السبت 04/مايو/2024

حماس ومصر.. مستقبل العلاقة الشائكة (تقدير استراتيجي)

حماس ومصر.. مستقبل العلاقة الشائكة (تقدير استراتيجي)

تمهيد
 شكّل الحكم الصادر من محكمة الأمور المستعجلة المصرية باعتبار كتائب عز الدين القسام، الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية “حماس” تنظيماً “إرهابياً”، انعطافة في رسم مفهوم العلاقة التي يقوم عليها الدور المصري في الملف الفلسطيني بشكل عام وعلاقتها بالملفات التي تمس المقاومة وتديرها بشكل خاص؛ كملف التهدئة وعمليات التفاوض حول الجنود “الإسرائيليين” الأسرى لدى المقاومة وغيرها.

المستوى الرسمي المصري الحالي في ظل عهد عبد الفتاح السيسي، الذي ظلت علاقته شائكه في طريقة تعاطيه مع قطاع غزة، لم يصدر أي موقف تجاه حكم المحكمة، ليس من باب الفصل ما بين القرار السياسي والقضائي كما يعتقد البعض

المستوى الرسمي المصري الحالي في ظل عهد عبد الفتاح السيسي، الذي ظلت علاقته شائكه في طريقة تعاطيه مع قطاع غزة، لم يصدر أي موقف تجاه حكم المحكمة، ليس من باب الفصل ما بين القرار السياسي والقضائي كما يعتقد البعض، وإنما قد يكون من باب استقراء لجميع المواقف وردات الفعل حول قرار المحكمة، والإبقاء على الخيار الذي يتخذه لمستقبل العلاقة منوطاً ببعض العوامل والمحددات التي في غالبها ستنسجم والرؤية التي يقوم عليها النظام منذ قدومه مع قطاع غزة، وهي في منطلقها لا تراعي فقط الرؤية المصرية لوحدها بقدر تشابكها مع رؤى أخرى تتشكل من أبعاد إقليمية والمحاور التي تشكلت في أعقاب الربيع العربي، وكذلك الرؤية الأمريكية من قطاع غزة وحركة حماس بشكل خاص، إلى جانب الرؤية “الإسرائيلية”.

من هنا، فإن قراءة سليمة لطبيعة الرؤية المصرية من المقاومة الفلسطينية بعموميتها وحماس بخصوصيتها، من شأنها أن ترسم طبيعة العلاقة المستقبلية في ظل بقاء الدعائم الرئيسة التي يقوم عليها النظام المصري الحالي، فمنذ الإطاحة بالرئيس المصري المنتخب محمد مرسي، بدأت وتيرة “الاستهداف” الإعلامي والميداني لحركة حماس؛ ففي الجانب الإعلامي تصاعدت الهجمة الإعلامية من مجرد تصريحات من بعض الإعلاميين والمحرضين إلى برامج تلفزيونية كاملة تفرد لتوزيع الاتهامات على الحركة، بل وصل الحد في بعضها إلى التحريض على القتل ومحاربة قطاع غزة. وميدانيا بدأ النظام بحملة مبرمجه لهدم الأنفاق على الحدود المصرية الفلسطيينة طالت أكثر من 1700 نفق حتى يونيو 2014، وعلى صعيد الحصار والمعابر لم يتغير شيء عما عاشه القطاع في عهد الرئيس المخلوع حسني مبارك.

أبعاد علاقة نظام السيسي مع حماس

أولاً: البعد القضائي

يحاول النظام المصري الحالي برئاسة عبد الفتاح السيسي رسم العلاقة المصرية مع حماس من منطلق قضائي؛ تحقيقاً لأهداف عدة 

يحاول النظام المصري الحالي برئاسة عبد الفتاح السيسي رسم العلاقة المصرية مع حماس من منطلق قضائي؛ تحقيقاً لأهداف عدة تنبع من:

ü     خلق “هالة” الخوف لدى كل من يحاول مساعدة المقاومة الفلسطينية، أو إمدادها بكل سبل تعزيز قدرتها، وهذا قد يكون ضمن رؤية يتوافق فيها النظام مع مصلحة المحاور التي يمثل عضويتها، سواء في العلاقة الإقليمية أو الأمريكية أو “الإسرائيلية”.

ü     تغليف العلاقة بمعزل عن السبب الرئيس لمحاكمة الرئيس المنتخب محمد مرسي بتهمة “التخابر” مع حركة حماس، وبالتالي عدم إيجاد ثغرة تمكن أيًّا من منتقديه الحديث عنها في طبيعة العلاقة مع حركة حماس، خاصة في ظل ما يعيشه النظام الحالي من حالة تكشف لطبيعة الأسس التي قام عليها.

ü     الإبقاء على حالة الخوف الداخلية لدى الغالبية البسيطة في الشارع المصري تجاه حركة الإخوان المسلمين من جهة، والحركة الثورية للشارع المصري التي أطلقت شرارة ثورة 25 يناير ضد نظام حسني مبارك، وبالتالي هنا يتحقق مبدأ عقاب البعيد ليخاف القريب.

ولتحقيق هذا البعد، فقد تم اتخاذ عدة خطوات تجاه حركة حماس:

Ø     اتهام محكمة جنح الإسماعيلية في 23 يونيو/حزيران 2013 عناصر من حركة حماس وأطراف أخرى بالمشاركة في اقتحام سجن وادي النطرون لتهريب المعتقلين الإخوان أثناء ثورة يناير.

Ø     قيام محكمة مصرية في آذار/ مارس 2014 بحظر نشاط حركة حماس في مصر والتحفظ على ممتلكاتها، بالرغم من أن الحركة هي فلسطينية النشأة والوجود والنشاط. وهذا ما تؤكده الحركة نفسها، وما يؤكده تاريخها منذ نشأتها حتى الآن.

Ø     يناير 2015 رفضت محكمة القاهرة للأمور المستعجلة” النظر بدعوى اعتبار حركة حماس “منظمة إرهابية” لعدم الاختصاص، وعلى الرغم أن هذا القرار عُدّ موقفا إيجابيا من النظام المصري الحالي، إلا أنه أثار تساؤلات حول طبيعة الخطوات الأخرى التي لحقت به.

Ø      يناير 2015 قضت محكمة القاهرة للأمور المستعجلة، باعتبار كتائب القسام الجناح العسكرى لحركة حماس كـ”منظمة إرهابية”.

ثانياً: البعد الأمني من خلال جهازات المخابرات

وهذا يأتي امتداداً لطبيعة العلاقة التي كان يقوم عليها نظام الرئيس المخلوع حسني مبارك؛ إذ إن جهاز المخابرات هو من يتابع ملف قطاع غزة بكل مكوناته بما فيها المقاومة الفلسطينية وعلى رأسها حماس، ويأتي تعامل نظام السيسي مع حركة حماس من هذا المنطلق تحقيقاً لعدد من الأهداف:

ü     اعتبار السلطة الفلسطينية هي “العنوان” الرئيس للقضية الفلسطينية، بغض النظر عن طبيعة شكل العلاقة معها أو طبيعة أسس هذه العلاقة، وهذا يأتي متماشياً مع موقف السلطة الفلسطينية من النظام السياسي الحاكم، وموقفها من حكم الإخوان، وكذلك تماشياً مع متطلبات المحاور الإقليمية والدولية التي ترفض التعاطي مع حركة حماس كممثل للشعب الفلسطيني أو كلاعب سياسي رئيس رغم حصولها على الأغلبية في انتخابات المجلس التشريعي في العام 2006، وهو محصلة عدم اعتراف حماس بمطالب “الرباعية الدولية”.

ü     المخاوف الدولية و”الإسرائيلية” من قدرات المقاومة وأدائها والملفات التي تديرها كالتهدئة وصفقات التبادل وغيرها يجعل من “الجهاز الأمني المصري” خياراً قريباً ومقبولاً للوساطة في أيٍّ من القضايا التي تكون المقاومة طرفا فيها.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات