الأحد 05/مايو/2024

الخبير عمر جعارة: المفاوضات بيد أمريكا والمقاومة متماسكة

الخبير عمر جعارة: المفاوضات بيد أمريكا والمقاومة متماسكة


قال أستاذ العلوم السياسية بجامعة النجاح الوطنية الخبير السياسي عمر جعارة إن المفاوضات الجارية حاليا ليست فلسطينية وصهيونية وإنما هي مفاوضات أمريكية خالصة، يطبق فيها ما يريده الأمريكي فقط، عدا أن المفاوضات بوضعها الحالي ستكون نتيجتها صفر، ولن تعيد شيئا من الحقوق الفلسطينية.
 
لكنه في مقابل ذلك أشاد بتماسك المقاومة الفلسطينية في غزة، ونوه إلى أن الصهاينة باتوا يحسبون لها حسابا، وأن الاحتلال لن يجرؤ على العدوان على غزة وغزة قادرة على ضرب “غوش دان” وما بعدها.
 
ورأى جعارة خلال حديث خاص لـ”المركز الفلسطيني للإعلام” أن “أي مفاوضات في التاريخ وخاصة المفاوضات التي تمت في القرن العشرين عندما تكون بين خصمين يجب أن يكون الخصمان متوازيين حتى يعطي هذا أو يأخذ من هذا”.
 
قاعدة فاسدة

لكن برأيه، فإن القاعدة التي تقوم عليها المفاوضات الفلسطينية الصهيونية لا تسمح للمفاوض الفلسطيني أن يكون قويا أو أن يأخذ من المفاوض الصهيوني أيا من حقوقه.
 
كما يرى أن “المفاوضات اليوم ليست فلسطينية صهيونية بأي شكل من الأشكال، بل مفاوضات أمريكية أمريكية، يعني ما يريد أن يعطيه الأمريكي يعطيه وما لا يريد ألا يعطيه لا يعطيه، حسب ما قال.
 
وقال: “لذا هي ليست مفاوضات، بل تستر على ما يريد أن يعطيه الأمريكي للفلسطينيين أو تستر على ما يريد أن يأخذه الأمريكي من الصهيونيين، هذه قاعدة أساسية لا يختلف عليها أحد لا في رام الله ولا في غزة ولا في أي مكان في العالم لأن هذا ما نشاهده الآن ومنطق الحدث الحقيقي”.
 
وذكَّر بالمفاوضات الأمريكية الفيتنامية، وكيف أنها جاءت من منطق ورقة القوة التي لعبت بها فيتنام في مواجهة أمريكا، لافتا إلى أن الحرب آنذاك أخذت منحى خطيرا حين قامت فيتنام الشمالية يوم 30 مارس 1972 بهجوم كاسح نحو الجنوب داخل منطقة “كانغ تري” متجاوزة بذلك المنطقة المنزوعة السلاح.
 
ولفت إلى أن رد الفعل الأميركي كان مزيدا من القصف الجوي، إلى أن أسقط الفيتناميون طائرة بي 52 الأمريكية، وحينها اضطرت أمريكا لخوض المفاوضات، وبينما كانت نيران الحرب تشتعل بدأت المفاوضات السرية بين الطرفين، حيث اجتمع مستشار الرئيس الأميركي لشؤون الأمن القومي يومها هنري كيسنجر بمندوب فيتنام الشمالية دوك تو.
 
مفاوضات منطق القوة

 وأضاف جعارة “أرأيت متى حدثت المفاوضات، حين بدأت أمريكا تواجه صمودا من نوع جديد، الفيتناميون لا يمتلكن الترسانات، بل يقاتلون بأسلحة بسيطة، أنفاق وكمائن وأسلحة بسيطة، وبعد ذلك وجدنا الجمهور الأمريكي بالكامل يرفض هذه الحرب”.
 
وتابع أن “المفاوض الفلسطيني في المقابل لم يتمكن من الحصول على أن يفكك بيتا لمستوطن بني بعد عام 67، لذلك أؤكد أن هذه المفاوضات هي مفاوضات أمريكية أمريكية، وهذا ما قاله مسئول ملف التفاوض سابقا أحمد قريع عبر الجزيرة أن أوسلو فرضت علينا فرضا”.
 
وفي هذا السياق، نبه أستاذ العلوم السياسية إلى أن “التفاوض بحذ ذاته ليس عملا مرفوضا، إنما نتائج التفاوض هي التي يجب التكلم فيها، وكما ترى نتائج التفاوض منذ كامب ديفيد وواي ريفر وواشنطن والقاهرة وشرم الشيخ وأوسلو وغيرها، على الأرض لا شيء”.
 
وأوضح “يجب عدم نقض التفاوض، لكن يجب النظر إلى نتائجه، ونحن لا نريد أن نتنبأ، لكن هناك قاعدة يمكن الاستفادة منها، كل المفاوضات السابقة لم تسفر عن تفكيك بيت مستوطن واحد، ولا اعتراف حقيقي بالحقوق الفلسطينية، إذن ما الفائدة منها؟”.
 
وأكد على أنَّ “المفاوض الفلسطيني لن يتوصل لشيء على الأرض، وهذا ليس نبوءة، لكن يمكن قراءته من كلام رئيس الحكومة الصهيونية بنيامين نتنياهو والساسة الصهاينة وللإعلام الصهيوني”.
 
وقال: “لن تجرؤ أي حكومة صهيونية مهما كان لها قاعدة في الكنيست، أن تقدم شيئا حقيقيا للفلسطينيين، فأمريكيا هي صاحبة القرار، وما تريد أن تعطيه للفلسطيني تعطيه، وما لا تريد أن تعطيه لن تعطيه”.
 
وحول إمكانية تخلي المفاوض الفلسطيني عن ملف القدس في المفاوضات الجارية بسبب ضعف الموقف الفلسطيني، قال: “للأسف القدس كانت تطرح في كل مرة في قضايا الحل النهائي، لكن الصهيونيين يرفضوا في كل مرة أن يبحثوها، ونحن لا نستطيع فرضها لأننا ضعفاء”.
 
الضفة رهينة بيدهم

ويرى جعارة أن “الوضع في الضفة الغربية الآن غير مؤهل للتفاوض مع الصهيوني، لأن الضفة بكاملها هي رهينة بيد الصهيوني”.
 
وأضاف “لا أحد ينكر أن هناك 2 مليون تحت الحصار بغزة وأكثر منهم في الضفة رهينة بيد الاحتلال، والمحاصر أقدر من الرهينة على المقاومة، لكن في الضفة نحن رهينة بكل ما تعنيه الكلمة من معنى، والتفاوض في ظل هذا الجو منعدم النتيجة”.
 
وقال: “الناس لازالت لم تستوعب أن المنطقة خاضعة للهيمنة الأمريكية، وأن “إسرائيل” محتلة أمريكيا، هناك تجارب على المفاوض الفلسطيني الاستفادة منها، ليس هناك خصمين في التاريخ لم يتفاوضا، لكن ما هي نهاية التفاوض؟ نحن اليوم غير مؤهلين، لأن الصهيوني يعتبرني غريبا ونجسا وكنعانيا سيئا، يمارس علي الأصولية الفكرية اليهودية”.
 
وحول مستقبل السلطة الفلسطينية برمتها في خضم هذا الفشل الذريع لخيار المفاوضات، قال: “حين رفض الرئيس الراحل ياسر عرفات بأيّ اتفاق في كامب ديفيد مع باراك وكلينتون قال له كلينتون لقد أنهيت حياتك السياسية يعني حكم عيه بالإعدام، وهذا ما حصل”.
 
وزاد “اليوم الأمريكي والصهيوني لو أراد شيئا من القيادة الفلسطينية ورفضت ستتعرض لنفس ما تعرض له عرفات، لكن على السلطة أن تصمد، وهذا موقع متقدم جدا للفلسطينيين للصمود في وجه الصهاينة ورفض الإملاءات الأمريكية”.
 
صمود في وجه الإملاءات

وقال إن “القيادة الفلسطينية اليوم مدعوة ألا توقع على نتائج سياسية تعطي شرعية فلسطينية للوجود الصهيوني على الأقل في حدود عام 67 بما فيها شرق القدس، وعلى القيادة في رام الله أن تعلم أن الإملاءات الأمريكية ليست سهلة لا على صعيد يهودية الدولة أو الاستيطان أو الأسرى أو غير ذلك، وأن الصمود هو الحل الأسلم”.
 
وعن موقع خيار المقاومة في مقابل خيار المفاوضات العبثية، أوضح جعارة أن “الوضع الفلسطيني بشكل عام ليس سيئا، وإن وضع المقاومة في غزة متماسك ومتين ويحسب له الصهاينة حسابا، ولك أن تتصور أن أحد صقور الليكود أعلن من أمام مستشفى كان يعالج فيه أحد الجنود جراء إصابته بعملية خانيونس مؤخرا أن “الهدوء مقابل الهدوء”.
 
وتساءل “ما الذي دعاه اليوم للتصريح بذلك؟ لماذا ليس منذ زمن بعيد لم يكن الهدوء مقابل الهدوء؟ من الذي اخترق الهدوء سواكم؟ هذا إنجاز كبير للمقاومة بغزة”.
 
أما المفاوض، حسب جعارة، فإن أي إنجاز يمكن أن يحصل عليه في ظل هذا الضغط الرهيب للأمريكان والصهاينة على السلطة هو إنجاز، وقد يكون له ثقل تراكمي، رغم أن أمريكا فقط هي التي تقرر، لا تستطيع “إسرائيل” أن تقول لأمريكا لا، مشكلتنا مع أمريكيا التي تدعم “إسرائيل” من كأس الماء حتى الفانتوم”.
 
المقاومة تتألق

وشدد على أن الواقع اليوم على الأرض يشير إلى أن “الصهيوني” بات يحسب حسابا كبيرا للمقاومة، إذ إنها أثبتت نفسها وقدرتها على قصف غوش دان بصواريخ حقيقية خلال الحرب الأخيرة”.
 
وفيما إذا كانت غزة معرضة الآن لعدوان جديد في إطار هذه التطورات، أشار جعارة إلى تصريحات أدلى بها قائد الجبهة الجنوبية في الجيش الصهيوني حين قال “نريد نظاما وانضباطا في غزة”.
 
واستدرك “لكن الصهيوني هو الذي هجم على غزة في 2008 و 2012 رغم الهدنة التي كانت معلنة حينها، لذا أصبح الصهيوني لا أمان له حتى لو كان هناك هدنة، هم لا يلتزمون بوقف النار تاريخيا، لكن الآن هناك موقف رائع يقول الهدوء مقابل الهدوء، لا يستطيع “الصهيوني” اليوم مهاجمة المقاومة طالما أن المقاومة تصل غوش دان وما هو أبعد من غوش دان، وليجربوا”.
 
وفي موضوع المصالحة، قال أستاذ العلوم السياسية: “لا بد أن نتفق أن الجسد لا يسير برأسين، والشعب بحاجة لرأس واحد يقوده، كيف يتفق الشعب على رأس هنا المشكلة”.
 
وقال: “لا بد أن ندرك حقيقة هامة، وهي أن أمريكا التي جزأت البلدان العربية هي نفسها التي تريد الفلسطينيين برأسين، وحين يصبح هناك وحدة عند الوطن العربي سيكون هناك وحدة عند الفلسطينيين، مشكلتنا مع أمريكا” وفق رأيه.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات