاخام دروكمان بين الفينة والأخرى.  وقد جاء تعيين كوهين بعد أسبوع على مراسم تعيين المتدين الجنرال روني إلشيخ قائداً للشرطة،  حيث إنه كان نائباً لرئيس المخابرات الداخلية «الشاباك».

إلشيخ تباهى في كلمته في حفل التعيين بأن أكثر شخص أثر عليه هي الحاخامة كرميت غيرمان، التي كانت تدير المدرسة الدينية التي كان يدرس فيها في طفولته. وقد اشتهر إلشيخ بـ«ابتكاراته» في مجال طرائق تعذيب الأسرى الفلسطينيين من أجل نزع الاعترافات منهم.

قناة التلفزة الإسرائيلية العاشرة، قالت أن إلشيخ يعكف على زيارة الحاخام شمؤويل ليسكبند، الذي يقود إحدى الجماعات المتطرفة لتلقي النصح والإرشاد. وفي الوقت ذاته، فإن رئيس «الشاباك» الحالي يورام كوهين هو متدين صهيوني، معروف بعلاقاته الوثيقة مع الحاخامات.

وقد أكد روني دانئيل المعلق العسكري في قناة التلفزة الثانية، أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ينوي تعيين جنرال متدين من داخل الشاباك خلفاً ليورام كوهين الذي سينهي أعماله بعد شهر.

وكان الصحافي أمير أورن، قد كشف في تحقيق نشرته صحيفة «هآرتس» في عددها الصادر بتاريخ 12 أيار/ مايو 2014، أن معظم قادة المناطق في «الشاباك» من المتدينين الصهاينة. وعلى صعيد الجيش، فقد كشفت صحيفة «معاريف» في عددها الصادر بتاريخ 8 أيلول/ سبتمبر 2015، النقاب عن أن المتدينين الصهاينة يشكلون حوالي 40% من الضباط القتاليين في الجيش، على الرغم من أن تمثيل التيار الصهيوني لا يتجاوز الـ10% من تعداد المستوطنين.

تخيلوا معي رئيس جهاز أمني، يخرج علينا بتصريحات كتلك التي أطلقها أخيرا يوسي كوهين رئيس «الموساد» حين قال: «يعود فضل قيام دولة إسرائيل إلى مساعدة الله. كان ذلك صحيحاً حينذاك – واليوم أيضًا نحن بحاجة إلى مساعدة الخالق».. ماذا سيقول عنه العلمانيون والمثقفون المتفيهقون واللادينيون العرب؟

“إسرائيل” ترعى التدين، وتربيه، والرسميون في بلادنا يحاربونه ويطاردونه ويخرجونه عن «القانون»، ولكنه متغلغل في نفوس الملايين طبعاً، ولا تستطيع قوة في هذا العالم أن تمنع أصحاب العقيدة من إعداد أنفسهم لذلك اليوم الموعود الذي يستعد له متدينو صهيون!

المصدر: صحيفة الدستور الأردنية

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات