الإثنين 13/مايو/2024

نشاط صهيوني مكثف بشرق المتوسط لتعزيز الجيوبوليتيك

نشاط صهيوني مكثف بشرق المتوسط لتعزيز الجيوبوليتيك

تتباين التقديرات حول مكانة الكيان الصهيوني الدولية ومدى تأثير حركة المقاطعة على ميزانها الاستراتيجي السياسي والعسكري والاقتصادي، لاسيما في ظل اكتشاف حقول الغاز الطبيعي في البحر المتوسط. 

وفيما يظهر أن مكانة الاحتلال في الميزان الدولي، على صعيد الرأي العام والشركات والحركات الشعبية، في تراجع مستمر، فإن بعض التقديرات تشير إلى تعزيز قوة دولة الاحتلال في الميزان الاستراتيجي العسكري والسياسي، عبر التقرّب من دول حوض شرق المتوسط.

وفي هذا السياق، يكشف السفير الصهيوني السابق لدى الأردن، عوديد عيران، في مقالة نشرها على موقع مركز أبحاث الأمن القومي، التابع لجامعة “تل أبيب”، أن العقد الأخير شهد نشاطاً صهيونياً مكثفاً في شرق حوض المتوسط عزّز من قوة الاحتلال في الميزان الاستراتيجي، سواء عبر سياق تعميق وترسيخ العلاقة الصهيونية المصرية، أو الانفتاح والانكشاف على دول في حوض المتوسط مع إرساء علاقات تعاون عسكري وسياسي، كما في حالة اليونان وقبرص، دون إغفال الملف التركي وشبكة العلاقات الصهيونية التركية.

وبحسب عيران؛ فإن الميزان الاستراتيجي الصهيوني شهد تحسناً بفعل عاملين أساسيين: الأول هو نشاط وتحرك سياسي بادرت إليه دولة الاحتلال، وسعت من خلاله لترسيخ علاقاتها في شرق حوض المتوسط (اليونان وقبرص).
 والثاني، وفق عيران، بفعل التطورات العاصفة في الشرق الأوسط وتأثيراتها السلبية على دول المنطقة خصوصاً دول الطوق العربي، كما في حالة الثورة السورية لجهة إضعاف الخطر السوري، أو لجهة ارتباط دول الجوار بعلاقة تنسيق وتعاون أمني وسياسي مع الاحتلال، كما في حالة النظام المصري.

وفي الشأن المصري، رأى عيران أنّ الهزّة التي ضربت مصر مع الثورة المصرية والإطاحة بنظام حسني مبارك، ثم نجاح الثورة المضادة عبر انقلاب عبدالفتاح السيسي، عززت في نظر النظام المصري الحالي من أهمية التعاون مع دولة الاحتلال، خصوصاً على الصعيد الأمني، وفيما يتعلق بحرب النظام المصري على جماعة “الإخوان المسلمين”، وضدّ “الإرهاب” في شبه جزيرة سيناء.

ولا يخفي عيران أن تعزيز وترسيخ النظام المصري والقضاء على الإرهاب هو مصلحة صهيونية صرفة، ناهيك عن تقاطع مصالح الطرفين في كل ما يتعلق بقطاع غزّة، وإن كان البلدان، فشلا بحسب رأيه، في تطوير استراتيجية مشتركة لجهة محاربة الإرهاب وقواعده من جهة، ووضع أسس تساهم في التوصل إلى حل بعيد المدى في موضوع غزة، من جهة ثانية.

وعلى الصعيد الاقتصادي، فإن الغاز الصهيوني ومنشآت تحويل الغاز إلى حالته السائلة الضرورية لنقله والقائمة في مصر، إضافة إلى الحاجة المصرية للغاز الصهيوني، إلى حين تطوير واستخراج مخزون الغاز المصري، تشكل جميعها مصلحة مشتركة للطرفين.

وعلى صعيد النشاط في حوض المتوسط، يشير عيران إلى الأهمية التي بدأت تكتسبها قبرص في شرقي حوض المتوسط في ظل ازدياد أهمية المجال البحري، اقتصادياً وأمنياً، في السنوات الأخيرة.

 وهنا يبرز الكاتب أهمية الزيارة الأولى من نوعها لرئيس حكومة الاحتلال، بنيامين نتنياهو لقبرص في العام 2012، وما تمخض عنها من إرساء أسس للتعاون بين البلدين تعززت بعد زيارة ثانية لنتنياهو عام 2015، تم خلالها تطوير المصالح المشتركة في قطاع الغاز، إذ تبين أن شركات صهيونية تملك حقوقاً في أعمال التنقيب عن الغاز الطبيعي في الحوض 12 الكائن في المياه الاقتصادية لقبرص، ناهيك عن قرب قبرص جغرافياً من الدول المصدرة للغاز الطبيعي، أو لقربها من الدول الأوروبية، وبالتالي قد تشكل محطة رئيسة في توجيه الغاز الصهيوني إلى أوروبا.

وينتقل عيران بعد ذلك للإشادة بنجاح الدبلوماسية الصهيونية باستمالة رئيس حكومة اليونان، أليكسيس تسيبراس، وهو ما تجلى في زيارة الأخير للأراضي المحتلة، والتي عززت من “الميزان الاستراتيجي الإسرائيلي” خصوصاً أن الزيارة تمت في أوج حملة الانتقاد الأوروبية للمستوطنات الإسرائيلية وتمرير قرار مفوضية الاتحاد الأوروبي بشأن وسم منتجات المستوطنات.

ويلفت عيران إلى تطور التعاون العسكري والأمني بين الاحتلال واليونان في السنوات الأخيرة رغم وجود حكومة يسار في اليونان.

وقد بلغ هذا التعاون درجات عالية تمثلت بمناورات وتدريبات جوية مشتركة للجيشين اليوناني والصهيوني في أجواء اليونان.

 وقد تم خلال زيارة تسيبراس الأخيرة الاتفاق على تدريبات مشتركة تضم سلاح الجو القبرصي، والإعلان عن عقد لقاء مشترك لرؤساء حكومات الدول الثلاث في المستقبل القريب.

ولا يمكن عزل التطور في العلاقات مع كل من اليونان وقبرص عن تدهور العلاقات الصهيونية التركية؛ فتركيا بفعل وزنها في حلف شمال الأطلسي، ساهمت في الحد من محاولات رفع مكانة دولة الاحتلال في الحلف. 

وتحاول دولة الاحتلال موازنة الدور التركي بالاستعانة بمواقف مضادة تأمل بأن تتبناها اليونان وقبرص، بالركون إلى العداء التاريخي بين تركيا من جهة وبين اليونان وقبرص من جهة ثانية.

وعلى الرغم من السعي الصهيوني لإيجاد طرف يساعدها على موازنة الطرف التركي، فإن عيران يدعو إلى عدم إغفال أهمية إعادة العلاقات بين الكيان الصهيوني وتركيا إلى مجاريها بفعل أهمية الدور التركي المرتقب في بلورة سورية المستقبل، من جهة وأهميتها للاقتصاد الصهيوني بفعل كونها دولة يمر عبرها النفط من جهة ثانية.

المصدر: وكالة الأناضول التركية

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات